استطلاع/مراد أحمد الصالحي –
❊ .. يتميز عيد الفطر المبارك في عموم محافظات الجمهورية ومنها محافظة مارب بطابع خاص وجميل عن بقية الدول العربية والإسلامية حيث يعيد اليمنيين في مثل هذه المناسبة الدينية إحياء الموروث الشعبي الجميل والعادات والتقاليد اليمنية الأصيلة ويقومون بمزج التراث بالحياة المعاصرة وبفرحة العيد الكبيرة لترتسم الابتسامة على شفاههم وشفاه كافة من حولهم وتتجلى الألفة بينهم في أجمل صورها وتعم روح التسامح والإخاء أرجاء المحافظة وعموم اليمن ويتميز الريف عن المدينة في بلادنا ومنه ريف محافظة مارب بتجلي مظاهر العيد فيها بشكل أكبر وإن كانت الفرحة لا تغيب عن مدنها ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع أجرت»الثورة» الاستطلاع التالي:
❊ في البداية التقينا الشيخ محمد علي القردعي الذي تحدث عن مظاهر وطقوس عيد الفطر المبارك بمحافظة مارب قائلا: أولا عيد مبارك وكل عام والجميع في خير وعافيه وبلادنا في تقدم وازدهار وأمن وسلام أما بالنسبة لطقوس العيد في مارب فهي لا تختلف كثيرا عن غيرها من محافظات الجمهورية وتعد زيارة الأرحام من أبرز طقوس العيد على الإطلاق بالإضافة إلى قيام معظم الأسر في المحافظة بالتجمع عند كبير الأسرة للسمر ليلة العيد وقد توارثنا هذه العادة الحميدة التي توقر الكبير وتجعل له مكانة كبيرة في قلوب الناس عن أسلافنا حتى تظل الأسر متماسكة ويسود التكافل الاجتماعي.. وعيد الفطر المبارك يغسل القلوب ويبث الأفراح وينشر السعادة في كل القلوب جعله الله تعالى هدية لكل المؤمنين فهو الفرحة التي ترتسم في كل وجه والخير والمحبة والسلام والصفاء والتسامح وتطهير القلوب والزيارات المتبادلة بين الأهل والأسرة والأصدقاء وهو محطة تتنزه فيها النفس وترتاح من مشقة وأتعاب الأيام والعيد يجمع القريب بالبعيد ويلم شتات الأهل بعد فراق الأيام والعيد يعني التواصل والرحمة والبذل والعطاء بسخاء على الأهل والفقراء والمحتاجين والمساكين خاصة أبناء الناس الذين لا يسألون الناس إلحافا والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: « ارحموا عزيز قوم ذل « لذلك فالعيد هو يعني أشياء كثيرة تتجسد بمعانيه السامية.
فرصة للالتقاء
❊ أما الأخ ناصر علي الماربي فقال من جانبه: إن فرحتنا بعيد الفطر المبارك لا يمكن مقارنتها بأي فرحة أخرى كون هذه المناسبة الدينية الغالية تمنحنا الفرصة لنلتقي بالأصدقاء والأقارب ونذهب لزيارة كبار السن والمرضى ونعايدهم كما أن العيد فرصة رائعة للتعرف على تراث آبائنا وأجدادنا من خلال التقاليد ومراسم العيد والأكلات الشعبية التي تقدم في العيد من السمن والكعك بالإضافة إلى حلوى العيد التي لا تكتمل فرحة العيد في نظري إلا بها وتجد أن الأطفال يرون أن العيد هو يومهم المفضل في السنة ففيه يلبسون الملابس والأحذية الجديدة ويسعدون ويمرحون كثيرا وفيه يحصلون على العديد من أصناف الحلوى والكيك والهدايا والعيديات وفي أيام العيد المباركة الجميلة يتم إحياء حفلات للاهازيج والرقصات وغيرها من الموروث الشعبي الذي تشتهر بها محافظة مارب
معانُ ودلالات
❊ ويضيف:كما أن للعيد معاني ودلالات في نفوس المواطنين حيث يستقبله الجميع وبدون استثناء بفرح كبير ويقومون بالاحتفال به بطرق وأساليب عدة منها على سبيل المثال: رقصة البرع في الميادين والساحات… والذهاب إلى أطراف القرى لممارسة هواية الرماية بالبنادق وعندما يحين موعد صلاة العيد لا يتخلف صغير ولا كبير عن أداء صلاة العيد التي يسبقها ويعقبها السلام والمصافحة في ما بينهم فتذهب الخلافات وتسود روح التآلف والمحبة وبعد ذلك يعودوا إلى منازلهم ليتناولوا وجبة الإفطار ونفوسهم خالية من الأحقاد والضغائن وتفيض محبة وطمأنينة ومن ثم يذهبون لزيارة الأرحام ويتبادل الأهل والأقارب والأصدقاء الزيارات في ما بينهم ويتناولون أثناء هذه الزيارات مختلف أنواع الحلوى التي تصنعها بإتقان النساء في مختلف مديريات المحافظة ويرتشفون البن والعصائر التي تعدها تلك النسوة بالإضافة إلى ما يجلبه البعض من حلويات وعصائر من المدن.
إحياء العادات الحميدة
❊ ومن جانبه قال الأخ فؤاد أحمد المرادي: إن الفرحة بعيد الفطرالمبارك وببقية الأعياد الدينية لم تتغير في بلادنا عامة وفي محافظة مارب خاصة وعلى وجه التحديد في المناطق الريفية التي يحرص أبناؤها المتواجدون في المدن على زيارتها لقضاء إجازة العيد مع الأهل والأقارب والأصدقاء وها هم المواطنون كما نجدهم في كل مناسبة دينية يستقبلون عيد الفطر بسرور وفرح بالغين رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها جراء ما خلفته الأزمة التي عاشها الوطن طيلة العام المنصرم ويحيون العادات والتقاليد الحميدة كتبادل الزيارات بين الأهل والجيران والأصدقاء ويصلون الأرحام أما الأطفال فيستقبلون العيد ويفرحون بقدومه بطريقتهم الخاصة كالإقبال على شراء الألعاب والجعالة والحلويات بمختلف أنواعها وترديد الأناشيد والأغاني المعبرة عن هذه المناسبة بشكل جماعي خلال فترة الصباح وممارسة العديد من الألعاب الشعبية.. بالإضافة لمرافقتهم لآبائهم وأشقائهم الكبار لزيارة الأرحام والأقارب.
التشعيل
❊ الأخ علي عبدالله ذهبان يقول: إننا في المحافظة نستقبل عيد الفطر المبارك بعادات معينة منها على سبيل المثال قيام الأطفال ليلة العيد بجمع الأحطاب ووضعها في أماكن بعيدة عن المنازل ويقومون باحراقها بعيدا عن المنازل أسوة بعادات قديمة (تسمى التشعيل) كما يقوم الشباب بإشعال النار ليلة العيد في أعلى قمة في محيط قريتهم وهذه العادة تعود إلى ما قبل انتشار أجهزة التلفون والرادار بهدف إبلاغ الآخرين في القرى المجاورة بقدوم العيد إلى جانب ذلك يقوم بعض الشباب ليلة العيد بإشعال النار على سطح بعض المنازل واطلاق الألعاب النارية في السماء.
ويضيف ذهبان: إننا كشباب بعد أن نعود إلى المنازل بعد صلاة العيد نذهب جميعا ومعنا الأطفال إلى مكان خاص بالرماية وهو ما يسمى (النصع) فنقوم بوضع هدف لكي نقوم بالرماية عليه حتى يصيده أحد الشباب إلا أنه جرت العادة نتيجة لكثرة تعاملنا مع الأسلحة فإن لدينا كشباب مهارات فائقة في التهديف والقنص ويعود ذلك إلى كثرة رحلات الصيد التي نقوم بها طوال العام.
إن أخذنا للأطفال فهو لكي نعلمهم الرماية لغرض تدريبهم على كيفية التهديف وكيفية التعامل مع الأسلحة.
الزعفران والريحان
❊ الأخ مسعد عامر الصالحي قال: أغلب الرجال والشباب يجعلون من العيد فرصة للتواصل والمحبة والتزاور بين الأهل والأصدقاء ذلك أن أغلبهم يقومون بارتداء لملابس الجديدة بعد صلاة عصر يوم العيد وتعتبر العكاوة التي يضعونها على رؤوسهم المصنوعة من الحماحم والزعفران والريحان جزء أساسي من ملابس العيد عند معظمهم أما كبار السن فإنهم يضعون المشاقر على العمائم فوق رؤوسهم.
ويضيف مسعد: كما يقوم أفراد الأسرة بزارة إلى منزل كبير للأسرة مصطحبين معهم النساء والأطفال وبعد أن يصلوا يقوم كبير الأسرة بالترحيب بهم والتسليم عليهم وهنا يقول الواصلون عند السلام لفظ (سالمين) والمستقبل يقول (من النار) .. إلى جانب ذلك لديهم سلام آخر إلى جانب ما ذكر وهو أن يقول الواصلون (من العايدين) فيجيب المستقبل (من الفايزين) وهم يقصدون باللفظ الفايزين »الفوز بالجنة«.
وبعد أن يكملوا السلام يتناولون وجبة خفيفة من جعالة العيد بالإضافة إلى شرب القهوة وبعض المشروبات وبعد ذلك يتوجه الرجال والشباب لأداء صلاة العيد وذكر مسعد أن صلاة العيد لا تقام عندهم في المساجد وإنما في مكان مخصص لصلاة العيد وهو عبارة عن تبة مستوية تتوسط عدة قرى يجتمع فيها لصلاة العيد أهالي هذه القرى المتجاورة والاجتماع في هذه التبة المخصصة للصلاة توارثوها عن آبائهم فورثوها من أجدادهم فإنها عادة قام بها الأوائل ولازالت إلى يومنا هذا.
ويقول إن ما يميز هذا المكان لصلاة العيد أنه يتوسط جميع القرى.
ويضيف مسعد إن سلام العيد لديهم له طعم مختلف عن بقية محافظات الجمهورية فيكون كالتالي: بعد صلاة العيد وإتمام الخطبة يبدأ الإمام ويصطف وحده بعدها يأتي أول رجل للسلام على الإمام ثم بعد أن يسلم عليه يصطف بجانبه ثم يأتي الثاني ويسلم على الإمام والرجل الذي بجانب الإمام ثم يصطف بجانبهم وهكذا حتى ينتهي آخر رجل.
بعدها يذهب الجميع إلى منازلهم لذبح الذبائح لوجبة الغداء لأفراد أسرهم وللضيوف الوافدين على القرية.
زيارة المواقع الأثرية
❊ الأخ عبدالحكيم المرادي يقول: إنه يستقبل عيد الفطر المبارك بخلاف ما يقوم به الكثيرون في المحافظة حيث أن له برنامجه الخاص ويتمثل ذلك أنه في أول أيام العيد يأخذ الأطفال والعوائل إلى وادي عبيدة حيث توجد الخضرة والأشجار وبعيدا عن السكن في مكان خالُ من المارة ويقضون يوم العيد كامل في ذلك المكان.
ويقول عبدالحكيم: أما بالنسبة لثاني أيام العيد فإنه يصطحب أفراد أسرته لزيارة المواقع الأثرية بالمحافظة مثل معبد الشمس وعرش بلقيس ومارب القديمة إلى أن يقارب الوقت الظهيرة وبعد ذلك يذهبون إلى السد ليقضون بقية اليوم فيه.. ويضيف عبدالحكيم أنه في ثالث أيام العيد يأخذ عائلته لزيارة أهلها لكونهم في قرية بعية.
تحضير الكعك
❊ الحاجة أم عبدالله قالت من جانبها أن النساء يفرحن بالعيد أكثر بسبب الإخوة والأبناء المقيمين في المحافظات الأخرى الذين يأتون ليسلموا ويزاورون أرحامهم ويستقبلن العيد بوضع الحناء على أيديهن أول ليلة من ليالي العيد كذلك وضع نقش الحناء على راحة وسواعد البنات كما يقمن بتحضير جعالة العيد لأفراد الأسرة وللزائرين من الأهل والأقارب في الصباح الباكر في اليوم الأول من العيد وبقية أيام عيد الفطر المبارك وإن تحضير الفشار (الطنفاش) إلى جانب بقية جعالة العيد له أهمية خاصة لديها كما يقمن بتحضير صحون الكعك والكيك التي يقمن بتحضيرها بأنفسهن من الدقيق البلدي من مزروعات المحافظة لما لهذا الدقيق من جودة عالية يظهر ذلك للعيان عند تناول الكعك أو الكيك.