مشاهد يومية..أريد القانون 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش
– صباح الخير.
– ……………
– السلام عليكم.
– ……………
– مالك¿
– ……………
عاد ليهزه بقوة : مالك أنا من الصبح بينحاكيك وأنت ولا كأنك هنا.
– أسألك بالله لا تكلمني.
– طيب مالك¿
تنهد من أعماقه وأرسلها زفرة كأنها دفعة نار : قتلوا ابني ظلما وعدوانا والآن يطاردوني يشتوني أفتح بيتي.
– تفتح بيتك ليش¿
– يشتوا يجوا يحكموني واسحب القضية من النيابة.
– طيب اتحمد الله ما عد تشتي اقبل واحكم بما تريد.
– لا أريد أن أحكم أريد الدولة أن تحكم تبرöئ غريمه المحكمة أو تدينه أما أن يحل الديوان محل النيابة ويحل المقصد أو المقدم محل المحكمة فلا يمكن أن أقبل.
– يعني أنك ما تحترمش لا القبيلة ولا الأعراف ولا وجوه الناس ولا المشائخ.
– بالعكس أنا أحترم القبيلة والقبائل وأعرافهم وعاداتهم وتقاليدهم الحميدة والمشائخ أصحابي وأصدقائي وهم مواطنون جزء مني لكنني أريد أن أحترم الدولة أكثر حين تكون غطاء للجميع فالقبائل مواطنون تحت سقف القانون والمشائخ رجال كبار محترمون تحت نفس السقف لكن أن يختلط الجزء بالكل فلا فالجميع مواطنون.
– لكن الناس كلهم يفعلون كذا.
– إذا كانت الدولة تتنازل عن دورها عن مكانتها فهي المسؤولة لكن أنا سأظل أنادي بتواجدها وبقوة.
– يا رجال قع «مع اخوتك مخطي ولا وحدك مصيب».
– هاه هو ذا الذي ضيعنا نظل نرفعه شعارا بديلا عن سيادة القانون.
– والآن ماذا ستفعل¿
– ازددت إصرارا الآن وسأظل أنشد المحكمة مهما حصل.
}  }  }  }
يسمع أصواتا من الاتجاه الثاني في الشارع :
– يا صالح يا صالح.
– مالكم ما تشتوا¿
– يا رجال عيب عليك المشائخ وكبار القوم وأعضاء مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني الجميع أمام بيتك.
– ما يشتوا¿
– يشتوا يحكموك دخنا ندورك من الصبح عيب عليك تسود وجوهنا.
– والله لو تسود وجوهكم لا تقوم القيامة ما أقبل أريد الإنصاف أريد العدالة المحكمة لي وعلي أريد القانون وأنتم أعجبكم اعجبكم ما اعجبكمش أنتم أحرار.
}  }  }  }
هذه الصورة تتكرر كل يوم يعتدى على الناس ثم يظهر التحكيم يعتدى على الحقوق فيظهر الحل «الشوارعي» «ثلثين وثلث» تحل الأعراف محل القوانين يغيب قسم الشرطة أمام الوسطاء تغيب النيابة أمام الدواوين تغيب المحكمة أمام قوة العادة والسؤال : إلى متى¿
– في كل مقدم في كل مقصد تجد ألف واحد ينتقد ما يحصل وللأسف تجد المنتقد أول الحاضرين.
حتى مجلس النواب تجده بقضه وقضيضه موجودا وفي عمق صورة الهروب من القانون وإحلال أشكال من علاقات اجتماعية – نحترمها – لكن لا بد أن يحل القانون محلها.
نحن في القرن الحادي والعشرين وفجأة نعود إلى أعوام ما قبل 1962م حين نشجع الخروج على الدولة تحت وطأة القبول بالأعراف التي نحترمها ولا نحملها وأصحابها اللوم بقدر ما ندعو الدولة إلى الحضور في المشهد بقوة وإلا فلنعلن بصراحة حل المؤسسة التشريعية والشرطة والنيابة ونمنح المحاكم إجازات ونسيد الديوان والواسطة وكل البدائل التي نراها محلها ونقول لكل ما حلمنا به وحاربنا من أجله ولعقولنا : مع السلامة.
}  }  }  }
عاد ليقول لصاحبه بعد كل ذلك :
– هيا ما قررت ستقبل بالتحكيم والصلح.
نظر إليه شزرا : والله ما أقبل أنا أريد الدولة أريد القانون ولا بديل غيرهما.
 
 

قد يعجبك ايضا