قاد جبهة الاقتصاد بجدارة..ووضع لبنات العيش الكريم للإنسان اليمني


اعداد/عبدالله الخولاني –
¿ أسس وزارة للخزانة من نقطة الصفر.. ووضع أول سياسة مالية ونقدية لحكومة الثورة

¿ أوجد العملة الوطنية من العدم ..كرمز للسيادة اليمنية بعد الثورة

الدكتور عبدالغني علي احمد ناجي من مواليد تعز عزلة الأعروق عام 1931م والمتوفي في عام 1977م وهو من أسرة محافظة اشتهرت بالجد والمثابرة فوالده كان يعمل في عدن لينتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة الامريكية.
وبحسب مؤلف الكتاب سلطان احمد زيد فقد درس العقل الاقتصادي لحكومة الثورة الفقيد الدكتور عبد الغني ناجي في مدرسة البادري بعدن وانهى المرحلة الابتدائية والمتوسطة فيها على نفقة والده لينتقل في عام 1948م إلى القاهرة مع عدد من زملائه على نفقته الخاصة متفائل بالغد المشرق ومع ذلك لم تكن رحلة السفر إلى القاهرة مفروشة بالورود بل واجه مصاعب لا تحصى ولكن لم يتسلل اليأس إلى قلبه وثابر حتى حصل على مقعد دراسي كان من ضمن المقاعد المخصصة لحكومة المملكة المتوكلية –آنذاك لينظم بعد ذلك مع زملائه إلى البعثة الحكومية لأنهاء دراسته الثانوية ويلتحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة التي تخرج منها عام 1957م.
ندرة
العبقرية والذكاء اللتان كان يتمتع بهما الفقيد عبد الغني جميل فرض على المملكة المتوكلية ترشيحه للدراسات العليا في الولايات المتحدة الامريكية عام 1958م ليلتحق بكلية الاقتصاد في إحدى الجامعات الأمريكية التي نال منها درجتي الماجستير والدكتواره معا عام 1960م ليعود مباشرة إلى اليمن مدشنا مشواره الوطني والعملي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
مجلس الأنعاش
بعد تخرجه وعودته إلى أرض الوطن عين رجل الاقتصاد الفقيد الدكتور عبدالغني ناجي في وزارة الخارجية ثم في الجهاز الحديث الذي انشأه ولي العهد في المملكة المتوكلية آنذاك الإمام البدر والمسمى بالمجلس الأعلى للإنعاش ومن خلال مواقفه والموهبة في الأقناع أستطاع كما يبدو التاثير على ولي العهد (البدر)بأن يعمل على خلق علاقات اقتصادية وفنية وثقافية مع بعض البلدان العربية كمصر والبلدان الصديقة كالاتحاد السوفيتي والصين وبقية المنظومة الاشتراكية وكان من نتاج ذلك زيادة البعثات.
وزير للخزانة
عند قيام ثورة 26 سبتمبر 62م عرف بأنه من أحد القادة البارزين للثورة وفي تاريخ 27 سبتمبر عين الفقيد في أول حكومة للثورة وزيراٍ للخزانة « المالية» ليبدأ في وضع السياسة المالية والنقدية وتأسيس أول وزارة للخزانة من نقطة الصفر وبنظرته الثاقبة الخالية من الشطحات والعواطف والأوهام وضع نصب عينيه البدء بالأولويات ولم تمر سوى فترة 9 أشهر و3 أيام من تعيينه وبعد دراسته لوضع وزارته حتى قدم مشروعاٍ قانونياٍ مؤسسياٍ لتأسيس أول وضع قانوني لوزارته بتحديد مهامها واختصاصاتها والهيكل التنظيمي لها وكذا تحديد الوظائف والمستويات والمسؤوليات للقيادات العليا والوسطى والتنفيذية ليصدر بعد ذلك في 30 يونيو 1963م القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 63م بإنشاء وزارة الخزانة وتحديد اختصاصاتها.
على ضوء هذا القرار بدأ خطوة تأسيس وزارته ووضع السياسات المالية والنقدية والقيام بعدة خطوات استراتيجية ومدروسة لتأهيل هذه الوزارة حديثة الولادة من خلال تدريب وتأهيل الموظفين القدامى واستيعابهم في الهيكل التنظيمي الجديد للوزارة واختيار الكوادر المؤهلة الجديدة ووضع أول ميزانية للدولة لثلاثة أشهر خلال عام 63 م فالميزانية الثانية لعام 64م لمدة ستة أشهر.
وعلى ضوء تلك الأسس استمر تطور الميزانيات السنوية فيما بعد سنة تلو الأخرى والتي افتقد واضعوها لأبسط الخلق والأمانة الموضوعية من الإشادة لدور المؤسس لهذا القطاع الهام عندما يدبجون كلامهم عن تاريخ وتطور المالية والموازنة في كتبهم الصادرة عن السياسة المالية وتطورها فيما بعد.
مؤسسات من الصفر
وبمبادرة من حكيم المال الاقتصاد الدكتور عبدالغني علي صدرت عدة قرارات جمهورية لتؤسس من الصفر مؤسسات اقتصادية ومالية وتجارية عبر التشريعات المؤسسية لحكومة الثورة:» البنك الوطني بنك الإنشاء والتعمير الجمارك الضرائب الأملاك التبغ والكبريت شركة للتجارة الخارجية شركة المحروقات اليمنية.. إلخ».
كما أولى الفقيد كل جهده للسياسة المالية والنقدية فقبل الثورة لم يكن هناك أي نظام نقدي ولم توجد عملة وطنية والعملة المتداولة لنظام الإمامة هي الريال الفضي» ماريا تريزا» كان يسمى الريال الفرنصي في حين أنها عملة فضية نمساوية صكت لأول مرة في عام 1680م وقد سمي باسم إمبراطورية النمسا» ماريا تريزا» وقد دخل هذا الريال النمساوي إلى اليمن عام 1924م خلال المعاملات التجارية فاستخدمه النظام الأمامي فيما بعد كعملة قانونية» وهي غير قانونية لدولة تدعي أنها مستقلة».
وباعتبار العملة الوطنية رمز سيادي لأي دولة ظل القانوني والاقتصادي الحكيم وخلال أقل من عام من قيام الثورة يدرس البدائل للعملة المتداولة (الريال الفضي» ) وبعد أن كان قد أصدر الريال الجمهوري الفضي تقدم بمشروع إصدار قانون بإنشاء « لجنة النقد اليمنية» فصدر بذلك القرار الجمهوري في فبراير 1964م بالقانون رقم 16 لعام 64م بإنشاء لجنة النقد اليمنية وتحديد صلاحياتها واختصاصاتها وإيلاء رئاستها للفقيد عبدالغني علي أحمد وزير الخزانة.
في 18/6/1966م عين الفقيد وزيراٍ للخزانة والاقتصاد والتموين وكرجل للمهمات الصعبة قام بإعادة تنظيم هذه الوزارة وتحديد اختصاصاتها فزادت الأعباء على الفقيد لكنه استمر في نهجه برسم الأسس للسياسة الاقتصادية والمالية للقطاع العام والمختلط. وفي هذه الفترة أصدرت عدة تشريعات كان أهمها القرار الجمهوري لعام 1967م بإنشاء « هيئة الرقابة على عمليات النقل» وتحديد دورها في الإشراف على تراخيص الاستيراد والتصدير واستخدام نظام لتعدد الصرف استمر في تطبيقه حتى التحقت اليمن بعضوية صندوق الدولي عام 1970م ليعمل بعد ذلك بتوصية نظام الصرف الواحد حينها كان الحكيم المؤسس لهذه السياسات قد صار لاجئاٍ سياسياٍ بمصر بعد انقلاب 5 نوفمبر 67م اليمنية.
بالإضافة إلى ذلك فقد شغل الفقيد العديد من المهام والمناصب ومنها وزارة الإعلام شؤون جنوب اليمن المحتل ونائباٍ لرئيس اللجنة التأسيسية العليا لجامعة صنعاء وتولى وضع خطة لجمع التبرعات مع الفقيد قاسم غالب أحمد لتأسيس الجامعة.
وبعد الثورة شارك ورأس العديد من الوفود والمؤتمرات والاجتماعات إلى الدول الشقيقة والصديقة وقام بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الفنية والاقتصادية مع هذه الدولة وفي شتى المجالات. فما من مهمة كلف بها أو مسئولية تحملها إلا ومآثر نجاحه وبصماته بارزة فيها بالإضافة إلى كسب محبة ورضاء كل من عملوا معه في مختلف تلك المواقع ففاقت بعض منجزاته خرافة التخلف الإمامي باعتماد العلم والحكمة بتحقيق تلك المنجزات من عمر الثورة.
بصمات الفقيد
إن رحلة الحكيم الحالم بمجتمع الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة وبناء دولة تحتكم إلى نظام مؤسسي بدأت وكأنها شاقة حينما أسندت له في أول حكومة للثورة منصب» وزير الخزانة» أي خزانة كانت¿ إنها خزانة فارغة وخاوية من أي محتوى أو مضمون مؤسسي أي نعم فيها البعض من البشر لكنهم لا يمتلكون أية مؤهلات أو كفايات في المحاسبة والإدارة لوضع أبجدية لميزانية الدولة ناهيك عن أسلوب مسك الدفاتر المحاسبية لتبين الحسابات والإيرادات والمصروفات.. إلخ إنهم بحاجة إلى التدريب وإعادة التأهيل وليس الطرد وهذا ما فعله الفقيد فقد تعامل مع هؤلاء الموظفين بود ومحبة مع الاستفادة من بعض الأفراد الذين كانت لديهم خبرات اكتسبوها من عهد الأتراك عاملهم بكل احترام وباشر في إعادة تنظيم وزارته وهياكلها وتحديد المهام والاختصاصات والمسؤوليات لشاغلي الوظائف فيها وفقاٍ للإدارة الحديثة التي كانت منعدمة في العهد الإمامي .
وكانت المهمة الصعبة أمامه هو تخلف الإمامة بعدم وجود عمله وطنية وما كان يتعامل به ذلك النظام هو « ريال ماريا تريزا النمساوي الفضي وحدد أن هذا الريال النمساوي يساوي «40 بقشة» وقد صك النظام الإمامي العملة المساعدة هذه من فئة: « نصف بقشة وبقشة من النحاس» فـ» نصف الثمن للريال يساوي بقشتين ونصفثمن ريال ويساوي خمس بقش عانتين وتساوي أربع بقش ربع ريال ويساوي خمسة وعشرين بقشة هذه من الفضة» باسم الإمام أمير المؤمنين الناصر لدين الله رب العالمين على الوجه الأمامي منها وفي الظهر منها تاريخ ومكان السلك.
استبدال العملة
ايجاد عملة وطنية واستبدال العملة الأجنبية ومفرداتها الأمامية لمحو هذا الموروث المتخلف ومؤثراته من ذاكرة الشعب كانت هما وطنيا ولكن كيف السبيل إلى ذلك أمام هذه الأوضاع التي ورثتها الجمهورية الفتية¿ كان لابد من معالجة ذلك من قبل الحكيم وفق خطوات مدروسة وعاجلة بالإضافة إلى ذلك فلم تكن هناك مصارف وطنية قبل ثورة 26 سبتمبر ,ولكن الفقيد كرجل حقوقي واقتصادي ومثقف موضوعي في آن ركز كل همه لمعالجة هذه الصعوبات ودراسة الأولويات ومعالجة الأسباب للوصول إلى نتائج وليس العكس وكان لابد من تحديد الخطوات وتنفيذ الأهداف بنتائج بالنسبة للسياسة الاقتصادية والنقدية وخلق مؤسسات مختلطة ومؤسسات للاستثمار من نقطة الصفر وقد تمثلت تلك الخطوات التي لا تخلو من بصمات هذا الحكيم التمكن من إعادة تنظيم وزارته وتقديم بعض المعالجات لهذه الأوضاع بمساعدة الخبرة المجربة والمتخصصة من الكفايات التي تم استعارتها من مصر عبدالناصر تم اختيارها بعنايته ومعرفته بها من أوساط اليسار المصري المتمكن والتمكن من صك الريال الفضي الجمهوري كخطوة أولى ليحل التعامل به بدلاٍ من « ريال ماريا تريزا» تمهيداٍ لإلغائه ومباشرة تم سك العملة الجمهورية المساعدة الفضية لفئة « البقشة ربع ريال نصف ريال.. إلخ» فضي لتحل محل المصكوك الأمامي .
فإلغاء العملة المتداولة (المارياتريزا) كانت معضلة كبيرة أمام حكومة الثورة ووزير خزانتها الغني.. عبدالغني كان يمكن بقرار متسرع بصدره مجلس قيادة الثورة بمنع التداول بهذه العملة الأجنبية لعدم مشروعيتها القانونية لكن الفقيد الحكيم كان يدرك مآثر اتخاذ مثل هذا القرار المتسرع على الأوضاع الاقتصادية والمالية في مثل هثل تلك الظروف الحرجة للثورة وقد كبحت كل السياسيات المتطرفة في هذا المجال بحجة وحكمة الفقيد.
ونتيجة لذلك فقد أتخذ عدة خطوات حيث تم في 17 يونيو 1963م تم التوقيع على « الإتفاقية اليمنية – المصرية « القاضية بصك العملة الوطنية الورقية للجهورية العربية اليمنية في حين أن مجلس قيادة الثورة كان قد اصدر قرار بتاريخ 15/10/1962م باستبدال العملة التي كانت متداولة قبل الثورة وهي ريال» ماري تريزا» الفضي النمساوي والعملة الأمامية المساعدة بعملة الريال الجمهوري الفضي والعملة الجمهورية المساعدة.
ووفقاٍ لهذه الخطوات المتأنية والمرنة المذكورة أعلاه ومع مطلع 1964م كانت المرحلة الحاسمة بإصدار قانون إنشاء» لجنة النقد اليمنية» كهيئة مستقلة برأسمال قدره» أثنين مليون ريال يمني» ومنحها القانون الحق المطلق بإصدار العملة الوطنية للجهورية الفتية وحدد القانون الريال الجمهوري كأساس للعملة الوطنية بما يعادل» 0.89427» جراماٍ من الذهب وهو ثلث المحتوى الذهبي للجنيه الإسترليني الواحد حين ذاك أي ما يساوي ثلاثة ريالات يمني. كما فوض القانون وزير الخزانة رئيس لجنة النقد اليمنية الفقيد الدكتور عبدالغني علي أحمد بالتوقيع عن إصدار الأوراق النقدية لهذه العملة ومنحه كافة الصلاحيات.
إن الحكمة من تحديد المعادلة لقيمة ريال – المشار إليها – تستند أساساٍ على القيمة الفعلية لمعدن الفضة في الريال الفضي « الماريا تريزا النمساوي» الذي كان يتداول به قبل قيام الثورة كما أن الهدف من هذا التحديد هو سهولة استبدال الريال الجمهوري الورقي الجديد بالريال» ماريا تريزا» المتداول وسحبه ومن ثم إلغاء التداول به تعزيزاٍ للسيادة الوطنية للدولة الفتية غير أن سعر التداول بين العملتين لم تكن سهلة فقد رافقتها صعوبات جما نتاج للتآمر الرجعي الاستعماري على الثورة ولم تؤول إلى « لجنة النقد اليمني» نواة البنك المركزي اليمني فيما بعد « سوى كمية ضئيلة من ريال ماريا تريزا النمساوي الفضي فقد جرى تهريب الكمية الأكبر إلى الأسواق الحرة في مستعمرة عدن « آنذاك» عبر الطرق المختلفة ومنفذ الحدود بهدف زعزعة الاستقرار الاقتصادي وتدهور القيمة الشرائية للريال الجمهوري زيادة في الضغوط على النظام الجمهوري من قبل أعداء الثورة بالإضافة إلى ذلك فإن كمية كبيرة اكتزت في الداخل خارج المؤسسة الرسمية وذلك من قبل بعض التجار والملاك المرتجفين والمتذبذبين والمتخوفين من هزيمة الثورة وعودة النظام الأمامي لما لعبته الدعاية الإعلامية الرجعية والاستعمارية من دور معاد ومريب ضد الثورة والجمهورية الفتية ومع ذلك فقد استطاعت السياسة الحكيمة بمعالجة أمراض هؤلاء البعض بإعادة الثقة في التعامل معهم وترويض خوفهم.
رغم كل هذه الصعوبات والمؤامرات فقد استطاعت هذه الجبهة التي كان يقودها الفقيد عبدالغني من التغلب على العديد من الصعوبات فلم تستسلم أو تلين بل استمرت المعالجة لهذه الصعوبات بمرونة وحكمة كما استمر إصدار العملة الوطنية الورقية للجمهورية لفئة الريال فالخمسة ريال فالعشرة ريال موسومة بتوقيع الفقيد عبدالغني علي رئيس لجنة» النقد اليمنية» ووزير للخزانة حتى تم التمكن من السيطرة على الاختلالات وسحب وإلغاء التعامل بريال» ماريا تريزا» وتعززت ثقة الشعب بعملته وتم القضاء على التضخم واستقرار القوة الشرائية للريال الجمهوري كما استقر سعر الدولار بثلاثة ريال.
كما عمل الحكيم الفقيد في أكتوبر 1962م تم تصفية فروع البنك الأهلي السعودي وفرع» اندوشين الفرنسي» ليحل محلهما بنكا وطنياٍ هو « البنك اليمني للإنشاء والتعمير فيما بعد» والذي صدر قرار مجلس قيادة الثورة بإنشائه في 28 أكتوبر 63م كأول مصرف وطني في البلاد,وايضا في أكتوبر 62م أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا بتشكيل « اللجنة الاقتصادية العليا» أسند لها مهمة معالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية في الجمهورية وحددت صلاحياتها وقد تمكنت اللجنة بموجب هذه الصلاحيات من معالجة بعض تلك الأوضاع المتردية نتاج لموروث النظام الأمامي الرجعي المتخلف ولمؤامرات الرجعية والاستعمار ضد الثورة من خلال التوجه نحو الأخذ بسياسة اقتصادية قائمة على التعايش بين القطاعين العام والمختلط والتأكيد على مبدأ حرية هذه المؤسسات والشركات في نشاطها بالإضافة معالجة الأوضاع المالية بالتأكيد على سياسة إصدار العملة الوطنية للجمهورية المعبرة عن السيادة والاستقلال الوطنيين والعمل على إنشاء وتكوين شركات مختلطة من قبل الدولة والافراد بل وعمل على تشجيع ونمو القطاع الخاص وجذب بيوت المال ورجال الأعمال الاقتصاد الوطني الناشئ وكذا الشروع في تكوين بنك وطني يتولى مهمة الإنشاء والتعمير وتوجيه الاستثمار نحو إنعاش الاقتصادي الوطنيوالمحافظة على القوة الشرائية للعملة الوطنية للجمهورية.
شركات مساهمة
في ديسمبر 1962م صدر مرسوم مجلس قيادة الثورة يقضي بتشكيل أول مجلس إدارة للبنك اليمني للإنشاء والتعمير مكون من إحدى عشر عضواٍ ستة منهم ممثلين للحكومة وخمسة يمثلون المساهمون في رأسمال البنك الذي حدد رأسماله بـ» عشرة ملايين ريال» تمتلك الدولة 51% من رأسماله والباقي كأسهم للتجارة الوطنية والمواطنينوقد تجاوب مع هذا القرار كل أبناء الشعب رجالاٍ ونساء في شراء الأسهم وتدعيم هذه المؤسسة الوطنية الوليدة.
وعلى ضوء ذلك تم إصدار القانون رقم 13 لسنة 1963م الخاص بإنشاء شركات مساهمة وشركات التوصية بالأسهم وتم فيما بعد إعادة إنشاء شركة المحروقات اليمنية شركة التبغ والكبريت الوطنية والشركة اليمنية للتجارة الخارجية التي تأسست بموجب القانون رقم 13 1963م والشركة اليمنية لصناعة وتجارة الأدوية «شركة مختلطة» تأسست بتاريخ 13/12/1964م وغيرها كما صدر القانون رقم 17 في إبريل 63م بإنشاء مصلحة الجمارك وتحديد اختصاصاتها ويعد أول تشريع يعزز دور وزارة الخزانة كما صدر أيضاٍ قانون بتنظيم أملاك الدولة وتبع ذلك قانون بالقرار الجمهوري رقم 20 لسنة 1964م بإنشاء حرس الجمارك بهدف التصدي للتهريب من وإلى الجمهورية «6» ولربما استهدف إيضاٍ القائمون بتهريب « ريال ماريا تريزا» الفضي إلى عدن من قبل أعداء الثورة والمستعمر البريطاني حتى لايتم استبداله من التداول كسلعة في السوق بالريال الجمهوري الجديد.
أسس الدولة
إن حلم الفقيد في قيام دولة المؤسسات والنظام والقانون وأن بدأ من الصفر وبفترة وجيزة مضطربة فقد نجح بوضع الأسس لدولة من العدم ولو بشكل محدود نتاج لتلك الظروف من خلال المواقع التي تحملها بمسؤولية سواء من حيث وضع السياسة المالية والنقدية أو من حيث إنشاء مؤسسات القطاع العام والمختلط وتطوير الاقتصاد الوطني أو في مجال النظم والقوانين واللوائح والتشريعات التي صدرت في عهده وتحمله لمسؤولية تلك الوزارات والمؤسسات والاشراف عليها فقد كانت جميعها تنصب في خدمة طريق التغيير والتطوير اللاحق لهذه المؤسسات والقائم على تلك السياسات الذكورة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية بنظام مؤسسي حديث والتي لا ينكرها سوى جاهل أو جاحد وكل تلك المنجزات بحاجة إلى بحوث ودراسات من قبل المهتمين والمختصين لمعرفة دور هذا الفقيد الحكيم فلنترك المجال لهم والتاريخ.
جبهة الاقتصاد
إن الجبهة التي كان الفقيد النابغة يخوض نضاله الشاق فيها بهدوء الحكيم المتمكن لم تكن أقل أهمية عن جبهات القتال ضد فلول الملكيين ومناصريهم من الرجعيين والاستعمار البريطاني الذي كان محتلاٍ للشطر الجنوبي من الوطن بالإضافة إلى الأوضاع المرتبكة والغير مستقرة بسبب جنوح البعض من الصف الجمهوري التقليدي إلى المعارضة الداخلية تارة ضد رئيس الجمهورية المشير السلال وأخرى ضد ما سموه التدخل المصري الذي لولا مساندة مصر لما بقيت – الثورة في ظل تلك الظروف برز من بين الثوار الفقيد عبدالغني علي أحمد كرجل دولة حكيم وإنسان واع وصاحب مشروع تحديثي متمكن من معالجة الأولويات والأسباب والمعوقات لبناء الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات وركز كل جهده على وضع سياسة نقدية ومالية صائبة وأهتم بالتخطيط الاقتصادي وإنشاء مؤسساته من الصفر كما أشرنا والعمل على الشروع بتنفيذ ذلك بإرادة وعزيمة لصاحب قرار ومفكر مبدئي وحالم بآفاق الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة في ظل بناء دولة ديمقراطية حرة ومستقلة تواكب العصر ومنجزاته.
مناصب هامة
ورغم تسلمه عدة مناصب هامة في الدولة وعمله على تنظيم هذه المؤسسات والوزارات واهتمامه بإعادة تأهيل وتدريب كوادرها وقواها البشرية القديمة منها والجديدة وباختيار وتعيين عناصر يمنية شابة ومؤهلة جديدة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الطائفية أو مكان مولدهم لشغل الوظائف وفقاٍ للهيكل أن يخلق نسيجاٍ من التعاون والمحبة والوئام بين الكادر القديم والجديد بخلق علاقات إنسانية مميزة من أجل رفع مستوى الأداء في الإدارة وفي هذا الصدد أيضاٍ أولى جل اهتمامه في وضع سياسة مالية ونقدية مرنة فالنظام الأمامي المتخلف المستبد « نظام العصر الحجري» كما وصفه الزعيم السلال رحمة الله لم يخلف شيئاٍ يذكر ما عدى موروث التخلف وأناته التي ظل الشعب يعاني منه ردحاٍ من الزمان مازالت مآثرة تلاحقنا حتى اليوم.

قد يعجبك ايضا