الأصدقاء الحقيقيون أين هم..¿
–
صالح الريمي
إننا اليوم نعيش في عالم متحضر ومتقدم ومتسارع وبالرغم من كبر مساحته جغرافيا لكن إلكترونيا أصبح قرية صغيرة تعرف أخبار العالم وأحداثه في حينها تأتيك المعلومة والخبر والحدث كسرعة البرق فقط تحتاج منك ضغطت زر فتنقل المعلومة من الشرق إلى الغرب وتتواصل مع صديق بينكما مساحة بعد المشرقين..
قبل ظهور أجهزة التواصل الذكية ( الكمبيوتر والهاتف المتنقل ) وتريد أن تصل إلى صديقك البعيد في قارة أخرى فإن كنت ماشيا ستقطع المسافة في سنة كاملة .. وإن كنت راكبا جملا أو حمارا ربما تحتاج إلى شهرا .. وإذا كنت مستعجلا ستركب سيارتك لتقطع المسافة نفسها في أسبوع .. وإن كنت مشتاق إلى لقاء صديقك ستحجز مع أقرب رحلة طيران لتصل إلى مبتغاك ولقاء من تحب في ساعات..
أما في العصر المتحضر الإلكتروني ما إن تفكر أن تتواصل مع صديقك المقرب لا تحتاج إلى كل هذا التعب والإرهاق والسفر والتنقل من دولة إلى دولة حتى تصل وتتواصل مع من تحب فقط اضغط ضغطت زر سترى صديقك صوتا وصورة وفي أقل من لحظة..
كلنا اليوم يملك الهاتف الذكي الذي جعلك تتواصل مع العالم وأنت على فراشك أو راكبا سيارتك أو في مقر عملك أو في أي وضع كنت .. سبحان من سخر لنا هذا الجهاز الذي تضعه في جيبك والعالم بين يديك وأحرجك مع أصدقائك الحقيقيين لعدم تواصلك مدعيا انشغالك الدائم..
لذا أصبحنا نتسابق مع الزمن المتحضر مدنيا وإلكترونيا لكن متخلف أخلاقيا مليء بالكذب والقيل والقال والضلالات والخزعبلات والمظاهر الكاذبة حتى غدت أخلاقنا النبيلة وأخوتنا الدينية وصداقتنا الحقيقية لا مكان لها في هذا العصر إلا ما رحم ربي..
أصبحت علاقاتنا وتعاملنا مرتبطا ارتباطا وثيقا وفق المصلحة الدنيوية الدونية .. آه ثم آه .. وللأسف الشديد بحثت عن الصداقة الحقيقية في عالمنا المتحضر وجدتها سرابا وخيالا تخدع البصر كما ينخدع التائه في الصحراء لذا ينتابني سؤال أقر مضجعي هل نعتقد حقا أن الصداقة الحقيقية اليوم موجودة فعلا في حياتنا وتعاملاتنا وعلاقاتنا.!
إذا كانت موجودة فعلا أين هم الأصدقاء الحقيقيون من الواقع الذي نعيشه يمر الواحد فينا في ظرف صعب يتلوه ظرف أكثر صعوبة .. وفي محنة تتبعنها محنة أكبر .. وفي أزمة بعدها نازلة .. وهم نازل بالليل ومشكلة طالعة في النهار .. ولا من مجيب ولا من يقول لك ها أنا موجود في محنتك ومصيبتك وهمومك وأحزانك.. فأين الصديق الذي يملك المبادرة ويعرف همك دون طلب.¿¿ وأين الصديق الذي يتعهد أصدقاءه بين حين وآخر.¿¿ وأين الصديق الذي يشعرك بقيمة الصداقة والأخوة.¿¿ فهل ما زالت أخوتنا وصداقتنا باقية..
أشعر وكأني أعيش في وسط غابة الأقوى هو الذي يعيش والأضعف ما له مكان في حياتنا ألم نقرأ قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى).. فكيف يمر بنا كلام الصادق الأمين مرور الكرام فقد حفظنا الحديث ورددناه في مجالسنا ثم إذا حصحص الحق وتعاملنا مع بعضنا وكأن الحديث لا يمت بأي صلة إلى ديننا وسلوكنا وأفعالنا وعلاقتنا..
اليوم أصبح يتعامل الناس معك وفق المصلحة