شوقي العباسي –
تصطدم مسألة تنظيم الأسرة والحد من الزيادة السكانية في بلادنا بالموروث الشعبي المكون من عادات وتقاليد راسخة لسنا بصدد النقاش حولها, إلا أن الثابت أن تنظيم الأسرة عبر المباعدة بين المواليد لم يحقق أحد أهدافه المتمثل بخفض معدل نمو السكان بهدف تحسين مستوى الحياة والصحة وذلك لعدة أسباب مثل عدم المباعدة لفترات طويلة بين الولادات ـوالزواج المبكر وتعدد الزوجات وعدم وصول البرنامج الخاصة بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة بالإضافة إلى وصول الرسالة التوعوية إلى الكثير من القرى والتجمعات السكانية, وبعد المراكز عن المناطق السكنية الشعبية وعن بعض القرى,وعدم معرفة الكثير من النساء ببرامج الصحة الإنجابية ووسائل تنظيم الاسرة اضافة الى عدم وجود قابلة أو طبيبة في المراكز الصحي في المناطق الريفية وعدم وجود تثقيف صحي عن الصحة الإنجابية لتوعية الشرائح المجتمعية واهمية الاستفادة من تلك البرامج والوسائل وتوفيرها في المناطق الحضرية والريفية .
الكثير من الدراسات التي أ◌ْجريت في أوربا وأمريكا التي أظهرت أن الأطفال من الأسر الكبيرة وذوي الترتيب المتأخر يحصلون على علامات أقل في اختبارات الذكاء والتحصيل الدراسي مقابل تسجيل الأطفال ذوي الترتيب المتقدم علامات ذكاء أعلى.. كما أن أمراض سوء التغذية تنتشر بشكل أوسع في الدول النامية وخاصة في السنوات الأولى من العمر ويغلب مشاهدته في الأسر الكبيرة أو عند الأسر ذوات الولادات المتقاربة وقد يسبب سوء التغذية الموت المباشر خلال السنة الثانية أو الثالثة من العمر كما أن سوء التغذية يؤثر في نمو وتطور الطفل بسبب إيقاف الرضاعة الطبيعية المفاجئ نتيجة الحمل أو الولادة الجديدة وقد أظهرت الدراسات ارتفاع نسبة وفيات الأطفال بسبب الفطام المبكر وخاصة عند حمل الأم.
وي◌ْعتبر الأطفال في الأسر الكبيرة أكثر تعرضا◌ٍ للأمراض الإنتانية وأمراض الطفيليات ¡والأهم أن المباعدة بين المواليد لمدة سنتين على الأقل تمكننا من تلافي خ◌ْمس وفيات الأطفال.
إذا◌ٍ نحن أمام موروث شعبي مكون من عدة معطيات فبعض الرجال يركنون إلى أن زيادة الأطفال هذا هو الصواب وبعض النساء يتشبثن بمقولة (الأولاد أوتاد).. وبسبب غياب الطرح الإعلامي العقلاني المتوازن فإننا نسير (سير السلحفاة) في مسألة الحد من الزيادة السكانية, وازدحمت المدن بساكنيها بسبب الهجرة إليها, وتضخمت القرى بشكل غير عقلاني ولم تعد تتسع الأراضي للامتداد العمراني ولا الشوارع لهذا العدد الهائل من السيارات والدراجات. وصرنا أمام خيار لابد منه يتمثل بتخفيض الزيادة إلى أقل نسبة ممكنة وإلا فإننا سنجد أنفسنا امام مشكلة كبيرة لا نستطيع حلها وستدخل البلاد في ازمة كبيرة ستجعل الحكومة غير قادة على الايفاء بمتطلبات تلك الزيادة السكانية الكبيرة في ظل الموارد الشحيحة التي تعاني من اليمن .
Prev Post