لقاء الوجوه مع ذاكرة مشظاة 

الدكتورة رؤوفة حسن


الدكتورة/ رؤوفة حسن

د/ رؤوفة حسن   
شاركت في ورشة عمل استغرقت ثمانية أيام نظمتها جامعة صنعاء مع الجامعة الأمريكية وجامعة أوروبية وتم اللقاء في القاهرة لأن المشاركين والمشاركات من أوروبا لم يكونوا قادرين على تحدي الخطوط الحمراء التي أعلنتها بلدانهم ومنعتهم من السفر على نحو رسمي الى اليمن.
كان لهم أن يحضروا بصفة شخصية وحينها يتحملون وحدهم مسؤولية ما يحدث لكن التأمين الرسمي على حياتهم لن يتوفر.
التهديدات صدقت أو كذبت هي التي جعلت الناس يخشون من المجيء وإن كانت بعض الإجراءات الرسمية في بلادنا والخلاص من واحدة من قضايا الحرب المزعجة تبدو في الطريق قد تساعد على نهاية الخطوط الحمراء. المهم أن اللقاء كانت له أهمية خاصة في الترتيب لبرنامج علمي على مستوى عالمي لإعداد برنامج اكاديمي للماجستير في مجال التنمية الدولية.
المشاركة المتميزة:
من جامعة صنعاء حضر ستة عشر أكاديميا وأكاديمية من بينهم وجوه متميزة في مجالات نشاطها وخاصة على مستوى التميز في إعداد برامج أكاديمية قابلة للاعتماد دوليا باعتبار تميزها وجودة الأداء بها.
كان هذا اللقاء بالنسبة لي استعادة لذكريات هامة في تاريخ حياتي خاصة وانا أحاول هذه الأيام استجماع بعض شتات الذاكرة لكتابته كشهادة شخصية على أحداث تاريخية عشتها في بلادي. وهناك تفاصيل في مرحلة مبكرة من حياتي لأحداث هامة من وجهة نظري ليس عندي وضوح دقيق لها واحتاج إلى مساعدة من قبل أطراف أخرى ذات علاقة لإلقاء ضوء عليها.
وهكذا كان لقاء القاهرة هذه المرة مفيدا جدا في كشف تفاصيل قصتين كنت أبحث عن طريقة للملمة شظايا ذاكرتي بشأنهما.
أولها مشاركة الدكتور صائب سلام ثابت الذي لم اكن قد حظيت بفرصة التعرف عليه من قبل. ولكني سألته عن أسباب تسميته “صائب سلام” وهي التسمية الشهيرة لشخصية أخرى معروفة على المستوى العربي. فانطلق يحدثني عن والده وعن الموقف العروبي القومي الذي كان يتبناه. وفجأة لمع اسم الأب في ذاكرتي على نحو انطباعات عن منزل في باب شعوب حضرت فيه مرافقة للمرحومة خالتي إلى تجمع نسائي تم فيه.
كان هذا اللقاء قد تم ترتيبه من قبل المرحومة حورية المؤيد رئيسة أول جمعية نسائية في الدولة الجمهورية بمدينة صنعاء.
وكانت حورية قد عادت من دراستها في دولة اشتراكية وشعرت بالحاجة الى فعل شيء منظم من أجل النساء فبادرت إلى الترتيب لإنشاء الجمعية. وكنت صغيرة في العمر لكني سمعت بعض النساء اللواتي كن مع خالتي يتحدثن في ما بينهن على أساس أنهن سيذهبن لحضور اللقاء لمشاهدة المرأة التي تلبس لبسا غريبا حيث ترتدى البنطلون وتضع على عينيها النظارات. وبهدف الفرجة ذهبنا ولحدث تاريخي بالنسبة للحركة النسائية شهدنا.
وعندما بدأت الكتابة عن قصة رؤيتي الأولى للسيدة الجليلة المرحومة حورية المؤيد لم أتذكر تفاصيل المكان فذهبت الى باب شعوب ولم أجد أي شيء يشبه ما كنت أتذكره عن المنزل الذي استضاف اللقاء ولم أعرف من يمكنه أن يدلني على تفاصيل ذلك المكان فقد ماتت خالتي وليس في ذاكرتي أسماء لأي من الشخصيات التي كانت موجودة.
وهكذا شرح لي الدكتور صائب أن منزل والده لايزال في مكانه ولكنه محاط بسلسلة من المنازل تجعل الدخول اليه مختلفا عما كان عليه الحال عندما كان ذلك المنزل هو المبنى الحديث الوحيد من نوعه في ذلك المكان. وأن هناك البوم صور قد يكون اللقاء مصورا فيه.
الذكرى تشمل البيضاء:
رغم اني التقيت بالدكتورة سعاد السبع في فترات مختلفة لكن اللقاء معها هذه المرة كان له وقع خاص. ففي عام 1977م قمت بنزول ميداني مع فريق من التلفزيون لتسجيل برنامج صور من بلادي الذي كنت قد بدأته قبل أن ينفرد المرحوم الأستاذ محسن الجبري في ما بعد بتقديمه. وفي الفترة التي كنت اقوم بإعداد هذا البرنامج وتقديمه كان له طابع اجتماعي غالب حيث كنت ادخل إلى العائلة اليمنية وأسجل تميزها في مجال أو آخر.
وهكذا في البيضاء دخلت الى منزل الشاعر والد الدكتورة سعاد السبع لأسجل بعضا من قصائد شعره للبرنامج واتعرف على الطفلة المعجزة الشاعرة أيضا سعاد التي القت بعض قصائدها هي أيضا. وظل ذلك المنزل وتلك الفتاة تفصيلا غير واضح الملامح في ذاكرتي ساعدتني الدكتورة على الإحاطة بما تبقى من تفاصيله.
كان الكثير ينصحونني بكتابة مذكراتي على نحو يومي ولم اتمكن من إعطاء هذا الجانب الجهد المطلوب. وصارت عندي عادة أن يكون معي دفتر ملاحظات اسجل فيه احداث بعض اللقاءات وأنسى أحيانا تسجيل وقائع أخرى. وأعتبر أن ماكتبته قد يساعد ذاكرتي في استرجاع التفاصيل. وهو أمر ينجح أحيانا ويفشل في كثير من الأحيان.
raufah@hotmail.com

قد يعجبك ايضا