مشاهد يومية.. بيúع القضية
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش
{ شكا زميل عزيز من أن الزملاء لا يقرأون وبرغم أنهم كذلك فيهاجمون الآخرين لأنهم «باعوا القضية».
لا يدري هذا الزميل أننا نعاني من مشكلة قراءة وخذ مثلا فالزملاء لا يقرأون لبعضهم ولا ينظر أحد لما كتب الآخر على الإطلاق ويا ليتها الغيرة لا بل لأن الغالبية العظمى ومن بينهم منú يفترض فيهم حملة أقلام ورواد كلمة لا يقرأون لبعضهم وإذا أردت من شر البلايا فاعلم أن البعض لا يقرأ لنفسه!! كيف¿ سأقول لكم إن كثيرا من الزملاء ليس بالضرورة أن يكون جميعهم من هذه الصحيفة بل من كل الصحف يسلمك مادة للنشر فتنشرها فيأتي ويتصل أو يلتقيك وهات يا عتاب : ليش ما بيني وبينك¿ وحين تسأله : مالك¿
– لم تنشر مادتي وحين تقول له : بل نشرت قبل يومين يمتقع وجهه : والله مانا داري في أي عدد أين هوه وهكذا.
وهناك وجه آخر للصورة فكثير ممن يكتبون من الخارج فيرسل لك ما كتبه وتنشره ويتصل بك بعد أيام : الله المستعان!! ومن خبرتنا تضحك تسأل : ماذا حصل¿
– يا رجال تنشروا للإنس والجن ونحن ما بيننا وبينكم فتقول : نشرنا يصيح «يعاوه أيحين» تقول : قبل كذا والله ما لي علم يرد خجلا لأنه لا يتابع وما كتبه مجرد تصنيفة فلا يقرأ وهناك الكتاب «المصنöفين» الذي يحضر مقيلا فيجد الناس يتحدثون عن قضية ما مناسبة ما فيحسبها بينه وبين نفسه وقد يكون مسؤولا سابقا : شاروöح وأكتب يمكن يشوفوها وأعود إلى دائرة الاهتمام وفي الصحيفة الفلانية شارسلها للصاحب فلان ويرسل وبعدها كل نصف ساعة اتصال وكل ساعتين اتصال فتحلف بأغلظ الأيمان : والله لا تنشر ولا يهمك فيفاجئك بالاتصال مرات ومرات وتنشرها فيكون قد نسي لأنك قد نشرت فلا تجيبه لتفاجأ أنه لم يقرأ حتى يكتشف أنها نشرت وهات يا ملاحقة : عند الله وعندكم أين شاحصلها!!
وهناك وجه ثالث أو رابع للأمر فأنت تكتب يوميا فيقابلك أحيانا من الزملاء خارج الصحيفة : إنا مالك هذي الأيام ما عد بتكتبش فلا تجد أمامك من مخرج سوى أن تقول : والله حال الدنيا وماذا نفعل مشاغل هموم والكتابة لم تعد مجدية بدل ما يبرر هو غيابه تتحمل أنت وهات يا تبريرات!! وعندما تعود إلى نفسك ما عليك إلا أن تبكي وحين تزداد حدة البكاء تتوقف لتسأل نفسك : وانا على أيش ابكي!!
وتستغرب أن كثيرين يحملون معهم إلى البيت أرطالا من الجرائد وتجد في الأخير أنهم لا يقرأون وإذا سمعوا بالصدفة عن مقالة لفكري لسامي لعارف أو مقابلة حامية الوطيس هات لك من جري للبحث!! وقد يكون حمل العدد المقصود أو الأعداد معه وفرشها للأكل أو أتى الجيران وأخذوها للأكل أيضا!!
وبالنسبة للكتب فقليلون هم منú يقرأون وهم الوحيدون الذين يعلمون بآخر عنوان نزل إلى المكتبات ولذلك تجد أكثر من مؤلف يشكو : لماذا أطبع الكتاب الفلاني¿ من أين أسدد للمطبعة¿
وإذا أردتم فاسألوا عمن يعرف عن عنوان آخر كتاب جميل لقادري أحمد حيدر ما هو عنوانه¿ وهو الكتاب الذي عرضنا له في صفحة تقريبا بقلم فايز البخاري ولن أقول في أي تاريخ فمنú شاء فليبحث هل نعاني حالة توهان¿ حالة قرف¿ حالة لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي هي حالة خاصة بنا ترانا نفرح فجأة لنكتئب فجأة لنحبط في اللحظة التالية لنضحك في الأخرى لنعود إلى حالة القرف من جديد سعداء هم منú يجمدون أحاسيسهم ومشاعرهم ربما.
نعود إلى مسألة الأحكام القاطعة فالزميل العزيز يعاني من حالة إحباط بسبب الحكم المتسرع في أنه «باع القضية» ولا تدري بالطبع ما هي القضية التي باعها في نفس اللحظة التي نظل نلت ونعجن أنه طالما ونحن نقول بالديمقراطية فهي تتحمل كل وجهات النظر وكل اختلاف فيها أو تباين هذا إذا كنا بالفعل نعلم عنها ما يفترض أن نعرف أو نعلم أن الاختلاف لا يفسد للود قضية وقبل هذا يفترض في منú ينقد الآخرين أو يرمي زجاجهم أن يتسلح بالمعرفة أولا بالعموم ومعرفة الشيء الذي يناقش فيه أو يختلف أو له وجهة نظر – وهذا حقه – أما أن نطلق الأحكام جزافا فلا على أن الأهم يظل أن نقرأ وكيف على أنني لا أزال أتذكر ذلك الصديق الذي جاء إلى منزلي ذات مرة للمقيل ومن الباب ظل يصيح : خلاص بعت كل شيء قلت : بعت ماذا¿ أيوه صح بعت سيارتي قال : لا القضية قلت : وكيف عرفت¿ قال من اليوميات قلت : هل قرأتها قال وبشجاعة : لا قالوا لي قلت : اخرج من بيتي.