
استطلاع /مطهر هزبر –
الحديث عن فرص تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة وبالأخص الأطفال منهم في الحدائق والمنتزهات والأماكن العامة وبالذات في الأعياد والمناسبات المختلفة قد يبدو من قبيل الكلام المتكرر خصوصا في ظل تقاعس الجهات ذات العلاقة من القيام بأي جهد يذكر في سبيل إزالة الحواجز والصعوبات التي تعيق الحركة في هذه الأماكن .
ومع ذلك سنظل نكرر الحديث عن هذا الموضوع باستمرار ومن باب التذكير كون الحديث يتعلق بشريحة هامة من شرائح المجتمع من حقها الحصول على فرص الترفيه والتسلية والترويح عن النفس وهذا لايمكن أن يحصل إلا من خلال إزالة كافة الحواجز وتذليل الصعوبات التي تمكنهم من قضاء أوقات ممتعة في هذه الأماكن خلال الأعياد والمناسبات والعطل الرسمية .
(غياب التسهيلات )
في جولتي الميدانية إلى عدد من الحدائق والمنتزهات العامة خلال إجازة عيد الفطر المبارك لفت انتباهي عدم وجود أشخاص من ذوي الإعاقة – إلا ماندر – في هذه الأماكن والسبب ربما يرجع إلى عدم قدرتهم على التنقل بسهولة في هذه الأماكن وقضاء أوقات ممتعة ورغم ذلك تمكنت من لقاء بعض ممن حضروا من الأشخاص ذوي الاعاقة برفقة أسرههم أو أصدقائهم واطلعنا من خلالهم على الصعوبات التي تواجههم في هذه الأماكن .
محمد عبدالله رب أسرة وهو شخص من ذوي الإعاقة الحركية جاء إلى حديقة السبعين ثاني أيام العيد من أجل الترفيه على أسرته حيث يقول محمد إن زيارته إلى الحديقة هو من باب تلبية لرغبة أطفاله وقضاء وقت ممتع معهم مهما كانت حجم الصعوبات والعوائق التي تواجهه .
ويضيف محمد : ينبغى أن تكون الحدائق والمنتزهات وغيرها من الأماكن العامه مهيئة بشكل جيد بحيث تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على التنقل والحركة بشكل طبيعي لكن من المؤسف القول إن القائمين على هذه الأماكن في بلادنا لاتعير هذا الموضوع أية أهمية كما أن الجهات الحكومة المعنية بالإشراف على هذه الأماكن هي الأخرى ليس لها أي دور في متابعة نوعية الخدمات في هذه الأماكن مع أن إيرادات هذه الأماكن وبخاصة في الأعياد تكون مرتفعة .
(معاناة مضاعفة)
ومن المشاكل الأخرى التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في الحدائق العامة خلال إجازة العيد هي الزحام الشديد وخاصة على الألعاب الأمر الذي يضاعف معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة .
وبحسب الأخ / عبدالقوي والد أحد الأطفال ذوي الإعاقة فإن الزحام الشديد خلال الأيام الثلاثة الأولى من اجازة العيد تجعل هناك صعوبة في إمكانية تمتع الاطفال ذوي الإعاقة بزيادة الحدائق واللعب بالألعاب المتنوعة في الحديقة كغيرهم من الأطفال فالكل يزاحم ويتسابق على الألعاب دونما مراعاة للأطفال ذوي الإعاقة .
ويضيف عبدالقوي : عدم وجود ثقافة عامة لدى المجتمع بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وبخاصة لدى الجهات ذات العلاقة كان له السبب الكبير في تهميش شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة وحرمانهم من التمتع بالخدمات التي تقدم في الاماكن العامة والدليل على ذلك عدم وجود تسهيلات خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة في هذه الأماكن كالممرات الخاصة في مختلف المرافق والارشادات التوعوية التي تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة داخل هذه المرافق وعدم تخصيص بعض من الألعاب للأطفال ذوي الإعاقة وغيرها من الخدمات التي تخدم هذه الشريحة وتمكنهم من الانخراط في المجتمع .
(تقاعس كبير)
تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى البيئة الطبيعية وإزالة الحواجز من أمامهم حق قانوني كفلته التشريعات الوطنية والدولية وخاصة الاتفاقية الدولية لحقوق الإشخاص ذوي الإعاقة التي وقعت وصادقت عليها بلادنا. وهذا الحق ينبغي أن يجد طريقه إلى التنفيذ على أرض الواقع وبشكل كامل في كافة الأماكن العامة ( حدائق ومنتزهات ومدارس وجامعات وشوارع ومستشفيات وغيرها من المرافق العامة والخاصة) كي نتمكن من تهيئة البيئة المناسبة لحركة وتنقلات الأشخاص ذوي الإعاقة بكل سهولة ويسر في مختلف الأماكن .
لكن للأسف هناك تقاعساٍ كبيراٍ من الجهات المعنية بإزالة الحواجز من أمام الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى رأسها وزارة الأشغال العامة والطرق والمجالس المحلية في أمانة العاصمة وغيرها من المحافظات .
فوزارة الأشغال العامة لم تلزم أصحاب الجهات التي تقوم بتنفيذ مشاريع الطرق والشوارع والعمارات وغيرها من المشاريع العامة أو الخاصة من وضع الممرات والتسهيلات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة والإطلاع على التصاميم والمخططات الخاصة بهذه المشاريع قبل الشروع بتنفيذها .
والجهات الرقابية والإشرافية على هذه المشاريع كالمجالس المحلية يقع عليها ايضا مسؤولية التقصير في متابعة تنفيذ هذه المشاريع بما يتناسب مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة .
(عمل متواصل)
الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين المظلة الرسمية للأشخاص ذوي الإعاقة في بلادنا كان قد بادر بشكل جيد خلال السنوات الماضية لمتابعة تطبيق حق الوصول وتهيئة البيئة الطبيعية من خلال العديد من اللقاءات والندوات والورش مع الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة الأشغال العامة والطرق والعديد من الوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية وأهمها مجالس النواب والوزراء والشورى لتسليط الضوء على هذه القضية ومتابعة تطبيق هذه القوانين المتعلقة بهذا الشأن من خلال إجراء التعديلات الهندسية في المرافق الحكومية القديمة ووضع التسهيلات المناسبة في المشاريع الجديدة بما يسهل حركة الأشخاص ذوي الإعاقة لكن هذه الجهود لم تكتمل وتراجع مستوى استجابة هذه الجهات مع خطط وطموحات الاتحاد الوطني للمعاقين بهذا الشأن مع مرور الوقت .
ومن هنا نوجه دعوة للاتحاد الوطني للمعاقين لمواصلة جهودهم من أجل إعطاء هذا الموضوع أهمية قصوى كون إزالة الحواجز البيئة وتسهيل حركة الأشخاص ذوي الإعاقة من أهم القضايا التي تعزز اندماج شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع وتمكنهم في الحصول على كل مايطمحون في تحقيقه مستقبلا وهذا كله تطلب المزيد من الجهود على كافة الجوانب وعلى مختلف الأصعدة فالمطلوب ايجاد ثقافة مجتمعية مؤيدة ومناصرة لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وعلى رأسها ( تمكين الاشخاص ذوي الاعاقة من الوصول الى البيئة الطبيعية ) ومتابعة تطبيق القوانين الوطنية ومواءمتها مع نصوص الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للارتقاء بأوضاع هذه الشريحة وإخراجها من عزلتها وضمان حصولها على كافة حقوقها .