ليتهم يعلمون !!
ابراهيم الحكيم
ابراهيم الحكيم
إبراهيم الحكيم
لا يلام عامة الناس في بلادنا إن صاروا يذمون الديمقراطية وينعتونها بأنها «ملهاة عبثية» ولعبة أو «حيلة مخادعة».. وباب ما انفكت تهب منه رياح عاتية أكثر منها نسمات شافية.. تعصف بقيم الحق وتقصف بقيم الصدق وتنحرف بقيم العدل وتخسف بفرص العمل وتنسف الأمل!!.
هذا لأن عامة الناس في بلادنا يرون أن الديمقراطية وفق ما آلت إليه ممارستها في الساحة المحلية «ديمة خلفوا بابها» للغوغائية والانتهازية نفسها ولكن في قالب وأطر تبدو في نصوصها «نظامية» ولغايات ترنو لبلوغ «المثالية» فيما ينحو تطبيقها للفوضوية ولغايات ترنو لشرعنة الهمجية!!.
لا يلام عامة الناس في بلادي إن كفروا بأهداف الديمقراطية وأنكروا صدق شعاراتها وحقيقة عدالتها..ولا يمكن أن نستغرب هذا مöن شعب صدعته ممارسات «الديمقراطية»وأرهقته مهاترات أطراف ممارستهاوأشقته مكايداتها ومماحكاتها وأعيته تناقضاتها وانقضاضاتها وأونته سقطاتها وإسقاطاتها وأضنته مغالطاتها وغلطاتها!!.
الناس يفهمون ما يعايشون ويصدقون ما يرون لا ما يلقنون ويسمعون.. وهم في بلادنا يرون أن «الديمقراطية» في أحوالها المحلية لم تنه ثقافة بالية ولا أحلت ثقافة وطنية ولا عممت مشاعر وئام وتفاهم وأواصر تكاملية ولا غيرت سلوكيات رجعية ولا عالجت مشكلة عصبيات قبلية ولا أذابت ولاءات مناطقية وقروية!!.
يرى الناس في بلادنا ويكتوون كل يوم بمظاهر وممارسات تؤكد لهم أن «الديمقراطية» لم تصبغ الحياة بالمدنية ولا فرجت كربة سياسيةولا حلت معضلة اقتصادية ولا بسطت سيادة قانونية ولا أشاعت سكينة أمنية ولا حتى أبقت على همة إصلاحية!!..بل على العكس استحالت نقمة تؤصل الوهن وتواصل المحن وتشعل الفتن!!.
والانفصام بين القول والعمل يشي باستفحال خلل في المفهوم والممارسة يفضي لاستشراء العلل ويغذي اهتبال الزلل ويستدعي حالا يحفل بالعطب وأسباب التعطل الذي يؤدي بدوره إلى الملل.. والأخير يسهم في وأد الأمل وهو إكسير الحياة فإن فقد انعدم معنى الحياة وتبددت جدوى الحياة.
يجب أن يعلم السياسيون أن السواد الأعظم من الشعب سئموا إدارة البلاد بالأزمات وضاقوا باختلافاتهم الشكلية وضجوا بخلافاتهم الشخصية.. ملوا بصدق مزايدات الأحزاب عليهم ومضارباتها المصلحية في «بورصة السلطة» وتقديسها أسهم «المقاعد» وجحودها بمعاناتهم الحياتية!!.
يحلم السياسيون إن حدثوا أنفسهم أو توهموا أن الشعوب مطايا ترتقى وتناسوا حقيقة أن الشعوب كلها لا تجيب منú لا يستجيب لهمومها ولاتصافي من يأبى إنصافها ولا تمالي من يخيب آمالها ولا تبالي بمنú لا يبالي بأحوالها ولا تداري من جهل مقدارها ولا تعطي زمامها منú يخúفöر ذöمامها.
يجب أن يتذكر السياسيون..أن الشعوب -كل الشعوب- تميل إلى منú يقول ويفعل وتمل من يقول ويتنصل.. تنحاز إلى صف منú يعمل لتحقيق ما تريد هي لا إلى صف منú يعمل على تحقيق ما يريد هو..تتحد مع من يتساهل وربما يتنازل في حقه هو ولا يتساهل أو يتنازل في حقها هي!!.
يتعين ألا ينسى كل السياسيين أن الشعوب تلتف حول منú يقرر ويغير لا حول من ينظر ويبرر.. حول منú يأمل ويعمل ويبدل ويعدل لا حول منú يتعلل ويتململ ويفشل.. تؤيد بكل ما أوتيت منú قوة جارفة وطاقة هائلة منú يدبöر لا منú يدبöر..ومنú يعمر لا من يدمر ومن ييسر لا من يعسر.
يتوهم السياسيون إن ظنوا أن الشعوب جاهلة أو غبية أو بليدة فهي في الحقيقة واعية وذكية ونبيهة.. وقد تغúفل وربما تجúهل لكنها لا تسúتغفل أو تجهúل.. وتقúبöل على من يعترف بالحق ويلتزم الصدق ولا تقبل منú يزيف الحق ويحترف الملق.. تسحب الثقة كليا عمنú يراوغ ويكذب ويتلون.
ينبغي ألا ينسى السياسيون أن الشعوب تتمسك بمنú ينشغل بها ولا ينشغل عنها.. يعدل مبتدئا بنفسه ويحرم الظلم على نفسه قبل غيره.. وتؤمن بمن يمهل إنما لا يهمل.. تعذر منú يعترف بالخطأ وعنه يكفöر بصدق وجد.. ولا تصفح عمن يتعجرف ويصر على الخطأ ويكابر ويتكبر!!.
ويخطئ السياسيون إن أغفلوا حقيقة أن مهمتهم الأولى ومبرر وجودهم تفريج الكروب لا تأجيج الخطوب وتسييس شؤون الناس لا تيبيسها أو تنكيسها.. ومعالجة المشكلات بمنطق سديد ولغاية التبديد وليس بمنطق بليد أو عنيد ولغاية التجديد والتوليد للمشكلات وبما يزيد التعقيد ويضاعف التنكيد!!.
يحتاج السياسيون في بلادنا -وليتهم يفعلون فينفعون أنفسهم وننتفع منهم- أن يتداركوا ما أهملوا أو ما تناسوه حتى نسوه ويتذكروا أن الشعوب -كل الشعوب- لا تملöك خلتها منú لا يسد خ