تنظيف الشوارعأهـــــم مـــــن التلويــــن


 - وكأن اليمنيين بالظرف الراهن وما تمر به اليمن حاضرا من تحديات مختلفة يراد لهم أن يغلقوا أسماعهم وأعينهم ما لم يكونوا قد وقعوا بذلك حتى لا يسمعوا ولا يبصروا إلا من جهة نداءات الخارج لإصلاح أوضاعهم الداخلية وحل مشاكلهم القائمة
وكأن اليمنيين بالظرف الراهن وما تمر به اليمن حاضرا من تحديات مختلفة يراد لهم أن يغلقوا أسماعهم وأعينهم ما لم يكونوا قد وقعوا بذلك حتى لا يسمعوا ولا يبصروا إلا من جهة نداءات الخارج لإصلاح أوضاعهم الداخلية وحل مشاكلهم القائمة برغم أن المراهنة على الخارج ليس إلا سرابا ووهما وليس ذلك فحسب بل كأنها اليمن حاليا لا تعاني من أي مشكلة أمنية أو سياسية أو اقتصادية ولا يعترض طريقها معوقات كثيرة تتعلق بالتنمية ليأتي حاليا من يطالب اليمنيين بتلوين جدران شوارعهم وكأن البلد قد بلغت مرحلة عالية من الرفاهية الاقتصادية والازدهار التنموي ولم يعد لديها أي مشكلة حاضرا أو مستقبلا باستثناء الهم العام الذي طرأ بالوسطين السياسي والإعلامي وتجاوز حتى الدعوات المكرورة للحوار الوطني عدا تلوين جدران الشوارع وما يكتب ببعض الصحف عن ذلك التلوين.
ليس ذلك ما يثير الدهشة والاستغراب في آن واحد لا لأن الغالبية العظمى من المواطنين لا يريدون قيمة تلاوين لكي يساهموا أو يشاركوا في حملة أسمها لون جدار شارعك فحسب وإنما ما نلاحظه أن معظم الشوارع في عواصم المحافظات بلا جدران حتى يتم تلوينها خاصة بعض شوارع أمانة العاصمة فالداخلية مثلا عليها محلات من الجانبين والخارجية في شارع الستين وغيره بلا جدران ولكن على ما يبدو أن دوافع تلك الحملة التي تطالعنا بها بعض الوسائل الإعلامية ليس إلا سخرية من تنامي حالتي الفقر والبطالة وتغشي الأزمة الاقتصادية بكل مظاهرها السلبية وغياب التفتيش على محلات ومخازن التجزئة والجملة ومخازن الأدوية وتداول السلع على الأرضية والميادين العامة وغياب ضبط المواد الغذائية المنتهية وقريبة الانتهاء والمخالفة للمواصفات والمقاييس مجهولة المنشأ والمغشوشة والمقلدة وكذلك غياب الرقابة أيضا على المخابز والأفران ومحلات معارض بيع الغاز فضلا عن إشكاليات كثيرة يعاني منها الواقع من ارتفاع الأسعار وتدني وتدهور الأوضاع الأمنية في ظل ذلك الاختلال الواضح.
نرفع يافطات تدعو إلى تلوين جدران الشوارع وكان الأحرى بأولئك الذين يدعون مثل تلك الدعوات أن ينظموا حملات لتنظيف الشوارع من مخلفات القمامة المحيطة والمكدسة بتلك الشوارع بدلا من تضليل وعي الناس والحديث العبثي عن أهمية المردود الذي سيجنيه الشعب اليمني من تلوين جدران الشوارع وكأنه كما سبق وأن أوضحنا لم يعد هناك هموم بالناس ولا يعانوا من تدني وتدهور مستوى المعيشة وكذلك تدني وتدهور مستوى الخدمات العامة أكان ذلك على صعيد عمل الوزارات أو الغالبية العظمى من المرافق الصحية وغيرها تعاني من إخفاقات وإشكاليات كثيرة ويتم صرف الأنظار عن تلك الإشكاليات الجوهرية وحصر الحديث عن تلوين جدران الشوارع وما يوصل لحملة التلوين من مبالغ مالية حيث تشرف عليها منظمات خارجية على نحو من العبثية الواضحة لأن مردود ذلك التلوين ليس إلا سخرية من اليمن واليمنيين لأنهم أخفقوا في حل المشاكل الجوهرية وكأنه لم يعد لديهم إلا مشكلة تلوين الجدران كمن يحرث في بحر فعلى القائمين على تلك الحملة أن يدعوا على الأقل لكي نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية دونما تعمد واضح لتزييف وعي الناس إلى تنظيم حملات هدفها تنظيف الشوارع من القمامة فذلك أولى وأهم من التلوين.

قد يعجبك ايضا