في أربعينية المناضل الكبير اللواء عبدالله جزيلان 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

د.عبدالعزيز المقالح
 
  أربعون يوما مرت على وفاة المناضل اللواء عبدالله جزيلان أحد القادة الكبار في تفجير الثورة اليمنية وصاحب أكبر دور في الليلة العظيمة التي أطلعت الشمس في منتصف ليل اليمن ونقلته – بمخاطرة وطنية محسوبة -من القرون الأولى إلى قلب القرن العشرين . وتعود صلتي بفقيد الوطن الكبير إلى صيف عام 1957م . كان -يومذاك- يسكن مؤقتا في منـزل أخيه لأمه العقيد عبدالكريم وحيش وكنت قد تعرفت على هذا الأخير قبل ذلك بعامين في مدينة حجة عندما كان ضابطا في قيادة أحد الألوية العسكرية المرابطة في تلك المدينة . وعندما انتقلت من حجة إلى صنعاء دعاني لتناول الغداء والتعرف على أخيه أحد طلاب بعثة الأربعين الشهيرة . وفي منـزل العقيد عبدالكريم تعرفت على اللواء عبدالله جزيلان -المقدم آنذاك- وتحدثنا يومها في أمور كثيرة وروى لي شطرا من ذكرياته في لبنان حيث بدأ دراسته مع رفاقه في بعثة الأربعين ثم سرد شطرا من ذكرياته في مصر التي أكمل فيها دراسته وتطورت الصلة بعد ذلك اليوم لتنمو إلى صداقة متينة فقد كنا نلتقي كثيرا لنقرأ ونراجع ما نقرأ وقد لاحظت أنه كان شغوفا بقراءة الروايات والكتب التاريخية وكنت أشاطره هذا الشغف وأختلف عنه بالإقبال على قراءة الشعر والأدب .
  وفي عام 1958م عندما أنشئت الكلية الحربية وبعد أن انتقل إلى منـزل آخر بقيت الصلة وطيدة رغم انشغاله بالتدريس في الكلية وتعيينه نائبا لمديرها ثم مديرا لها . وفي هذه المرحلة تعلم الفقيد الكثير من الزعيم حمود الجائفي الذي سبقه إلى إدارة الكلية ولعل أهم ما تعلمه منه الزهد وعدم التكالب على المناصب أيا كان نوعها . وقد كانت فترة إدارته للكلية الحربية – على قöصرöها – من أخصب السنوات لا في عمره فحسب وإنما في عمر الوطن فقد تتابع إنشاء الكليات العسكرية تحت ضغط داخلي وخارجي وأقبل عليها الشباب الوطني بوصفها الطريق الممكن لتخليص الوطن من ركام التخلف وسيطرة الاستبداد والاحتلال الأجنبي.
  في هذا المناخ تعمقت صلة اللواء عبدالله جزيلان بزملائه الضباط الكبار وتلاميذه من الضباط الصغار ووصلت إلى مرحلة الإعداد للثورة والاستفادة من الفرص السانحة وأهمها الخلافات التي كانت دائرة على أوسع نطاق بين أفراد الأسرة الحاكمة فقد كان كل فرد منهم يدعي أنه الأحق بحكم هذا الشعب الذي كان يبدو خاضعا مستكينا وهو ليس كذلك .
   وهنا تجدر الإشارة إلى أن البعض كان يأخذ على اللواء عبدالله جزيلان اعتزاله العمل السياسي منذ وقت مبكر ولم يدرك هذا البعض أن التجربة التي خاضها في سنوات ما قبل الثورة وبعد قيامها كانت كافية لتقنع من هو في مثل حساسيته وترفعه عن المهاترات والمنافسات في بلد لم يستقر على حال ولم تستوعب سوى قلة من أبنائه الولاء للوطن ممن لم تتغير مواقفهم ولم ينتقلوا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لأمور شخصية ودفاعا عن مصالح ذاتية . لقد عرف نفسه وأدرك أنه غير قادر على الدخول في المعمعة تلك التي لا يحقق الدخول فيها أي مكسب للثورة أو للوطن والتاريخ فآثر الابتعاد والعزلة . ويكاد يكون الحال نفسه مع عدد من زملائه الذين حاولوا التكيف مع الأوضاع ثم وجدوا أنفسهم في حالة من العزلة المريحة.
  لقد عشت معه سنوات طويلة في القاهرة وشهدت عن قرب متابعته لأوضاع الوطن من أواخر الستينيات وإلى أواخر السبعينيات وكيف كان يحترق من الداخل وينظر بحزن إلى الصراعات التي كانت تدور بين شمال الوطن وجنوبه وبين الرفاق في الشمال والرفاق في الجنوب وكانت نتائج متابعته غير مشجعة ولا مبررة للعودة والانضمام بالضرورة إلى هذا الطرف أو ذاك وكان يرى أنه يستحيل بناء اليمن الحديث وفرض الاستقرار فيه إلا إذا تنازلت الأطراف المتصارعة لبعضها البعض أو بالأصح للوطن الذي يستحق ذلك.
  والملاحظ أن صراع الأطراف ما يزال قائما حتى اليوم رغم كل ما جرى من تجارب ومن مواقف تاريخية كانت حاسمة وكفيلة بأن تجعل الجميع يتناسون كل الخلافات والجراحات ويحتكمون إلى العقل وحده فقد كان عليهم أن يبدأوا مرحلة البناء والتصحيح لأخطاء الماضي بدلا من إرباك الوطن ومحاربة طواحين الهواء وإطالة زمن ترويع الشعب والاختلاف على السراب .
  رحم الله فقيد الوطن الكبير اللواء عبدالله جزيلان وتغمده بواسع الرحمة والرضوان . والبقاء لله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا .
 
أروى أحمد الخطابي في أول رسالة علمية عن البن اليمني :
  الباحثة أروى الخطابي مدرسة في كلية التربية جامعة صنعاء . والكتاب الذي صدر لها منذ أيام خلاصة رسالة ماجستير تتضمن في فصولها الأربعة دراسة علمية شاملة عن البن اليمني المتميز عالميا . جمعت ا

قد يعجبك ايضا