أبطــال الديمقراطيـــــة !

محمد كويران

 -  لاشك في أن الانتخاب والبيعة والشورى والاستماع إلى رأي الخصم من أهم الصفات المعروفة في صميم الإسلام , والتعددية في الرأي أساس في الإسلام  بينما الانفراد بالرأي والديكتاتورية والقهر مرفوضة في الإسلام جملة وتفصيلا
محمد كويران –
> لاشك في أن الانتخاب والبيعة والشورى والاستماع إلى رأي الخصم من أهم الصفات المعروفة في صميم الإسلام , والتعددية في الرأي أساس في الإسلام بينما الانفراد بالرأي والديكتاتورية والقهر مرفوضة في الإسلام جملة وتفصيلا.
ويجب أن يفهم كل مسلم أين يقف ¿ ومع من ¿ وضد من ¿ وسوف يخسر المسلم كثيرا أذا وقف ضد الديمقراطية بل سوف يخسر دينه وسوف يخسر نفسه .
والحقيقة أن الديمقراطية ديانتنا وقد سبقنا غيرنا إليها منذ أيام نوح عليه السلام . الذي ظل يدعو قومه بالحسنى على مدى تسعمائة سنة من عمره المديد , لا قوة له ولا سلاح إلا الرأي والحجة يدعوهم بالكلمة في برلمان مفتوح يقول فيه ويسمع , بينما هم يسخرون منه ويهددونه بالرجم .
في تلك الأيام كان هؤلاء البهم الهمج هم أجداد . أجداد مستعمري اليوم .. وكان نوح النبي عليه السلام هو رسول الإسلام والمتحدث بلسانه . وحينما خرج النبي محمد عليه الصلاة والسلام في آخر سلسلة الأنبياء .. كان الله مازال يقول نفس الشيء : « فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» «إن أنت إلا نذير» « إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر» « وما أنت عليهم بجبار».
وتلك هي الأصول الحقيقية للديمقراطية فهي تراث إسلامي . فإذا قالون لكم : الديمقراطية .. قولوا : الديمقراطية لنا ونحن حملة لوائها ونحن أولى بها منكم .. ولكنهم سوف يلتفون ليخرجوا بمكيدة أخرى فيقولون : أن الإسلام ليس فيه نظرية للحكم . وسوف نقول : وتلك فضيلة الإسلام وميزته فلو نص القرآن على نظرية للحكم لسجنتنا هذه النظرية كما سجنت الشيوعيين ماركسيتهم فماتوا بموتها . . والتاريخ بطوله وعرضه وتغيراته المستمرة وحاجاته المتجددة المتطورة لا يمكن حشره في نظرية , ولو سجنته في قالب لا يلبث ـ كالثعبان ـ أن يشق الثوب الجامد وينسلخ منه . والأفضل أن يكون هناك إطار عام وتوصيات عامة ومبادئ عامة للحكم الأمثل .. مثل العدل والشورى ,وحرية التجارة وحرية الإنتاج واحترام الملكية الفردية وقوانين السوق وكرامة المواطن .. وان يأتي الحكام بالانتخاب ويخضعوا لدستور . أما تفاصيل هذا الدستور فهو أمر سوف يخضع لمتغيرات التاريخ .. وهو ما يجب أن يترك لوقته .
والأيدولوجيات التي حاولت المصادرة على تفكير الناس وفرضت عليهم تفكيرا مسبقا ونهجا مسبقا قال به هذا أو ذاك من العباقرة .. ثبت فشلها .
وهذا ما فعله القرآن .. فقد جاء بإطار عام وتوصيات عامة ومبادئ عامة للحكم الأمثل .. وترك باقي التفاصيل لاجتهاد الناس عبر العصور .. ليأتي كل زمان بالشكل السياسي الذي يلائمه ..
وفي خضم الاجتهاد الإسلامي سوف تجد محصولا عظيما تأخذ منه وتدع .. من أيام الشيخ محمد عبده والأفغاني وحسن البناء والمودودي إلى زمان : مالك بن نبي والمهدي بن عبود والزنداني إلى إبراهيم بن علي الوزير والشيخ محمد الغزالي والشعراوي والعمراني ..موسوعة من الفكر سوف تمد من يقرأها بمدد من الفهم لا ينفد .
والسؤال الذي يخرج به البعض من وقت لآخر : ألا يحرم الإسلام على المرأة أن تعمل ¿ وهم لا يكفون عن ترديده .. وأقول لهم : هاتوا آية واحدة من القرآن تثبت كلامكم . والأمر القرآني للنساء بالقرار في البيوت كان لنساء النبي . وكان مشفوعا في مكان آخر بالآية : « يا نساء النبي لستن كأحد من النساء» وتلك إذن خصوصية لزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام .
وهل رأيتم زوجات رؤساء أو ملوك علمانيين تعمل ¿ إن كل واحدة منهما عملها الوحيد زوجها . فما بال زوجة سيد البشر وخاتم الأنبياء صاحب الرسالة الكبرى .. كيف يكون لها عمل آخر غير زوجها ¿ .
الخصوصية هنا واضحة وهي لا تنسحب إلا على من كن مثلهن من نساء الأمة ومن كن في مثل ظروفها . والكلام الآخر السخيف الذي يرفض الدولة الإسلامية لأنها دولة دينية .. لم يفهم مردوده كلمة عمر بن الخطاب وأبي بكر ـ وهم السادة والمثل ـ حينما يقول الواحد منهم صبيحة بيعته : ( إن أصبت فأعينوني وان أخطأت فقوموني ) لا عصمة لحاكم إذن .. ولا حكم إلهيا في الإسلام .. وإنما هو حكم مدني ديمقراطي يخطئ صاحبه ويراجع . وقولهم : أن الإسلام يقف سدا منيعا أمام اجتهاد العقل بمقولته الشهيرة : لا اجتهاد مع النص .. وما أكثر النصوص .. بل القرآن كله نصوص .
أقول لهم : لا يوجد في القرآن نص أكثر تحديدا وصرامة من قطع يد السارق وقد جاء هذا النص في القرآن مطلقا لا استثناء فيه .. { «والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما» .. ومع ذلك فقد اجتهد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في فهم النص ف

قد يعجبك ايضا