رمضان.. الماضي والحاضر
محمد عمر كويران
محمد عمر كويران –
( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )
رمضان شهر الطهر والتزكية والسمو .. شهر تتجلى فيه عبادة المسلمين فتسمو أرواحهم وتصفو نفوسهم وتزول أدران الإنسان فيهم وترتقي في عالم الروح أحاسيسهم مرتفعة عن متاع الدنيا الفاني .. يصوم المسلم في رمضان النهار .. ويقوم الليل .. متبتلا مبتهلا إلى الله .. راغبا في طاعته .. مقبلا على ما يقربه إليه من قربات .
هذا هو رمضان .. لقد جاء على الأمة الإسلامية اليوم وحال الأمة ليس كحالها بالأمس .. زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام .. وزمن السلف الذي عرف معنى الصوم وفهم مقاصده فأدى شهر الصوم حقه ..
ليس رمضان اليوم كرمضان الأمس .. فرمضان الأمس كما فهمه المسلمون وصاموه كان وقاية للنفس الإنسانية عن جميع شهواتها المادية وتهيئتها لعظائم الأمور , وتعويدها الصبر والاحتمال ..
لم يكن رمضان الأمس كما فهمه سلفنا الصالح كرمضان اليوم .. فمعظم المسلمين اليوم غابت عن مفاهيمهم مقاصد شهر الصيام الحقيقية .. لقد غاب عنهم الإحساس بأن مشقة الصيام زاد روحي أعني أن متاع الدنيا كله .. فغذا الكثيرون من أبناء المسلمين في مختلف أقطار الدنيا يستقبلون هذا الشهر باسلوب مختلف عن اساليب الأجداد.. إنهم ينظرون إلى رمضان وكأنه شهر الراحة والدعة لا شهر الانتصارات التي عرفها المسلمون في رمضان .. لقد نسى مسلمو اليوم ــ وللأسف ــ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم كلما هم بغزوة من الغزوات وذلك توطينا لنفسه الشريفة على احتمال ما يلاقيه تقربا إلى أما على مستوى الأجهزة الرسمية في الدول فأن استقبال رمضان شذ عن الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. حتى صار رمضان كما يراه المسلمون جميعا موسما من مواسم اللهو لا سيما على شاشة التلفزيون داخل كل بيت وللأسف .. وكثيرا ما تبث فضائيات الدول الإسلامية ما يسيء إلى مقاصد الصوم و أهدافه.
إننا لو وازنا بين ما فعله الأوائل في رمضان . وما يفعله الناس اليوم لوضعنا ألف علامة استفهام على الذين يشجعون على مجالات اللهو والتسلية في هذا الشهر الكريم .
فهؤلاء يمارسون ــ من حيث لا يشعرون أو يشعرون ــ سياسة مؤداها تفريغ هذا الشهر الكريم من جوهره الذي يقوم على مقاصد روحية و سلوكية من شأنها أن تمد المجتمع المسلم بالحركة و النماء والتماسك والقوة .
هنا لا بد من تذكير شباب المسلمين بأن أجدادهم الأوائل لم يجعلوا من رمضان شهرا للمهرجانات .. ولا موسما للسهرات . و إنما كان رمضان شهرا زاخرا بالانتصارات على الأعداء .. وكان شهرا حافلا بالفتوحات التي دكت معاقل الشر وزلزلت أركان الوثنية والإرهاب ونشرت الإسلام في ربوع الأرض .
على أن انتصارات المسلمين الأوائل في رمضان وغير رمضان كانت مسبوقة بانتصاراتهم على أنفسهم قبل كل شيء .. كانوا إذا ما استعدوا لحرب في صوم أو قيظ يستشعرون حلاوة الجهاد منذ أول لحظة للأعداد .. فأين هذا مما يعيشه المسلمون اليوم ¿ !
أن المجتمع المسلم مطالب اليوم بفهم معاني رمضان كما فهما أسلافنا رحمهم الله .. وهو مطالب بإعادة قدسية هذا الشهر الكريم إليه ..بتطهير الساحة الإسلامية من الطفيليات التي يكثر