مشاهد يومية.. احترام البيئة…
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
{ كانت جدتي – رحمها الله – إذا خرجت من دارها مبكرا وهي كانت كذلك حين تخترق الأحوال والشعاب تظل تسير بعينيها جيئة وذهابا ترى تلك الشجرة وذلك «الزراعي» فإذا رأت جذع شجرة وقد نكس برأسه قطعت من «مقرمتها» وربطته إذا رأت حجرا وقد سقط من جدار حول أعادته إذا رأت بقرتها وقد اتسخ جسدها ذهبت بها إلى «الكريف» وغسلتها إذا رأت بقايا أكل في الطريق أزاحتها إذا رأت بقايا ورق مكتوب عليه لفته وإلى أقرب «شق» في جدار ودسته فيه تنظف أمام بيتها تعتني بشجيراتها حول الدار.
وذات لحظة جلبت معي شتلتين من البلس من تعز غرستهما بجانب «العöلúبة» ظلت تشيد بي وتشكرني حتى آخر لحظة في حياتها.
كانت مكونات الحياة في قريتي من وجهة نظر جدتي والجدات والعمات : البقرة الثور الشجرة الأحوال الأغصان الزراع بل قل البيئة من حولها وحولهن.
كنت أظل أراقب عمي عبدالقوي وبتول قريتنا كيف يتعاملان مع البيئة وباختصار لو لم يكن الرب المعبود يعبد لعبدا الأرض بما فيها وما عليها وما في باطنها لقد اتحد الإنسان بالبيئة حوله حتى التماهي فصرت لا تراها إلا بوجه الإنسان!!
في قريتي وذات لحظة كنت فيها سألت مدير المدرسة : كم مرة ذهب طلبتك لزيارة ما حولهم من بيئة وتعرفوا عليها¿ بطيبة متناهية قال : ولا مرة وهنا الفرق فحين كنا «معالمة» أي نقرأ القرآن في «المعلامة» عند الفقهاء عبده الحاج وعلي نعمان ومحمد طربوش طالما ذهبنا إلى الأودية لجلب مادة «القطاط» التي يطلي بها كل واحد وجه اللوح الذي عليه نكتب الآيات البينات وفي الطريق جيئة وذهابا نتابع ونرى ونلمس كل تفاصيل البيئة وحين انتقلت البيئة إلى الكتب ضاعت الكتب لشحتها وضاع الطلاب وضاع الاحترام للبيئة لأن الطالب ببساطة يدخل معظم المدارس فلا يرى في «أحواشها» منú يزرع شجرة منú ينظف الساحة منú يرفع الورق من الشارع المحيط لا يخرج الطلاب إلى البيئة من حولهم يعتنون بها يصادقونها لتكبر معهم هما يشغل بالهم ليل نهار.
كيف ننظر الآن إلى منú يحرق الإطارات وينثر دخانها في الأجواء ليسمم كل شيء وصاحب الباص الذي ينفث دخانه الأبيض إلى الصدور ويحرق الشجيرات الصغيرة في الجزر الوسطى للشوارع¿ وكسارات تملأ الصدور وتعمي الأبصار بغبارها.
هل تتذكرون أن النسوة في صنعاء كن كل صباح حين يخرجن حيواناتهن لا بد أن يكنسن المساحة التي أمام البوابة الرئيسية ثم يرششنها بالماء¿ الآن لم تعد هناك حيوانات لكن لم يعد هناك أي اهتمام بالبيئة.
في المدن والعاصمة على رأسها أصبح من غير المستغرب أن ترى حمارا هائما يأكل الأوراق الخضراء للأشجار أن ترى معزة على مسطح أخضر من غير المستغرب أن ترى إطارات تحل محل الأسوار في المدن الثانوية تحدد معالم «الأحواش» وللأسف تكون في نفس الوقت مرتعا للبعوض أن ترى برميلا قد أكل معظمه «الذحل» في حوش خلفي لكلية الطب!! أن ترى مستنقعات تنتج البعوض وقد تكونت بفعل الإنسان الذي جرف التربة ليقضي بها حاجته ربما ليخرب حياة الجيران وحياته بالملاريا وحمى الضنك أن ترى براميل متهالكة في تعز مخصصة للمياه التي تتحول إلى آسنة والنتيجة معروفة أن ترى ماسورة وقد سدت بعودي فأصبحت المقولة «سدوها بعودي» واقعة في الواقع بالفعل!!
باختصار لم نعد نحترم البيئة ونحرص عليها ونضعها في مآقي العيون وإن أراد المتشكك فليخرج راجلا وسيرى.
} } } }
سمير العقر
{ يوم أن كان لكرة القدم شم وطعم كان ناديا الشعب بصنعاء والزهرة متجاورين الباب واحد والطريق واحدة وخلال سنين حدثت مناكفات تكونت صداقات منافسات في الملعب لا تنتقل إلى خارجه مشاحنات كنا نناكف بعضنا نصرخ بعض الأحيان وعند أقرب بوفية بجانب نادي الوحدة ننسى كل شيء إلا صداقتنا وانتماءنا للرياضة.
كان في الزهرة وجوه رائعة طيبة افتقدناها الآن كان هناك علي النعامي الرجل الذي أفنى عمره من أجل الزهرة ومحمد النعامي وعلي البروي ومن اللاعبين الأفذاذ الأصدقاء سمير العقر كحارس خالد الناظري عبدالخالق الحيمي عبدالخالق شمسان وآخرون كثر لا يسعفني الوقت على تذكر أسمائهم.
كان سمير العقر – رحمه الله – الذي فقدناه قبل يومين أحد نبلاء كرة القدم لا تفارق الابتسامة والطيبة وجهه وفي الجامعة كان هو الوجه المحبوب بين الجميع أفتقده الآن صديقا ولاعبا وإنسانا نبيلا.
رحمك الله يا سمير والعزاء لكل الزملاء الأصدقاء في الزهرة أيام أن كانت تحلق في الفضاء.