السياسي‮ ‬المحنك‮ ‬عـبد القــــوي‮ ‬حـاميم‮



إن قوة الرجال لا تقاس بمدى قدرتهم على التخريب ـ ذلك عمل‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يقوم به حتى قطاع الطرق ـ وإنما بمدى ثباتهم على المبادئ وتمسكهم بوجه الحق واستماتتهم في‮ ‬الدفاع عنه‮». ‬
تلقى العلوم الأساسية في‮ ‬صغره على طريقة التعليم التقليدي‮ ‬في‮ ‬كْتاب أو معلامة قريته‭, ‬ثم أرسله والده إلى مدينة زبيد لتلقي‮ ‬العلوم الدينية‮ ‬‮ ‬وقد قضى معظم طفولته كرهينة لدى الإمام‮ ‬يحيى حميد الدين بقلعة القاهرة‮ ‬‮ ‬حيث كان أحد تلامذة الأستاذ المناضل قاسم‮ ‬غالب‮ « ‬وزير المعارف في‮ ‬وقت لاحق‮ « ‬والأستاذ أحمد بن محمد نعمان‮ ‬‮ ‬والأستاذ محمد محمود الزبيري‮ .‬
والده هو الشيخ إبراهيم حاميم السروري‮ ‬‮ ‬أحد أكبر مشائخ لواء تعز في‮ ‬منتصف القرن العشرين‮ ‬‮ ‬وبحكم مسؤوليته عن حماية الحدود الشرقية لمدينة تعز‮ ‬‮ ‬أسهم الشيخ إبراهيم حاميم في‮ ‬عمليات تهريب الأحرار الفارين من نظام الإمام إلى عدن‮ .‬
اعتقل عبد القوي‮ ‬حاميم‮ ‬في‮ ‬منتصف الخمسينيات‮ ‬‮ ‬وأدخل السجن بسبب آرائه المعارضة لحكم الإمام أحمد حميد الدين‮ ‬‮ ‬حيث قضى عدداٍ‮ ‬من الأعوام سجيناٍ‮ ‬في‮ ‬قلعة القاهرة بتعز قبل أن‮ ‬يتم الإفراج عنه بعد تحكيم والده الشيخ إبراهيم للإمام أحمد‮. ‬ثم عمل في‮ ‬التجارة‮ ‬‮ ‬فأنشأ محطة للمشتقات النفطية في‮ ‬منطقة‮ ‬كرش على الحدود الفاصلة بين جنوب وشمال اليمن‮ ‬‮ ‬وعمل على توسيع نشاطه التجاري‮ ‬في‮ ‬استيراد المواد الغذائية التي‮ ‬كان‮ ‬يجلبها من عدن‮ . ‬
شارك في‮ ‬إنشاء عدد من الشركات المساهمة قبل قيام ثورة‮ ‬1962م‮ ‬‮ ‬ففي‮ ‬عام‮ ‬1960م ساهم في‮ ‬تأسيس‮ «‬شركة المحروقات اليمانية‮» ‬شركة النفط اليمنية حاليا‮ ‬‮ ‬وشغل منصب أول مدير عامُ‮ ‬لها‮ . ‬كما ساهم في‮ ‬تأسيس أول شركة طيران وطنية وهي‮ «‬شركة الخطوط الجوية اليمانية‮» ‬الخطوط الجوية اليمنية حاليا‮ ‬‮ ‬بالإضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى‭, ‬كشركة كهرباء تعز وغيرها‮. ‬
‮ ‬العمل الثوري
في‮ ‬عام‮ ‬1958م اختير عضواٍ‮ ‬في‮ ‬الخلية الرئيسية للأحرار في‮ ‬تعز‮ ‬‮ ‬ومن أهم إسهاماته للتحضير للثورة‭, ‬تولي‮ ‬مسئولية تهريب وإدخال الأسلحة والذخائر عبر الحدود‮ ‬‮ ‬والتي‮ ‬كانت مصر ترسلها لدعم الثوار في‮ ‬اليمن عبر مدينة عدن بالتنسيق مع المناضلين محمد قائد سيف ومحمد مهيوب ثابت وعلي‮ ‬محمد سعيد وعبد الرحيم عبد الله‮ . ‬وكان الشيخ عبد القوي‮ ‬يحتفظ بتلك الأسلحة في‮ ‬قريته بمنطقة خدير‮ ‬‮ ‬ثم‮ ‬يقوم بمهمة إرسالها إلى مختلف مجاميع الأحرار داخل اليمن على أظهر الحمير والإبل‮. ‬كما أنه سخر منزله في‮ ‬مدينة تعز لتخزين كميات من السلاح‮ ‬ليتم توزيعها عند قيام الثورة على أعضاء تنظيم الأحرار‮.‬
‮ ‬وفي‮ ‬مطلع أغسطس من عام‮ ‬1962م‮ ‬‮ ‬أجمع الثوار على اختيار الشيخ عبد القوي‮ ‬حاميم للسفر إلى القاهرة لشرح أسباب تأجيل موعد تفجير الثورة المتفق عليه مسبقاٍ‮ ‬مع القاهرة‮ ‬‮ ‬والذي‮ ‬كان محدداٍ‮ ‬في‮ ‬23‮ ‬يوليو‮ ‬1962‮ ‬‮ ‬ومن أجل التمويه‮ ‬‮ ‬سافر أولا إلى الاتحاد السوفيتي‮ ‬وتشيكوسلوفاكيا بحكم منصبه كمدير لشركة المحروقات في‮ ‬حينها‮ ‬‮ ‬ثم مِر‮ ‬بالقاهرة حيث التقى بشكل سري‮ ‬مع‮ ‬أنور السادات لشرح موقف الثوار وأسباب تأجيل الثورة‮ .‬
كان سياسيٍا ذكيٍا ومحنكا‮ ‬‮ ‬صحب المشير عبدالله السلال في‮ ‬العديد من رحلاته‮ ‬‮ ‬وأسهم من خلال أعماله التي‮ ‬تولاها في‮ ‬تأسيس كثير من المرافق الحكومية الحيوية‮ ‬‮ ‬مثل البنك اليمني‮ ‬للإنشاء والتعمير‮ ‬وشركة المحروقات اليمنية‮ ‬‮ ‬وشركة الكهرباء‮ ‬‮ ‬وشركة المياه‮ ‬‮ ‬كما أنشأ مشاريع عديدة في‮ ‬مدينة الراهدة بتمويل ذاتي‮ ‬‮ ‬ومن ذلك إنشاء مستشفى‮ ‬‮ ‬ومشروع مياه‮ ‬‮ ‬ومشروع كهرباء‮ ‬‮ ‬وإنشاء سوق مركزي‮ ‬كما أسس الحديقة المركزية في‮ ‬الحديدة‮ ‬ومطار تعز الجديد‮ ‬‮ ‬ونظم ميدان التحرير‮ ‬وشارع علي‮ ‬عبد المغني‮ ‬في‮ ‬صنعاء وغير ذلك‮ .‬

أهم المناصب التي‮ ‬تولاها‮:‬
‮- ‬مدير شركة المحروقات اليمانية قبل قيام الثورة‮ .‬
‮- ‬قائد الحدود الجنوبية ومسؤولاٍ‮ ‬عن الراهدة والشريجة‮ ‬1962م‮.‬
‮- ‬عضو مجلس قيادة الثورة‮ ‬1962م‮.‬
‮- ‬وزير الشئون البلدية والقروية‮ ‬1962م‮.‬
‮- ‬عضو مجلس الرئاسة‮ ‬1963م‮.‬
‮- ‬عضو المكتب السياسي‮ ‬لـ‮ « ‬التنظيم الشعبي‮ ‬الثوري‮ « ‬الذي‮ ‬تأسس عام‮ ‬1964م‮ ‬‮ ‬وهي‮ ‬هيئة قيادية مهمتها توجيه العمل السياسي‮ ‬لخدمة أهداف الثورة‮ ‬‮ ‬وقد كان هذا التنظيم أشبه بما‮ ‬يمكن تسميته‮ « ‬الحزب الحاكم‮ « ‬‮ ‬وتكونت قيادته من تسعة أعضاء برئاسة رئيس الجمهورية المشير عبدالله السلال وعضوية كل من اللواء حسن العمري‮ ‬‮ ‬القاضي‮ ‬عبد الرحمن الإرياني‮ ‬‮ ‬القاضي‮ ‬محمد محمود الزبيري‮ ‬‮ ‬الشيخ محمد علي‮ ‬عثمان‮ ‬‮ ‬الأستاذ أحمد محمد نعمان‮ ‬‮ ‬الشيخ عبد القوي‮ ‬حاميم‮ ‬‮ ‬القاضي‮ ‬عبد السلام صبرة‮ ‬‮ ‬الأستاذ محمد مطهر‮ .‬
‮- ‬نائب رئيس الوزراء لشئون الأشغال والمواصلات والجنوب اليمني‮ ‬المحتل‮ ‬1964م‮ .‬
‮- ‬وزير الدولة في‮ « ‬مجلس التنسيق المشترك‮ « ‬بين الجمهورية العربية اليمنية والجمهورية العربية المتحدة عام‮ ‬1964م‮.‬
‮- ‬وزير الخارجية‮ ‬1965م‮ . ‬
‮- ‬مستشار رئيس الوزراء للشئون الخارجية‮ ‬1965م‮ .‬
اغتيل في‮ ‬23‮ / ‬8‮ / ‬1965‮ ‬م‮ ‬‮ ‬في‮ ‬منطقة خدير بتعز من قبل شخص‮ ‬يدعى البدوي‮ « ‬لا‮ ‬يسوى بقشتين‮ « ‬بسبب خلافات قبلية ـ بحسب تعبير المرحوم محمد عبد الوهاب جباري‮ ‬في‮ ‬حديث صحفي‮ ‬لصحيفة‮ ‬26‮ ‬سبتمير‮ ‬‮ ‬بينما‮ ‬يعتبر الكثير من رفاق الشهيد‮ ‬‮ ‬أن دوافع الاغتيال كانت سياسية مناطقية‮ ‬‮ ‬وقد جاءت عقب فترة من التوتر والخلافات التي‮ ‬سادت في‮ ‬بين الجمهوريين في‮ ‬تعز وكادت أن تؤدي‮ ‬إلى حرب أهلية طائفية بعد حوالي‮ ‬عامين من قيام الجمهورية‮ ‬‮ ‬ويبدو أن تلك الخلافات استمرت تحت الرماد بين‮ ‬الجمهوريين‮ ‬‮ ‬حتى اندلعت بصنعاء في‮ ‬اغسطس‮ ‬1968م‮ .‬
دْفن في‮ ‬مقبرة الإجينات بمدينة تعز‮. ‬وقد توفي‮ ‬عن أربعة أولاد هم‮ : ‬نجيب و حاميم وفؤاد‮ ‬وجمال وابنتان‮. ‬
كتب الشهيد عبد القوي‮ ‬حاميم العديد من المذكرات والتحليلات السياسية حول الثورة اليمنية‮ ‬‮ ‬غير أن كل‮ ‬ذلك لا‮ ‬يزال بحوزة أسرته‮ ‬‮ ‬ولم‮ ‬يجد سبيلا إلى النشر بعد‮ .‬

‮>‬المراجع‮ : ‬
وثائق ندوة الثورة ـ تعزـ الجزء الرابع‮. ‬
صحيفة النداء‮ ‬‮ ‬لقاء مع عبد الحميد الشعبي‮. ‬
كتاب‮ : ‬اليمن‮ ..‬الثورة والحرب حتى‮ ‬1970م‮ ‬تأليف ادجار أو بالانس‮. ‬

قد يعجبك ايضا