الابتسامــــــة والجمـــــال

د عمرو الحلالي

د/ عمرو الحلالي –
بسم الله الذي لا إله إلا هو من له الحمد ونصلي ونسلم على الحبيب محمد وإله وبعد
إن الحياة جمال فيه كبد و خلق الله البديع إبداع وفيه ابتلاء ومحن وإذا نظرنا إلى الحياة إجمالا فهي كذلك وإن فصلنا مفرداتها فكل مفردة ينطبق عليها ذاك الوصف. الجمال كلمة ليس لها جمع أو جمع ليس له مفرد فهي نسيج وحدها وكذلك من يتصف بهذه الكلمة سيكون شامة في الجانب الذي وصف بها فيه فصاحب الوجه الجميل شامة بين الوجوه وصاحب الخلق الجميل شامة بين الناس والبيت الجميل شامة فيما جمله وحسنه بين القصور وأجمل الجمال جمال الروح.
إن أردت أن تكون جميل الروح فثق أن مصدر الجمال هو شرع الله وأساسه القرب من الله تعالى (( إن الله جميل يحب الجمال )) . وكلما قربت روح المؤمن من الله زادها الله جمالا وجلالا فتجد المؤمن الصادق مع الله جميلا في كل ما أخلصه لله وجوانب القبح فيه تظهر جلية فيما لم يخلص فيه وجمال روح الإسلام أنها لا تقبل بأقل من أن تظهر آثار جمالها على المظهر.
المؤمن جميل بذكره لله وصلته به وحرصه على الطهارة ويظهر ذلك جليا في جمال لبسه ونظافة بدنه. المؤمن جميل بصومه وزهده في الدنيا ويظهر ذلك بسلوكه الحسن عند صيامه وحال فطره. المؤمن جميل في حجه وعمرته ويظهر ذلك في بياض إحرامه وحلقه أوتقصيره عند تحلله. المؤمن جميل في أسرته أبا لها ومربيا أو ربة دار وحاميتها من كل قبيح وملكتها في كل جميل.
إني إن أبحرت في الجمال ففيه سأغرق لأني طبيب أسنان ولست بحارا في لجج الجمال ولكن حسبي أن أجدف مع كل الناس واحدا منهم في جانب الأسنان لأريهم جمال الإسلام وحرصه على جمال الأسنان. لم يترك الإسلام أساسا للخير والجمال في أي ميدان للحياة الجميلة إلا ذكر أسسه ونوه إلى مبادئه وترك للناس أن يتفننوا في تطوير أدواته وتحسين أساليبه وفي ميداني أخص الحديث مستعينا بالله تعالى وأقول : المؤمن جميل في خلقه وحسن سلوكه ويظهر ذلك ببشاشة ابتسامته وطلاقة وجهه (تبسمك في وجه أخيك صدقة). إن ابتسامته تظهر جمال روحه – إن كانت كما في الحديث من القلب وفي وضوح وصدق ولمن تحب وتستشعر أخوته – ومن هنا فليست الابتسامة الصفراء أو الابتسامة الباردة أو ابتسامة المكر أو ابتسامة اللؤم أو ابتسامة التشفي ….الخ ابتسامات تظهر جمال الروح إن المؤمن عند تبسمه يظهر منه جمال روحه وتظهر منه عرضا أسنانه ومن الناس من يستحي مما أهمل في نفسه ومن مظهرها فهو إما سيبتسم مستحيا ليخفيها وإما قد اعتاد على أن يبلع ابتسامته ويعوضها بتقطيب وجهه.
لو انتبه المسلم إلى أن الشريعة السمحة قد أحكمت أساس الابتسامة الظاهري بوصية الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالسواك عند كل صلاة وفي ذلك ما يغني كل إنسان عموما عن زيارة طبيب الأسنان فلو حرص المسلم على إزالة ترسبات الطعام عن كل جوانب أسنانه بهذا القدر – أقول كل جوانب الأسنان الأمامية والخلفية من الخارج ومن الداخل من جهة أعناق الأسنان أو على رؤوسها – لما شابها سوس أو سوء إلا لأسباب خاصة كالضربات أو الكسور. ولوحرصت كل ربة بيت مؤمنة على تعليم أولادها هذا السلوك لما وجدت البكتيريا سطحا في الفم لتأكل عليه ولا تركت سنا وقد اعطبته.
لو تذكر الناس قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم معناه (إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) لأدرك أن خلوف الفم الكريه شيء سيئ بسبب الإهمال وعدم النظافة ولكنه في حالة الصائم فقط طيب عند الله أما سواها فسيئ وبالتالي أنى للمسلم أن يأتي ما يسيئ صحته فلا تدخين ولا شمة ولا تنبل ولا كحول ولا ماحرم الله وإنما الطيبات فقط لو اهتم المؤمن بذاك وغيره من وصايا الرسول الأجمل صلى الله عليه وآله وسلم فكيف له بأن يزور طبيب أسنان ليحشو سنه أو لينزع عصب السن أو ليزيل الترسبات الجيرية ذات الرائحة السيئة أو ليخلع ضرسه أو ليعوض ضرسا انخلع بسبب إهماله.
خلاصة القول لولا شيطان الإهمال عند الناس لما زاروا طبيب أسنان إلا ما ندر وحقيقة أهم من ذلك أن بين يدي كل الناس دين الجمال.

قد يعجبك ايضا