في محافظة الحديدة.. مديرية الخوخة
محمد محمد العرشي

محمد محمد العرشي –
إن معرفتنا بتاريخ بلادنا وجغرافيتها يساعدنا على معرفة واقع مجتمعنا ويجعلنا قادرين على حل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية والتعرف على مكامن القوة والضعف فيها. وفي نفس الوقت سوف نتمكن من استغلال ثرواتنا الاقتصادية لتحقيق رفاهية اليمنيين وأوجه نداء لكل اليمنيين وعلى رأسهم السياسيين والمفكرين بأن يعملوا جميعا على استغلال هذه الثروات بدلا عن الصراعات السياسية والتفكير في كيف نحكم بدلا عن من يحكم.
أخي القارئ الكريم …
مدينة ومديرية الخوخة حباها الله أجمل الشواطئ في بلادنا على البحر الأحمر والتي تتوفر فيها المساحات الشاسعة المزروعة بالنخيل والتي تطل على معظم شاطئ الخوخة الساحلي مع توفر المياه المعذبة.
وقد ذكر المؤرخون بأن مدينة الخوخة لم تشتهر إلا في القرن الخامس الهجري والخوخة بضم الخاء المعجمة وسكون الواو ثم تاء التأنيث المربوطة كانت تسمى بالخوهة وقد حرفت الكلمة وصحفت إلى اسم الخوخة والخوخة تعني الكوة الصغيرة التي يدخل منها الضوء وتعد نافذة حيس على البحر الأحمر.
كانت الخوخة إحدى الموانئ القديمةوقد عرفت في القرن السادس الهجري كميناء تجاري وبحري قديم يتم بواسطته استيراد وتصدير البضائع من وإلى اليمن عبر القوارب والسواعي التي كانت مملوكة لأبناء الخوخة وكان الاستيراد من وإلى الخوخة يتم من موانئ شرق أفريقيا والخليج والهند.
وقد ذكر القاضي المرحوم/محمد أحمد الحجري في كتابه (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) بأن الخوخة فرضة زبيد وحيس.. والفرضة ما تقع على البحر ويوجد فيها 14 مسجدا مسجد اختيار ومسجد الشيخ علي ومسجد المغني ومسجد العطار ومسجد المسمار ومسجد المحب والجامع الكبير ومسجد المحضار ومسجد الأمين ومسجد عمر قف ومسجد الخبيشة ومسجد السيد ومسجد النجار. وقد ترجم القاضي المرحوم إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله) لثمانية من علماء مدينة الخوخة منهم الحسن بن أبي بكر بن أبي اختيار الشيباني صاحب مسجد اختيار والذي بناه في القرن السادس الهجري وقد أشتهر بغزارة العلم ولاسيما في الفقه والحديث وقد عرض عليه جمال الدين عبدالله بن عمر الدمشقي الذي قدم مع توران شاه في القرن السادس الهجري من دمشق إلى اليمن قضاء زبيد فامتنع عنه وكان يتردد بين زبيد وعدن وقد اجتمع به ابن سمرة الجعدي وله كتاب (المشكل) على كتاب (المهذب) وكانت وفاته في عام 583هـ ومولده في 501هـ.
ومنهم أبوبكر بن أحمد دعسين وكان عالم محقق في الفقه والحديث وقد وصفه المؤرخ العلامة/عبدالوهاب البريهي في كتابه (طبقات صلحاء اليمن) وكذا الملك الأفضل الرسولي في كتابه (العطايا السنية) بأنه كان من أكابر الصلحاء في وقته وكان كثير العبادة والصلاة وكثير التلاوة لكتاب الله وربما ختم في يومه وليلته ختمتين وله كتاب (شرح سنن أبي داود) في أربعة مجلدات و(العقد الفريد في أنساب بني أسيد) وقد توفى بزبيد سنة 752هـ ومولده في 698هـ.
ومن علماء مدينة الخوخة جمال الدين محمد بن عمر الشيباني وقد وصفه البريهي في كتابه (طبقات صلحاء اليمن) بأنه كان فقيها ورعا وكان متواضعا لا يأكل إلا من عمل يديه وكان يشتغل بصناعة القفاع وهي تشبه الزنابيل وتصنع من الحوص.
تقع مديرية الخوخة بين خط طول 44º وخط عرض94º على ساحل البحر الأحمر وهي في محافظة الحديدة في الجزء الجنوبي منها وتطل على البحر الأحمر يحدها من الشمال مديريتي التحيتا والجراحي ومن الجنوب مديرية المخاء من محافظة تعز ومن الشرق مديرية حيس ومحافظة تعز (مديرية مقبنة) ومن الغرب البحر الأحمر. وتتكون من العزل التالية: حنيش الخوخة دوبلة العيسى.
تبلغ مساحتها 545كم2 وعدد مساكنها 5.261 مسكن عدد الأسر 5.064 أسرة وعدد سكانها33.764نسمة. وقد اشتهر أهلها بصيد الأسماك وتصديرها وطهيها. وتوجد في مديرية الخوخة العديد من المعالم والآثار منها: مسجد القائد حسن بن سلامة بمنطقة موشج وقلعة القشلة وقلعة القاهرة ودار القعموص وللأسف فقد تعرضت معظم هذه المواقع التاريخية للهدم والتخريب ولم يبق منها إلا بعض أجزاء منها.. وإلى موشج ينسب الشاعر اليمني المشهور أبن المزاح أحد أعمدة الشعر الحميني الذي لا يذكر الشعر الحميني إلا ويذكر ابن المزاح وهو الشاعر والأديب الكبير/ عبدالله بن أبي بكر المزاح عاش في الفترة (138-248هـ) في عهد الملك الرسولي يحيى بن الأشرف إسماعيل. وقد أجمع الباحثون في فن الشعر الحميني بأن أبن المزاح يأتي بعد ابن فليته الذي برز في الشعر الحميني. ومن شعر ابن المزاح.. مايلي:
يا غصن مايس في قمر مصور
في حندس الفينان
جل الذي انشاك كذا وصور
يافاتني سبحان
لك في الخديد الوردي المعطر
أنهار من نيران
اليوم يق