مشاهد يومية.. من بعد الغروب!!
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
{ لنتخيل الأمر ونسأل : ما الذي يفعله اليمنيون من بعد مغرب كل يوم¿ أو ليصير السؤال دقيقا أكثر : كيف يبدون من بعد مغرب كل يوم¿ فالمعروف أن مدن العالم تبدأ حياتها من بعد مغرب كل يوم فكيف هي الصورة لدينا¿
ذات لحظة تبدت للمرء وكأن اليمني جاف المشاعر وسؤالنا نطرحه ونطلب الإجابة عليه بسبب هذه المصيبة التي حلت علينا لا ندري متى كل ما نعرفه أنها استعمرتنا وبرغم كل الكتابات وبرغم كل الجمعيات وبرغم التحذيرات التي تصدر عن أطباء الكبد والمركز الوطني لمكافحة الأورام والدكتور عبدالرحمن ثابت أستاذ المبيدات – أرجو ألا أخطئ في التسمية – إلا أن الطابور يكبر كل يوم أمام أسواق القات.
في العالم ولنأخذ القاهرة مثلا باعتبار أن كثيرا من اليمنيين يذهبون إليها فتبدأ الحياة الحافلة عند آخر شعاع يرحل.
ترى ضفتي النيل وقد ضجت بالحياة وخان الخليلي وقد امتلأت مقاهيه بالرواد منهم منú يذهب إلى أبو ريش ومنهم من اعتمر له كرسيا في مقهى نجيب محفوظ ومنهم منú ركن إلى أقرب زاوية ليشنف لسماع سيد النقشبندي أو أي لحن من ألحان السماء محمد رفعت عبدالباسط محمود الحصري وآخرين حتى ومن لغات أخرى غير لغة الضاد تراهم يرهفون السمع لأغاني سيدة الشرق الباقية في أعماق قلوبنا نغما السيدة أم كلثوم وآخرون يقرأون الفنجان مع عبدالحليم ونزار وآخرون تراهم يصمتون احتراما للأبنودي وسيرته الهلالية آخرون يذهبون إلى المسرح وآخرون يتجهون صوب إحدى دور السينما آخرون يذهبون إلى حافة النيل ليناجونه وآخرون تراهم وقد رفعوا رöجلا على رجل وراحوا يهيمون مع أحمد عدوية آخرون تراهم أمام مدبولي في طلعت حرب مدبولي الأب والابن ودار الشروق يبحثون عن آخر الكلمات في كتب لا تزال طرية لتوها خرجت من المطابع وإن رأيت الأسعار عالية فاذهب إلى سور الأزبكية فستجد كتبا ومحتواها بسعر الذهب تدفع مقابلها أسعار التراب!!
وإن لم ترد فهناك المقهى المصري أجمل مقاهي الدنيا فقط اجلس إلى أقرب كرسي وراقب ما يدور حولك وستجد نفسك وقد ضحكت ما لم تضحكه طوال عمرك في أي مدينة من مدننا التي يصيبها الجفاف من مطلع الليل الذي إذا ولى وليت أنت وجهك شطر سوق القات لتشتري الكآبة وتحيل نفسك إلى ميدان يلعب فيه الجفاف بين مرميي الكرة!!
ترانا شعب جاف¿ أم أن القات هو السبب¿ والقات هل هو وحده الذي يحكم على البلاد بـ «الطنانة» من الغروب إلى الشروق¿ أم أن تكويننا الذي خلقنا الله به هو هكذا¿
لماذا هي مدينة إب وهي التي اشتهرت بالنكتة تتحول من بعد غروب كل يوم إلى مدينة كئيبة قاتلة تجعلك كما جعلتني تهرب/أهرب منتصف الليل منها¿
كم من «الملاخيخ» نستورد¿ أو تلك التي نقتطعها من أعواد القات الطويلة نستهلك كل ليلة¿ منها – أيضا – وبسبب إضافي ربما هو الحالة المعيشية تزيد الناس إحباطا فوق همومهم والكآبة هل هي التي تؤدي بكثير من الشبان إلى «الديزبام» وأنواع ما أنزل الله بها من سلطان تتحدث عنها مدننا الكئيبة ليلا.
ولعل منú يريد معرفة السبب فهناك تحقيق نفذه الزميل محمد القعود عن «الطنانة» بعد القات وكيف يتصرف اليمني من بعد مغرب كل يوم¿
وهناك دراسة للأستاذ الدكتور نبيل أحمد حسن نعمان أخصائي الطب النفسي بالمستشفى الألماني السعودي والمدرس بجامعة تعز وقد أنجزها ميدانيا خلال وقت طويل تنقل فيه في مدن كثيرة يسأل اليمنيين : ماذا تفعلون بعد القات¿ وأنا أسأل : هل هناك يمني يضحك من بعد الغروب¿ قال صديق عزيز : والذي يضحك يقولون عنه : هذا مجنون … طيب والأطفال¿
bajash22@gmail.com