تأملات ..حالة قلق 2-2 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

محمد العريقي
في المقالة السابقة قدرت الوقت الذي يهدر أثناء ذهابي وعودتي من وإلى الصحيفة بـ240 ساعة سنويا, مقارنة بالوقت الذي يهدره كل قائد سيارة في العاصمة الفرنسية باريس والذي حددته إحدى الدراسات بـ70 ساعة سنويا, واعتبرت بذلك مدينة باريس من أكثر المدن الأوربية ازدحاما اعترض بعض الزملاء وأصروا أن الوقت الذي نهدره بالعاصمة صنعاء أكثر من ذلك, لأنهم مدركين ومعايشين لحالة الإرباك والزحمة المرورية.
وبما إنني قد وعدت باستعراض بعض الظواهر التي تؤدي إلى هذا الهدر من الوقت, فإني هنا أتناول جزء منها, ولدى البعض إضافات أخرى.
 فما إن أبدأ بتشغيل سيارتي وأتحرك بها يمينا حتى أتوقف لدقائق أمام ربكة سير دائمة وراسخة تعودنا عليها تتمثل في التقاء ثلاث أو أربع سيارات عند فتحة واحدة هي مصب لأربعة شوارع, والقادم من أي شارع يريد أن يكون الطريق له وحده وهذا التفكير والإصرار يقود إلى التقاء أولي الأربع السيارات في تلك الفتحة فيتعطل الجميع  لدقائق طويلة, والشاطر هو الذي يتجاهل ولا يحسب حساب لمن حوله, المهم يزاحم, وينفذ إلى اتجاهه المقصود, وأثناء السير في أول شارع تبدأ مرحلة توتر الأعصاب عندما تجد السيارات تتقافز إلى أمامك من الشوارع الفرعية والفتحات المتعددة كل أنواع السيارات التي يقودها صغار السن عديمو الخبرة, والمراهقون المتهورون, والكبار المستهترون, سيارات ومركبات من مختلف الأحجام والأغراض, وأخطرها السيارات التي تنقل المياه (الوايتات), أو الناقلات للقمامة التي تتوقف أمامك كل لحظة لكي يلتقط عمالها القمامة المتناثرة على طول الشارع, ولذلك عليك أن تخفف السرعة وتقف أحيانا للتعامل مع هذا الوضع حتى تواصل سيرك بسلام.
أما مرور سيارات الأجرة (نصف صفراء, أو صفراء كاملة..) فحدث ولاحرج كيف تزاحم, وكيف تقف بكل عباطة في أي مكان من الشارع لالتقاط أو إنزال راكب, وعندما أدخل الخط الدائري تبدأ معركة المرور الحقيقية مع حافلات الركاب (الباصات, أو الدبابات) توقف مفاجئ يدوم لدقائق لإنزال راكب من المقعد الخلفي, ويتجه إلى الشباك القريب من السائق, ليسلم الأجرة, وينتظر باقي الفكة هذا إذا كان مع السواق فكة, أما إذا ما فيش صرف ممكن يقوم الراكب بالبحث عن صرف في الدكاين القريبة, أو يسأل المارة, وكل ذلك والباص وسط الطريق, ومن خلفه عشرات السيارات تنتظر تحركه, وما عليك إلا التحلي بالصبر, والاندماج مع المذياع أو المسجل, حتى يفرجها الله.
وهناك أيضا بعض السائقيين يتميزون  بطباع كريهة وثقالة دم, يتعمدون الوقوف في وسط الشارع, وما أكثر هذه المشاهد, أمام أسواق القات, وبجانب المطاعم الشعبية, وأسواق الخضار, والمحلات التجارية, وفي الشوارع التي تتواجد فيها المرافق الحكومية, وبقرب المستشفيات وغيرها.
وبعض المستهتريين, يتجاهل كل آداب الطريق, فتراهم يعكسون الخط, للوصول إلى الجسر أو النفق, وهناك من يرجع إلى الخلف في ذروة الزحمة, أو في الخط السريع, لأنه تذكر انه سلك طريقا أطول, وهذا يحدث عند بداية الصعود إلى الجسور أو الدخول إلى الأنفاق, كل ذلك يعيق حركة السير, ويسبب الزحمة, ويستنزف الوقت والجهد ولاشك أن الكثير له تجربة مريرة ومفجعة مع الموترات التي تسير بسرعة جنونية ومن كل الاتجاهات, لا تتقيد بأي نظام, وتفاجأك من اليمين, ومن اليسار, ومن الخلف, ومن الأمام, فتضعك, وتضع صاحبها والراكب عليها في حالة خطر حقيقي, وارجعوا للبيانات الإحصائية لضحايا الحوادث المرورية, ستجدون نصيبا كبيرا لحوادث الدراجات النارية.
وإذا أضفنا إلى هذه المظاهر المسببة للإرباك والزحمة المرورية, ظاهرة الحفريات, وسد الشوارع, أثناء الردم وانجاز اعمال إنشائية العامة أو الخاصة, فقد تتعود السلوك بطريق معين في كل الأوقات, وبدون إشارة أو سابق إنذار تفاجأ انه مغلق, وكذلك الحال عند نصب خيام الأعراس .
المحير في الأمر والمسبب للغيض والحنق أن فوضى الشارع والزحمة مستمرة, ولا نجد من يقول هذا غلط.

قد يعجبك ايضا