مقفرون كخرائب

جميل مفرح


 -  ‬يا ألهي‮ ‬عفوك وغفرانك‮ ‬نسألك أن تلطف بنا‮ ‬وأن تجعل بمداواتنا مما‮ ‬يستحق سريع نجدتك وكرم إغاثتك‮.. ‬ما الذي‮ ‬يحدث فينا منا وعبرنا¿ وما الذي‮ ‬صرنا إليه من وحشية‮ ‬غبراء تتبرأ من فداحتها أعتم الظلمات وتستنكر كيفيتها الحيوانية في‮ ‬أشد ضراوتها‮.. ‬غدت تضاريسنا التي‮ ‬ندعي‮ ‬إنسانيتها ونعتقد بلا حدود بسويتها ونؤمن مطلقا بسمو رتبتها‮ ‬موحشة حد الإيلاء‮
جميل مفرح –

‮> ‬يا ألهي‮ ‬عفوك وغفرانك‮ ‬نسألك أن تلطف بنا‮ ‬وأن تجعل بمداواتنا مما‮ ‬يستحق سريع نجدتك وكرم إغاثتك‮.. ‬ما الذي‮ ‬يحدث فينا منا وعبرنا¿ وما الذي‮ ‬صرنا إليه من وحشية‮ ‬غبراء تتبرأ من فداحتها أعتم الظلمات وتستنكر كيفيتها الحيوانية في‮ ‬أشد ضراوتها‮.. ‬غدت تضاريسنا التي‮ ‬ندعي‮ ‬إنسانيتها ونعتقد بلا حدود بسويتها ونؤمن مطلقا بسمو رتبتها‮ ‬موحشة حد الإيلاء‮ ‬ومهجورة حد الاخافة أو‮ ‬غائبة حد العدم‮.. ‬صرنا مقفرين كخرائب لم تعد تستطيع حتى البكاء‮ ‬لم نعد نجد مما أودعت فينا من صفات البشر سوى زخات الشر تراوح بنا بين التصديق والتكذيب وبين الاعتراف والاستكبار‮ ‬بين السخرية من ذواتنا والخوف مما ستغدو عليه خلال اللحظات الوجيزة القادمة‮.‬
> سيدي‮.. ‬لم نعد ندرك مما شيدته نفخاتك في‮ ‬تفاصيلنا إلا ما تخدعنا به المرآة من هياكل ومجسمات متهالك كل ما بداخلها من فرضيات واعتقادات وظنون في‮ ‬المشابهة بالإنسان الذي‮ ‬يجب أو كان‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون ذلك ما‮ ‬يمليه التعود على حواسنا ويفرض عليها أن تؤمن به وبما‮ ‬غاب عنها من أوصافنا وتشاكل عليها من سرائرنا‮..‬
‮> ‬سيدي‮ ‬ها نحن كل اعتراف وحساب سري‮ ‬للذات لا نجد في‮ ‬أحافيرنا أي‮ ‬طلل حقيقي‮ ‬يدل على كوننا مكرمين كما قالت وتقول لنا نصوصك الماجدة الخالدة‮ ‬ها نحن لا نحتكم على حقيقة لنا سوى أننا لا نمتلك حقيقة وإن دققنا في‮ ‬كل ذرة من ذرات وجودنا‮ ‬وأحيانا‮ ‬يصل بنا الكفر بأنفسنا حد الفصام والانقسام على برزخ حدود مساحته ممتدة بين جداري‮ ‬الأزل والأبد‮.. ‬ولا تخفيك الاعتراف بأننا حتى لا نكاد نصدق بأننا كنا‮ ‬يوما أو لحظة من الدهر حقيقة أو جزءا من حقيقة‮.‬
‮> ‬إلهنا المقدس العظيم‮.. ‬ترفق بنا قبل أن نحاول أن نغدو آلهة من‮ ‬غبار‮ ‬وقبل أن نتحول إلى قصاصة هشة متبقية من زاوية صفحة مطموسة بالخيلاء بترت من كتاب قديم جدا‮ ‬أزهقت روحه وتناثرت أشلاؤه إبان‮ ‬غزواتنا المغولية الشريرة على ما تبقى من دعة وسلام واعتدال في‮ ‬مساحاتنا التي‮ ‬أصبحت أضيق من أن تذكر‮.‬
‮> ‬ربنا الكبير حد الألوهية والربوبية والرأفة والرحمة حد القداسة في‮ ‬منتهاها والجلال في‮ ‬اطلاقيته‮.. ‬لم تعد المحبة تستطيع النيل من أفئدتنا لم تعد تجد لنفسها مكانا شاغرا‮ ‬يليق بقدسيتها‮.. ‬صارت متسولة وضيعة وزائرة‮ ‬غريبة نصدها فقط لنمط من مكانتها ولنشعرها بعدم الحاجة إليها في‮ ‬هذا العصر المفرط في‮ ‬التقدمة‮.. ‬سيدنا المحبة بهجة فرأف بها منا ما دامت لم تعد قادرة على أن تتخللنا وتصبح شيئا منا‮.‬
‮> ‬ربنا لا تضق بنا ذرعا ولا تأبه بنا‮ ‬عدا في‮ ‬اللحظات الأخيرة من التأرجح على مشارف الخطايا الكبرى‮ ‬أدركنا فقط قبل ومضة من الإعياء وقبل أن تمزق سلاسل النجاة أكفنا ببرهة أو بعض برهة‮.. ‬ذلك كاف لأن نستعيد ولو متأخرين ذاكرتنا وذكرياتنا من إنسانيتنا المزعومة‮ ‬ولأن نتذكر أنك دائم الوجود من حولنا تحرسنا من أنفسنا‮ ‬وتلاطف بأنفسنا منا‮.‬

قد يعجبك ايضا