
مقديشو/وكالات –
“مرحبا بكم في مجموعة عمل القراصنة.. يتمنى لكم جمال قائد القراصنة أطيب الأماني بعد تعرضكم للخطف.. رجاء التحدث مع مفاوضه بشأن الفدية المطلوبة منكم.. مع الوضع في الاعتبار أن مطالبه واحدة لكل سفينة يخطفها”.
هذه ليست نكتة سخيفة بل هذه هي الطريقة التي يتعامل بها قراصنة الساحل الإفريقي وهي قضية خطيرة بالنسبة للشركات التي يتعين عليها دفع الفدية.
في عام 2011م كلفت القرصنة الصومالية الاقتصاد العالمي سبعة مليارات دولار وجنى القراصنة 160 مليون دولار من مبالغ الفدية طبقا لتقرير أصدره المكتب الملاحي الدولي مؤخرا.
انحسر نشاط القراصنة مؤخرا لكنه ما زال يمثل تهديدا. وأعلن المكتب الملاحي الدولي عن 69 واقعة خطف قام بها قراصنة صوماليون خلال الفترة من الأول من يناير إلى 12 يوليو بانخفاض 32% عن العام الماضي.
ورغم كونهم مارقين والطابع الإجرامي الذي ربما يتسم به القراصنة فإنهم منظمون بشكل غير متوقع لدرجة أن لديهم أوراقهم الخاصة شبه الرسمية التي يستخدمونها مع الضحايا.
في نسخة من تلك الأوراق التي قدمت إلى صاحب ناقلة نفط مخطوفة وشركة التأمين التي يتعامل معها المالك بعد خطف السفينة تم حجب اسم شركة التأمين وصاحب السفينة من الوثيقة وكذلك حجم الفدية المطلوبة.
لكن ما تبقى من الملامح على الورق دال بشكل كاف. إذ إن الورقة الأولى في المذكرة كتب عليها “إلى من يهمه الأمر” وعند رأس الموضوع كتبت عبارة “تهانينا للشركة المالكة”.
وتستهل المذكرة الكلام بالقول “بعد أن أصبحت مجموعة عمل القراصنة الخاصة بي تسيطر على سفينتكم الموقرة فإننا نود أن نقول للشركة/ المالك مرحبا بكم في مجموعة جمال لعمل القراصنة.. وعليكم أن تتبعوا القانون الخاص بنا لإعادة سفينتكم والطاقم بسلام”.
ولا تعكس النبرة التي كتبت بها المذكرة العنف الذي يمثل واقع ما يقوم به القراصنة. إذ انه حتى أوائل أغسطس احتجز قراصنة صوماليون مسلحون أكثر من 170 رهينة طبقا لإحصاءات المكتب الملاحي الدولي وكانوا مسؤولين عن مقتل 35 شخصا في عام 2011م وحده.
وتقول المذكرة “لا تتصوروا أننا نحاول إدخال الروع في قلوبكم” وذلك قبل تذييلها بعبارة “مع أطيب التمنيات” وتوقيع جمال فاهيي كولوسو القائد العام للمجموعة.
وتحسبا لأي شك إزاء هوية جمال أو عمله فإن توقيع جمال يصاحبه الختم.. نعم لدى جمال ختم وهو عبارة عن جمجمة يتقاطعها سيفان مع اسم الجموعة.
ويمكن التأمين على أي شيء بالسعر المناسب ولا يستثنى من ذلك احتمال خطف أشخاص أو ملكية ما مقابل الحصول على فدية. وهناك مجموعة صغيرة من الشركات منها شركات (ترافيلرز) و(تشاب) و(إيه.آي.جي) التي تعرض على الشركات سياسات “الخطف والفدية” في ثلاثة أنواع فقط من المواقف.
وفي حالة الخطف تدفع تلك الشركات المال كما يطلبه جمال ومن هم على شاكلته.
قالت اماندا هولت وهي نائبة لرئيس وحدة المسؤولية المالية والمهنية في شركة مارش لوساطات التأمين في انجلترا إنه نظرا لأن عدد الهجمات تراجع كذلك تراجعت أيضا أسعار تغطية تكلفة القرصنة. وأضافت “إذا اشتريت غطاء (تأمينيا) للقرصنة ستحصل على خصم على مبلغ التأمين. هذا منطقي جدا لأصحاب السفن والمديرين”.
ويمكن أن يحصل مالك سفينة يسعى لتأمين رحلة واحدة على تغطية بتكلفة خمسة ملايين دولار مقابل ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف دولار على افتراض أن السفينة عليها حراس مسلحون.
وفي هذه الحالة فإن هذا يعني التفاوض حول مكان وموعد تسليم الأموال وبالطبع المبلغ.
قدم جمال لأصحاب السفينة تفصيلا لقيمة الناقلة من حيث النفط الذي تحتويه وكذلك قيمة الطاقم (من وجهة نظره على الأقل) وقدم رقما يمثل المبلغ النهائي المطلوب.
كتب في الورقة الثانية من مذكرة الخطف يقول فيها “سنرسل لكم بعد أن نتخذ الترتيبات الخاصة بالمطالبة بأموال الفدية وبعد أن ننتهي من الاجتماع داخل مجموعتي وحل مشكلتي”.
وأكد خبير في التفاوض للحصول على فدى إنه ليست هناك مفاجأة تذكر في أن جمال وزملاءه منظمون جدا لهذه الدرجة بغض النظر عن الظروف الصعبة التي يعيشونها في واحدة من أكثر الدول التي تمزقها الصراعات.
وقال ديريك اس.تي بولدوين مدير العمليات العالمية لمؤسسة آي.بي.آي.اس انترناشونال التي تعمل في 45 دولة في أنحاء العالم “هم يريدون الحصول على المال. وإذا قدموا أنفسهم وتصرفوا بطريقة الشخص الذي سينفذ التزاماته ويعطينا المطلوب في حالة جيدة فمن المرجح بدرجة أكبر أن ندفع الفدية بسهولة وكفاءة”.
وأضاف بولدوين وهو محام شاركت شركته في عدد من المواقف التي دفعت فيها فدى على مدى سنوات “أما إذا قدموا أنفسهم كمجموعة غير منظمة تضم مجموعة من المجانين فمن المرجح بصورة كبيرة أن يظهر لهم فريق مكلف بالقضاء عليهم يفتح عليهم النار”.
وبالنسبة لجمال فما زال مصيره غير واضح. لم يرد له ذكر على الانترنت ولم ترد الشرطة الدولية (الانتربول) على طلب للتعقيب على وضعه القانوني.
وانتهت عملية خطف الرهائن في هذه القضية تحديدا سلميا لكن مصدر الوثائق رفض الكشف عما إذا كانت شركته دفعت فدية أو مبلغ الفدية في حالة دفعها.