خواطر سانحة في الذكرى الـ«24» لرحيل المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف

عبدالقادر سعيد بصعر


عبدالقادر سعيد بصعر –
تطل علينا يوم غد السبت الفاتح من يوليو 2012م الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل القامة السامقة المؤرخ والأديب والسياسي ورجل الدولة والشاعر والقاص والكاتب المسرحي والصحافي والناقد والشخصية العصامية الذي عرف بثقافته الموسوعية محمد عبدالقادر بامطرف الذي رحل عن دنيانا الفانية إلى دار البقاء والخلود في الفاتح من يوليو 1988م.
ولست في هذه التناولة بصدد استعراض مناقبه وآثاره الابداعية التي اتسمت بالتنوع والشمول حيث يتم وفي مناسبات مثل هذا النوع التطرق إلى ذلك من قبل عدد من الأدباء والكتاب والمثقفين والمهتمين بابداعات الرجل كصورة من صور الوفاء والعرفان لتلكم القامة والعلم الشامخ ليس على مستوى حضرموت فحسب بل على مستوى اليمن بصورة عامة لكنني ساتطرق إلى ثلاثة أمور اعتبرها من وجهة نظري عالقة ولم يحسم الأمر فيها بعد:
اولاها ما تعرض له الأديب والمؤرخ بامطرف من مضايقات وحملة شرسة وظالمة من قبل بعض المشتددين من قادة الجبهة القومية في حضرموت في بداية السبعينيات من القرن الماضي وتعرضه للاعتقال والسجن بل لقد هوجم منزله من قبل بعض العناصر المتشددة بقصد إرهابه وتخويفه ولكنه تصدى لهم بشجاعة مخاطبا اياهم وهم يمارسون هذا العمل الشنيع الذي ينتهك حرية الإنسان قال لهم عبارته الشهيرة « هل أنتم ثوار أم سرق» وكان هذا الاقتحام التعسفي ثم العبث بمكتبته الخاصة التي تحتوي على عدد من المراجع الثمينة والقيمة وتم مصادرة واتلاف عدد من الكتب للمؤلف أعلن عنها في رسالته الشهيرة إلى محافظ حضرموت الأسبق حينها محمد سعيد يافعي يطالبه بالتحري والبحث لاسترجاع هذه الكتب ولكن حتى هذه الساعة لم يظهر أي شيء من هذه الكتب المفقودة وبدأ اليأس يتسرب إلى الجميع بعد مرور أكثر من 40 عاما على هذه الحادثة الشهيرة.
النقطة الأخرى عرف عن المؤرخ بامطرف تعاونه اللا محدود مع الباحثين وبالأخص الشباب ومن يعدون الدراسات العليا يلجأون إلى المؤرخ بامطرف في منزله وقد حكى لي الباحث عبدالله صالح حداد عن هذا التعاون وكاتب المقال له قصة تؤكد صحة ذلك عندما استعار من المؤرخ بامطرف بحثه الموسوم «قصة القصة» بخط يده استفاد منه في حلقات برنامج «أدب الشباب» من إذاعة المكلا في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وأعاده بعد عدة أشهرة لكن المؤرخ بامطرف يشير بكل أس وحسرة إلى فقدان بحث مخطوط بعنوان «الهاجس والحليلة» استعاره من أحد الباحثين القادمين من عدن كان يعد رسالة ماجستير عن الأدب الشعبي في «ألمانيا الديمقراطية سابقا» وكان يرافقه الزميل والصحفي سعيد سبت وإلى هذه اللحظة لا تعلم أسرة الفقيد بامطرف عن هذا البحث شيئا نأمل أن يصحو ضمير من أخذه ويعيده لأن هذا البحث من البحوث المتفردة والنادرة والذي بذل فيه المؤرخ بامطرف جهدا مضنيا ولذا عندما يذكره أحد من زواره الذين يترددون عليه في منزله يشعر بالغصة والألم نأمل أن تتحقق بارقة أمل في هذا الموضوع.
القضية الثالثة التي اردت إثارتها أن المؤرخ بامطرف لم ينل حظه ونصيبه من التكريم اللائق به والذي يتناسب مع ما اجترحه من ابداعات في مختلف صنوف المعرفة بل أنه تعرض أثناء حياته لصنوف من المضايقات والعسف والظلم ظل إزاءها صامدا شجاعا كالطود الشامخ إلى أن شعر الرفاق حينها في قادة الحزب والدولة بالغبن والاجحاف الذي تعرض له الرجل من جراء تصرفاتهم وكانت لفتة كريمة إن تم اختياره في الاحتفال المركزي الذي اقيم في عدن حينها في 10 سبتمبر 1969م وكانت فرحة المؤرخ بامطرف غامرة بهذا التكريم.
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م ظللنا نناشد القيادة السياسية في بلادنا بأن يحظى المؤرخ بامطرف بوسام الاستحقاق للآداب والفنون من الدرجة الأولى لكن شيئا من ذلك لم يتحقق رغم المناشدات والكتابات التي تؤكد أحقيته لهذا الوسام ومع اطلالة الذكرى الـ «24» لرحيل البامطرف نكرر المناشدة للأخ المناضل عبدربه منصور هادي – رئيس الجمهورية بإصدار قرار رئاسي يمنح المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف وسام الاستحقاق للآداب والفنون من الدرجة الأولى وسيكون لهذا القرار صدى طيب لدى الأدباء والمؤرخين والمثقفين ليس في محافظة حضرموت فحسب بل في اليمن بصورة عامة لما يحظى به هذا الرجل من مكانة رفيعة وسامية إضافة إلى أن عددا ممن نالوا هذا الوسام لا يرتقون البتة إلى ما اجترحه هذا الرجل من إبداعات اتسمت بالشمول والتنوع واثقين كل الثقة في أن هذه الدعوة التي اطلقناها ستلقى الاستجابة والقبول.. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

قد يعجبك ايضا