مشاهد يومية ..هنا …… إلى متى¿¿ 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش
 { ترى بماذا كان يفكر من اخترع الإذاعة¿ وهل كان يتصور أن ما اخترعه سيحول العالم إلى قرية صغيرة بالصوت¿ بالتأكيد لو كان حيا ورأى إلى أين وصل المشوار فسيموت خوفا من الصورة الحالية حيث الكون أضحى غرفة صغيرة وصغيرة جدا.
 وبظهور أول إذاعة وهي K.D.K.A في أمريكا عام 1920م ثم إذاعة الـ B.B.C تطور المذياع حتى وصل من أبو حجر كبير حتى الترانزيستور فقد مر – أيضا – بمراحل أبو زرارات وأبو كعكة وبأحجام مختلفة من الصندوق الكبير حتى الحجم الصغير جدا والذي يقوم بنفس المهمة وأفضل.
ارتبط الإنسان بالإذاعة من خلال حاسة السمع ولذلك حين سأل زميلنا علي صلاح أحد مذيعي الـ B.B.C الكبار عن تواري الإذاعة أمام سطوة التلفزيون قال : ستظل الإذاعة ما ظلت حاسة السمع. تفتحت حاسة السمع لدينا على إذاعة صوت العرب وأحمد سعيد ومحمد عروق وفي القرية تناهى إلى أسماع جيلي اسم إذاعة «لندم» من الحاج قاسم إسماعيل – رحمه الله – ولم نكن نعلم ما هي «لندم» هذه ولا أين تقع لكنه كان يحدث الآخرين في صحن المسجد عن الإنجليز والطليان وعن صوت العرب وجمال عبدالناصر وحين سمع صاحبه «إسحاق» وهو من يهود اليمن يرسل إليه التحية ولـ «قائد قاسم» من إذاعة «أورشليم القدس» ارتعدت فرائصه وأقفل المذياع وخرج إلى المسجد يحكي للآخرين ما حدث وبخوف شديد!! ارتبطت حاسة السمع طويلا بإذاعة الـ B.B.C ورشيدة المدفعي وقول على قول وندوة المستمعين و«صباح الخير … هنا لندن الـ B.B.C» وفيها عمل فطاحلة المذيعين ومنú سموا باللغة أسلوبا ومفردات.
وفي ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية قرر «جوبلز» زعيم الدعاية لهتلر القضاء على إذاعة كانت ترسل الإشارات إلى المقاومة الفرنسية وحين لم يستطع القضاء عليها لجأ إلى سلاح التشويش. وأول العام 1962م سمعت إذاعة بغداد تزف إلى العرب خبر ثورة عبدالسلام عارف ومن الراديو سمعت أذناي لأول مرة «هنا إذاعة الجمهورية العربية اليمنية من صنعاء» ومن خلال الإذاعة طالما سمعنا خطب الزعيم العظيم جمال عبدالناصر.
وفي الاتحاد السوفيتي السابق كنت ترى في كل غرفة من غرف الطلبة جهازا كالسماعة هو في حقيقة الأمر راديو ولكن بموجة واحدة تصل بها إذاعة موسكو ويبدو أنها كانت لإذاعة توجيهات ما إلى جانب برامجها وقت الحاجة لأن لا مؤشر للجهاز بمحطات أخرى!! والأذن العربية التصقت طويلا بصوت العرب ومنها أعلن جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس وحولها توحد العرب في الحقبة الناصرية وقد نافست صوت أمريكا الـ B.B.C وخطفت منها مساحة كبيرة مونت كارلو ومساحة أصغر القسم العربي بإذاعة هولندا التي كان لنا فيها موطئ قدم من خلال عبدالرحمن باجنيد.
ومن إذاعة عدن ظللنا مرحلة طويلة نلتقي بالمرشدي ومحمد عبده زيدي ولتصل الإذاعة البحر بالجبل. وفي إذاعة تعز التي ظل عبدالله عبداللطيف القدسي يسميها دهرا إذاعة «أحمد وجاود» نسبة إلى جاود نوري وأحمد عبدالمجيد حيث كان الاستوديو يبيع بطاقات ما يطلبه المستمعون وأطلق عليها تسمية أخرى في الستينيات «إذاعة فلانة وأخواتها» باعتبار أن النساء كن يسمعنها في مطابخهن صباحا ومن خلالها تعلمت أنا أول الحروف حيث ساهمت مع الأستاذ زيد الغابري – أطال الله في عمره – في بريد المستمعين وكنت أغلق على نفسي في بيت وادي المدام وحين أسمع اسمي تجتاح جسدي حمى فرح ووجل لا نهاية لهما لكنها أجمل حمى.
وإذاعة صنعاء لا تزال إلى اللحظة تقاوم وعلى المستوى المحلي لا تزال سيدة الموقف. وفي أمريكا تنتصر الإذاعة بسبب المساحة الهائلة حيث يستمتع الناس بالراديو على السيارة وليس – فقط – في «الهاي واي» بل وفي شوارع المدن وفي الأردن انتصرت أمانة عمان للإذاعة فبسبب شكوى من راكبة تاكسي بالسائق الذي كان يدير أغنية خادشة للحياء وهي راكبة ألزمت الأمانة تاكسيات عمان بتشغيل الإذاعة الأردنية وإلا تعرضوا لعقاب.
هل هناك منكم منú لا يزال يسمع الإذاعة¿ أنا شخصيا أستمتع بإذاعة صنعاء صباحا على السيارة وباقي الوقت في المنزل تتسمر عيناي على الفضائيات التي تزحف على المساحة كلها!! ترى هل يأتي يوم وتختفي الإذاعة نهائيا¿ لا تزال إجابة أحد كبار الـ B.B.C تدوي في أذني. في الأحداث الأخيرة في تونس ومصر كم عدد الذين تابعوا الإذاعات¿ هل يمكن لمعهد قياس الرأي العام أن يقوم بعمل استبيانات¿ الشيء الآخر والأهم أنه لا توجد لدينا محليا دراسات وبحوث تبين لنا المراحل التي مرت بها وسائل الاتصال من الراديو حتى التلفزيون حتى الإنترنت والفيس بوك والتويتر واليوتيوب والرسائل التليفونية بأنواعها كتطور تقني أولا وثانيا الأثر الاجتماعي والثقافي وأي أثر تركته وسائل الاتصال في بلادنا وتاريخ دخولها البلاد أول إذاعة أول صوت أول مذيع من ا

قد يعجبك ايضا