الواقع والأسطورة (6)

أحمد يحيى الديلمي

 - صنعاء تداعيات النهب
مثلت عملية النهب لصنعاء عام 1948م أعظم فاجعة في تاريخ المدينة الحديثة كانت كارثة بكل المقا
أحمد يحيى الديلمي –
صنعاء تداعيات النهب
مثلت عملية النهب لصنعاء عام 1948م أعظم فاجعة في تاريخ المدينة الحديثة كانت كارثة بكل المقاييس ترتبت عليها تداعيات خطيرة أثرت على خارطة التوازنات الاجتماعية وقلبت سلم التموضعات في العمل التجاري رأسا على عقب لأن عملية الاقتحام والنهب تمت بشكل مباغت ولم يتسن للكثيرين وضع الاحتياطات الاحترازية مثل إخفاء الأموال والأشياء الثمينة لأن البنوك كانت غير موجودة في تلك الفترة وكان كل تاجر يحتفظ بالمال في غرفة نومه أو يودعها في سمسرة محمد بن حسن المكان المخصص لحفظ الودائع وتبديل العملات وهذه الاخيرة كانت نادرة لأن العملة النقدية كانت فضية يأخذها التجار معهم إلى عدن لشراء ما يحتاجونه.
المهم أن النهب طال كل شيء حتى فراش دور العبادة وأدوات الطبخ في المطاعم وسماسر السكن. حتى من قاموا ببعض الاحترازات اما بدفن الأموال في الأرض أو في خزائن خاصة تم تغطيتها بالفعل لتصبح جزءا من الجدار اكتشف القبائل الطريقة وكانت أساس ما حاق بالمساكن من خراب وكانت التداعيات أكثر خطورة في جانب رسم خارطة اهتمامات الناس إذ عشعش الخوف في النفوس وكان له تأثير كبير على الموقف من ثورة 26 سبتمبر فلو عدنا إلى ما حدث من أتساع في عملية البناء خلال السنوات الأولى لوجدنا أن أموال المغتربين الذين كانوا في الحبشة والودان هي التي أسهمت في بناء شارعين في صنعاء وهما شارع الزبيري وشارع علي عبد المغني بينما التزم تجار صنعاءوالسودان الحذر والتقوقع خلف السور.

حصار السبعين
كان حصار السبعين يوما لمدينة صنعاء من قبل القوى الملكية بمثابة الصعقة الكهربائية التي فاق معها الناس في صنعاء من سكر الغياب.
ما تعرضت له صنعاء من قصف وخراب ودمار وإزهاق للأرواح البريئة انتزع متارس الخوف وتذبذب المواقف من أعماق النفوس وأسقط كل ذرائع ومبررات الناس الذين كانوا يمنون الناس بالفرج وعودة الأمور إلى مجاريها عملية القصف المدفعي العشوائي التي كانت تهل على صنعاء من كل الجبال المحيطة خلقت رد فعل عنيف خاصة أن الحصار ترافق مع رحيل القوات المصرية أثارت العدوان ضد الثورة وكما يقال في المثل الشائع «ومن الحب ما قتل».
فلقد استغل الكثيرون خوف المصريين في تصفية الحسابات مع الآخرين كل من اختلف مع شخص يكتفي بإبلاغ المباحث أو المخابرات بأن خصمه على علاقة بالقوى الملكية أو انه بعثي أو شيوعي وهذه الأخيرة لا تصدق خبرا تبادر إلى استدعاء المشكو به والزج به في غياهب السجن مما وسع دائرة العداء للثورة زادت الطين بلة تلك المماحكات التي قادت إلى إعدام عدد من رموز الثورة والتمثيل بأجسادهم بعد القتل إذا كان البعض قد اعتبر ما جرى لهادي عيسى انتقاما الهيا لما اقترفه من آثام راح ضحيتها الأبرياء فإليه تنسب المقولة الشهيرة «قد اسمه جاء» إذ يقال أنه يكشف أن الشخص الماثل أمامه ليس المطلوب وأنه برئ مع ذلك يأمر بإعدامه قائلا «قد اسمه جاء» إذا كان الناس قد تكشفوا في عيسى فانهم ضاقوا ذراعا بقتل الزعيم محمد الرعيني ليس لأنه من الثوار فقط بل لأنه كان شخصية وطنية اتسم سلوكه بالتواضع والنزاهة وكان على صلة وثيقة بأهل صنعاء كلما لجأوا إليه عندما تنتشر الفوضى وتتم الاعتقالات بطرق عشوائية وأن انعدمت الأسباب والدوافع.
كل هذه الأحداث غابت تأثيراتها بعد أن تعرضت صنعاء للقصف هب كل أهل صنعاء للانخراط في لجان المفاوضة الشعبية وتصدروا الصفوف للدفاع على المدينة.

أحداث أغسطس
كما هو حال تجار الحروب وأصحاب الرغبات الدنيئة والمصالح الضيقة ضاقوا ذرعا من مشاهد التلاحم المصيري الذي تحبسد في الواقع بين وحدات الجيش وقوى الشعب واستفزهم أن المشهد يتسع وحالة التكامل تكبر وتعكس كل معاني الإيثار والتضحية بما في ذلك مد قوى الجيش بأنواع الأكل وحماية ظهورهم من الأعداء المشهد البديع استفز من أسلفنا لم يتحملوا مضامينه الوطنية وأبعاده الإنسانية فبادروا إلى الشحن الطائفي بكل صوره البشعة حتى تفجر الوضع وحدثت تلك المجازر البشعة بين رفاق السلاح وأخذ المواطنون من أبناء صنعاء قسطهم من تلك الحرب العبثية وكان للواقع أثر سلبي بالغ أصاب النفوس بالأسى والحسرة والإحباط ومثل الثغرة الخطيرة التي حتمت الانصياع للمصالحة وكل المحاولات التي سعت لإجهاض الثورة من الداخل.

أحداث 2011م
ما أشبه الليلة بالبارحة فها هي صنعاء أجزاء منها تتعرض لنفس الهجمة الشرسة بعد مضي نصف قرن على ثورة سبتمبر المباركة ولن أسترسل في الحديث عن الواقعة لأن مشاهدها قريبة ولا تزال حية في الأذهان إلى جانب أن لدي بحثا خاصا عن ثورة الربيع العربي بأبعادها وتأثيراتها السلبية والإيجاب

قد يعجبك ايضا