الشعب مصمم
علي الشرجي
علي الشرجي
علي الشرجي
قيل إن الديمقراطية لا تبنيها جيوش الغزاة وأذيال العمالة لأنها نظام حكم وحياة يقوم على الاختيار الوطني الحر والقناعة والالتزام بالنتائج مهما كانت قاسية على البعض – طالما والمستفيد الأول والأخير هو الوطن.
غير أن ما يثير الانتباه في خطاب الأحزاب ومنابرها الإعلامية أنه يفصل تماما بين الاستحقاقات الانتخابية في دوراتها المختلفة وبين الممارسة الديمقراطية وحراك المشهد العام واختزال الديمقراطية بمحطات مناسباتية تمارسها النخب المسيسة لإنجاز مكاسب شخصية باستخدام الصراخ الديمقراطي أثناء الحملات الانتخابية كغطاء لشرعية منقوصة تنتفي معها الدلالة القيمية للمبدأ الحزبي والوطني.
البعض لديهم إجابات جاهزة عندما تثار مسألة عدم الاكتراث بمضامين الديمقراطية وضوابط ممارسات وأنشطة الأحزاب والتنظيمات السياسية.. عندما يبررون لهذا الحزب أو ذاك التجاوزات التي لا تندرج في إطار حرية التعبير أو الرأي الآخر, ولأن شعبنا اليمني قد ارتضى خيار الديمقراطية ويرفض أي تراجع عنه حتى لو غابت كل القيادات الحزبية والسياسية عن طاولة الحوار وأغلقت الأحزاب أبوابها في وجهه, فينبغي أن لا يتصور الحزبيون أنهم سيخذلونه بل عليهم أن يتيقونوا جميعا أن نجاح أي حزب أو تنظيم سياسي مرتهن بالتأييد الشعبي الحقيقي الذي سيحصل عليه والذي يترجم نفسه في أصوات الناخبين داخل الصناديق وليس الرهان على الشبهات والمواقف الهزيلة مهما تبدت زينتها.
وأي حزب أو جناح سياسي حزبي سيجنح للفوضى والتحريض على العنف والإرهاب والانفلات سيصبح غير شرعي بالقانون والأعراف الحزبية والديمقراطية.
وهنا الحاجة ماسة والضرورة الوطنية ملزمة للتدخل الفوري من قبل لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية ومعهم كافة العقلاء من شتى التيارات والقوى الوطنية لمواجهة أي خروج طارئ على الدستور والقانون خاصة وأن الشعب مصمم على مواصلة بناء دولة المؤسسات الدستورية والإصرار على الديمقراطية وتحصينها بممارسات خالية من الشوائب من أجل التفرغ لعملية التنمية ومسايرة متطلبات الحاضر وارتياد آفاق المستقبل.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون بعيدا عن اللجوء إلى الأساليب والطرق غير الشرعية خارج مقتضيات الأمن القومي وخارج الشرعية القانونية.
ومما لا شك فيه أن الديمقراطية تتحمل مسؤولية إنسانية ووطنية كبيرة في تحقيق التنمية التي نرجوها.. إذ أن كل التجارب الإنسانية الناجحة التي حققت تقدما محسوسا وملموسا في تاريخ الدول شرقا وغربا تمت بلا إستثناء من بوابة الديمقراطية التي تحث على إنهاء كل العقبات أمام فرص الاستثمار وتفضح كل صور الفساد دون تعسف أو انتقائية وتدعو إلى سيادة النظام والقانون ومحاربة كل الظواهر والسلوكيات السلبية في المجتمع وتراقب أداء الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية بعين الحارس الأمين والناصح الزاهد وتطالب بالمزيد من الديمقراطية عبر القنوات والأطر الديمقراطية.
ولا أظن أن هناك نظيرا لحرية الكلمة في اليمن في أي بلد عربي أو نظام ديمقراطي ناشئ مع احترامي لكل جهود الآخرين.