الصوم تعزيز ليقظة الضمير
حسن أحمد اللوزي
حسن أحمد اللوزي –
الصوم ركن عظيم من أركان الدين الإسلامي الحنيف وهو عبادة خاصة بالغة السمو والروحانية لتمازجها مع الصلوات وصلتها بالذكر وتوثيق العلاقة بالقرآن الكريم يحتاج الإنسان إلى كتاب شامل للإحاطة بهذه الفريضة السنوية لتميزه في الهيئة التي تقوم عليها الشروط والعناصر والمستحبات التي تتشكل بها ولا يتأتى أداؤها الكامل إلا بها مما أغنته كتب الفقه والحقيقة تفصيلا بالنظر والتأمل والفهم والاستنباط وبخاصة في العلاقة التي تنسجها في بنية الإنسان الروحية والنفسية واستكشاف قوته وسلامته البدينة وعلاقة الإنسان بضميره الذي هو الرقيب والحكم والمستفيد الأول والضابط للفريضة في الوقت المحدد لأدائها في كل نهار من لحظة تجلي الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الليل وحتى غروب الشمس ومع ذلك فإن اغتسال الضمير بالصوم أصعب وأكثر عناء من اغتسال الجسد بالماء مما أسهل إزالة الأتربة والأوساخ الظاهرة لأن بالماء تتحقق نظافة الأعضاء والجوارح وتبدو نظافتها واضحة للعيان ويمكن الاستعانة على الأوساخ الظاهرة بالصابون ونحوه أما طهارة الداخل بكل مكوناته المتصلة بالأهواء والرغبات والمشاعر والنوايا في القلب والنفس والضمير فإنها تحتاج إلى معاينة خاصة ولكنها متيسرة وغير معقدة لارتباطها أولا بيقظة الضمير ورفع درجات الخشية والخوف من الله سبحانه وتعالى ذلك أن يقطة الضمير تزداد قوة بالمزيد من الارتباط بالله طاعة وخضوعا وتذللا بأداء الفرائض كلها واستغراق الطاقة الجسدية والروحية في الصوم فالضمير مفتاح طهارة النفس ومحور سمو الروح ومبعث طمأنينة الإنسان المؤمن الذي يخضع لإملاء ضميره اليقظان سواء حين يزجره وينهاه وحين يؤنبه ويعاتبه وحين يكون سياج الحصانة الذاتية الكاملة في كل حال وحين وفي كل ميادين الإستخلاف لله على الأرض كي يقيم الوئام في ربوع البلاد ستأتي المواسم ضاحكة للأماني التي في عيون الصغار والوجوه التي لذوي المتربة والنفوس التي لم يمت حلمها في ضنى المسغبة أي نعم سوف تأتي المواسم ضاحكة باخضرار اليقين ورافلة بالثمار التي سوف تشفي الصدور ومن أجلها يكدح الفقراء ليشرق باللطف هذا النهار وعناق الأحبة في كل بيت وحقل وكوخ كي يقيم الوئام في ربوع البلاد ويضيء الطريق إلى فسحة في جمال الوجود وعذب الحياة لا مكان إذا لجنون الجراد حان وقت الكلمات الطيبة أن للكلمات المؤذية أن تسكت وللألسنة إياها أن تتعافى وللمشاعر النابية أن تهمد وللأواهم والحسابات الخاطئة أن تصفد وأن تغلق احتراما وتبجيلا للشهر الفضيل ولمكانة فريضة الصوم في حياة الأمة المسلمة واعترافا والتزاما بأن المرحلة التي يعيشها شعبنا تستوجب ذلك وتتطلبه ولتكون مرحلة بإتفاق الجميع وقبولهم ورضاهم للكلمات الطيبة الكلمات الصادقة مع نفسها ومع الضمير الوطني ومع الشعب كله من أجل تاريخ جديد يشهد لنا بالفعل بأننا شعب الإيمان والحكمة والفقه ولا يشهد علينا ويستهزئ بنا ويسخر من بؤسنا وبؤس تفكيرنا وأعمالنا اللحظة التاريخية والحقيقة الإيمانية تستدعي الكلمات الوفية والبناءة والمتجاوزة عن كل ما يعكر صفو الأجواء الروحية النقية وكل ما يسيء ليمن الإيمان والحكمة