يسعى المجرم نتنياهو إلى استثمار ما يروّجه الإعلام اليميني بوصفه «نصرًا تاريخيًا» على إيران، مستفيدًا من ارتفاع نسب التأييد له في استطلاعات الرأي، رغم تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية.
داخليًا، يواجه ملفات فساد مفتوحة، وأزمة ثقة بعد فشل 7 أكتوبر، وتعقيدات ملف الأسرى، وأزمة تجنيد الحريديم، فضلًا عن تصدعات داخل ائتلافه الحاكم. وخارجيًا، تلاحقه تهم الإبادة في غزة، وتتهدده المحاكمة الدولية كمجرم حرب.
في هذا السياق، ومع اقتراب نهاية عمر حكومته، يسعى نتنياهو لعقد صفقة تبادل أسرى تعزز شعبيته، حتى وإن أطاحت بحكومته الحالية، تمهيدًا للدعوة إلى انتخابات مبكرة يجدد من خلالها شرعيته السياسية. بذلك يأمل في الإفلات من أزمة تجنيد الحريديم، وتسكين ملف الأسرى، وغسل يديه من دماء غزة، وتلميع صورته المتصدعة بعد طوفان السابع من أكتوبر، وصولًا إلى إعادة قطار التطبيع إلى سكّته من موقع “المنتصر”.
لكن الواقع يكشف أن «النصر» المزعوم لم يحقق أهدافه الاستراتيجية: العدوان الجوي لم يقض على المشروع النووي الإيراني، ولم تُدمّر ترسانة الصواريخ أو مخزون الطائرات المسيّرة، بل على العكس، عززت من تماسك النظام الإيراني داخليًا، ورفعت رصيده إقليميًا. واضطرت تل أبيب إلى قبول وقف إطلاق النار، دون أي مكاسب سياسية أو تفاهمات ملزمة، رغم الشراكة الأميركية المباشرة.
هذا القبول يعكس هزيمة استراتيجية مزدوجة: فشل إسرائيل في حسم المواجهة مع قوة إقليمية كبرى بما لا يسمح لها بإعادة الكرّة، وانكشاف جبهتها الداخلية على نحو غير مسبوق.
فالتهدئة الحالية لا تعدو كونها محطة مؤقتة في صراع مفتوح، وسط تراجع الوزن الاستراتيجي لدولة الإبادة، وتعاظم الإحساس بهشاشة منظومة الردع لديها. ومع ذلك، قد ينجح النتن في تمرير طموحاته الشخصية، بينما تغرق (إسرائيل) أكثر فأكثر في نرجسيته السياسية.
*كاتب وسياسي فلسطيني