مهندس صحة
صالح الريمي
صالح الريمي –
في يوم حافل بالعمل الجاد أجد في حياتي سعادة تامة لأني أتعبد الله بتعاملي مع
الآخرين فلا تأتي ليلة إلى ودعوة الله لكل من بيني وبينه أي مشاحنات بالسماح
والمغفرة نمت تلك الليلة السعيدة بمشاعر جميلة تجاه الآخرين مع أحلامي السعيدة..
قبيل الفجر رن جرس الباب في بداية الأمر ظننت أنه حلم لم أعر جرس الباب أي
اهتمام أريد أكمل نومي مع أحلامي لكن الجرس مازال يرن ويرن حتى أيقظني من
أحلامي السعيدة..
فوجدت لا مفر ربما كان الأمر هاما إذا فلابد أن أفتح الباب, فتحت الباب وإذ هو
عامل النظافة ما إن فتحت عيني إلا على ابتسامته الجميلة فقال لي حسب لهجته
المكسرة : (أنت نفر كويس) وأنا عرفت أنك أنت نفر في مسافر إلى بلد ثاني قلت
له متعجبا: من أخبرك¿ قال: في نفر عمال مطعم ثم قال : (صالح فين روح
خلاص روح بلد ثاني) قلت له نعم قال : (صالح أنا هب أنت كثير وأهب قدم لك
هدية متوادعة حسب دروفي) ثم أخرج من جيبه وردة حمراء وصفراء قال : (أنت
إنسان أنت نفر كويس) خرجت من عيني دمعة بل دمعات حب ورحمة لهذا العامل
المسكين ثم احتضنته بحنان وعطف وقلت له أنا معك أينما كنت فقال : (أنا ما في
خوف الله فوق أنت أنا نفر إن شاء الله في الجنة)..
هؤلاء العمال المساكين هم يحبون الناس الذين يتعاملون معهم بلطف ويتحدثون معهم
بأحسن الكلام وتطيب خاطرهم ولو بشيء من الصدقة فقط هذا ما فعلته معه ولا
غير وأجد منه هذا الحب والود..
هذه الفئة في مجتمعاتنا محتقرة كثيرا وننفر منهم ونتقزز بعضنا من أشكالهم
ولباسهم وجنسياتهم وبعضنا من مهنتهم لأنهم فقط يحملون مسمى مهنة (عامل
نظافة) وهذا من باب تلطيف العبارة لكن بعضنا يدعوهم زبالين وبعضنا كناسيين..
هل تعلمون أن هذه المهنة في نظر الحكماء هي أشرف المهن وليس الحكماء فقط
والعقلاء بل هي عند العالم المتحضر وخاصة في اليابان يسمونه مهندسا صحيا
فلولا عمال النظافة لعم البلد الوباء وامتلأت الشوارع بالقاذورات والأوساخ ولشممنا
الروائح النتنة والعفنة واستحالت الحياة في عدم وجودهم في حياتنا لذا فلهم منا
عظيم الشكر والامتنان..
هل فكرتم يوما كيف يعمل عمال النظافة متى يبدأون العمل أو ينتهون وماذا
يواجهون في يومهم الطويل وما هي أوقات راحتهم وسعادتهم وشقائهم وما هي
أحوالهم معاناتهم مطالبهم وهل تعلمون ما هي غايتهم بالتأكيد «لقمة العيش»»
والعمل الشريف»..
عمال النظافة يفيقون في الصباح الباكر يعملون بجد على إماطة الأذى عن الطريق
ونحن نائمون في بيوتنا مع أطفالنا وأزواجنا والشمس الملتهبة صديقتهم ورفيقتهم
منذ بدء العمل في الصباح حتى مغيب الشمس وهذا ما يتضح على وجوههم
السمراء المحروقة وأجسادهم المتعبة..
هم فقط يريدون منا قليلا من الاهتمام لنشعرهم أنهم بشر مثلنا ولهم حق علينا
فالأخلاق مع الناس ليست حكرا لأحد هم يستحقون أكثر من غيرهم اللطف في
التعامل ولين الجانب والكلام الحسن..
أقوله بملء الفم المليان لعمال النظافة في كل مكان وفي أي بلد .. شكرا لكم من
الأعماق وإن فضلكم علينا كبير وأجركم عند الله أعظم فأنتم تتحملون الأذى من
الناس والروائح والقاذورات من الشارع فصبرا جميل والله المستعان..
ومن باب التعاون على البر والتقوى مع عمال النظافة علينا أن لا نلقي القاذورات
وبواقي الطعام في قارعة الطريق وذلك يخفف ويساعد عمال النظافة في عملهم لكن
البعض لا يبالي وبدون أدنى اهتمام ومسؤولية بنظافة البلد وتعب العمال يرمي وفي
أي مكان..
هل تتخيلوا معي لو أعطي لهم يوم عطلة..¿¿¿ هل لكم أن تتخيلوا كيف سيكون حال
شوارعنا الجميلة النظيفة لذلك اليابانيون يسمون عامل النظافة بمهندس صحة
ويعطونهم راتبا كبيرا يقدر ب 8 آلاف دولار وسكن مجانا وضمانا صحيا مع
عائلاتهم..
بالله عليكم عمالنا المسلمون أولى أم عمال اليابان..!!! بالرغم أن ديننا يحثنا على
العدل والمساواة في الحقوق لكن هيهات هيهات تحولت أخلاقنا من سلوك إلى حفظ
دون تطبيق..
أما الحقيقة والواقع وبعيدا عن مجاملة شعب اليابان قد تفوقوا علينا أخلاقيا واحترموا
إنسانية الإنسان ونحن في زمن الحضارة والتمدن نهين ونذل إنسانية الإنسان بل
بعضنا يتجر