تأملات .. مؤتمر المياه..هل نستفيد من تجارب الآخرين ¿ 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

الشيء الجيد والمثير للاهتمام أن يتضمن أعمال المؤتمر الوطني لإدارة وتنمية الموارد المائية الذي بدأ أعماله أمس استعراض تجارب بعض الدول الشقيقة وخاصة القريبة أو الشبيهة في وضعها المائي لواقع اليمن .

فقد استضاف المؤتمر على حد علمي بعضا من المختصين في قطاع المياه من عدد من الدول العربية .

وفي جلسة الأمس وبعد أن شهدت قاعة المؤتمر نقاشات ومداخلات وتعليقات غاصت في عمق تعقيد القضية المائية في اليمن حتى ساد الإحباط من ضعف أو عدم فاعلية المعالجات والتصورات والخطط والاستراتيجيات والتشريعات التي أنجزت خلال الفترة الماضية, لتتفاقم المشكلة حتى أصبحت كما قال الدكتور محمد لطف الارياني بمثابة معضلة, ووسط هذا التساؤل ومحاولة استشراف أنجع الحلول للخروج من هذه الأزمة, جاء دور احد المختصين بسلطنة عمان هو الأخ زهير خالد السليماني, المدير العام لمشاريع الهيئة العامة للكهرباء والمياه .

الذي أبدى إعجابه في بداية حديثه بتجربة اليمن في مجال انجاز الدراسات والخطط والاستراتيجيات والتشريعات المائية, وقال: حقيقة نحن يهمنا في سلطنة عمان الاستفادة من هذه الأعمال المميزة, ولاشك انه استوعب على ضوء ما سمع أن مشكلة المياه في اليمن تنحصر بوجود فجوة بين ما يكتب وبين التطبيق والتنفيذ في الواقع الميداني .

وعندما استعرض تجربة بلاده, لم يحتج أكثر من عشر دقائق, ولخصها في نقاط تعبر عن إجراءات عملية وسهلة أثارت الانتباه والإعجاب, فتلك التجربة, مترابطة تقوم على ترجمة الأفكار إلى أفعال .

الخطوة الأولى هو أن موضوع المياه تحت إشراف السلطان قابوس نفسه, فهو رئيس مجلس المياه فحتى تصاريح الحفر لا تتم إلا عبر هذا المجلس .

أما القانون فهو شديد الصرامة في هذا الجانب, فموظف الرقابة في هيئة المياه يمتلك صفة الضبط القضائي, فبمجرد اطلاعه على أي مخالفة مدللة وموثقة, يصبح هذا الموظف هو المدعي وشهادته موثوقة طالما هي مؤكدة ومثبتة بالأدلة, ويتحمل المخالف عقوبة شديدة .

لا يستطيع أي شخص أن يحفر أي بئر حتى وان تستر تحت سقف مطبخه, أو غرفة نومه, فبالإمكان اكتشافه.

لا يستطيع أي شخص يتجه إلى أي ورشة ميكانيكية لإصلاح مضخة مياه ما لم يكن صاحبها يحمل الموافقة والتصريح بذلك, وإلا فإنه وصاحب الورشة يتعرضان للعقاب .

قال أخونا العماني, أنهم كانوا يشكون من التوسع في زراعة الاعلاف, التي تقدم للمواشي, لأنها تستنزف كميات من المياه, وكان الإجراء الذي اتبعته الحكومة هو عدم السماح بزراعة الاعلاف في مناطق الأحواض المائية أو القريبة منها, وشجعت على زراعتها في المناطق الصحراوية.

كما منعت تصدير الاعلاف, حتى لا تغري المزارع بالتوجه لزراعتها وبالتالي سيكون ذلك سببا في استهلاك المزيد من المياه, لذلك فرضوا ضرائب على من يصدر الاعلاف, وعفوا مستورديها من الضرائب .

كما منعوا زراعة محاصيل زراعية في مناطق لا تتلاءم بيئتها لزراعتها, وضرب مثلا لذلك زراعة الموز التي تناسب بيئة منطقة صلالة على زراعتها, فمنعوا زراعتها في مناطق أخرى .

لم يغفل أخونا العماني الإشارة إلى مشكلة جزئية وهي عندما شجعوا وتوسعوا في استخدام الري الحديث منها ( الري بالتقطير ) تبين أن بعض أنابيب الشبكة تتعرض للانسداد بسبب تراكم الأملاح, اكتشفوا أن هناك مشكلة في الصيانة, فعملوا على حل هذه المشكلة من خلال تدريب المزارعين على صيانة الشبكة آلي كلما استلزم ذلك.

إذا نحن أمام تجربة سهلة, تنفذ بسلاسة وبآلية مرنة وعملية مؤطرة بإمكانيات قانونية, وفنية, وعلمية رائعة .

هذه هي سلطنة عمان التي لا يتجاوز سكانها ثلاثة ملايين تقريبا, ودخلها مرتفع وتبدي كل هذا الاهتمام بالمياه, فنحن أحوج أن نكون أكثر مسؤولية وحرصا على الثروة المائية, المرتبطة بكل حياتنا ونشاطنا وتطورنا, ومستقبل أجيالنا ونحن نعاني من تدهور في المصادر المائية المتاحة, مع زيادة الطلب المستمر عليها الذي يأتي عبر نمو سكاني مرتفع, أوصلنا حاليا إلى ما يقارب 24 مليون نسمة, وبعد عشر سنوات سنصل إلى ما يقارب 36 نسمة . .. وهنا نتساءل ماذا نحن عازمون¿ فهل يتغلب الفعل على كثرة الكلام¿

قد يعجبك ايضا