د.المقالح: الكتاب أداة المعرفة الصحيحة ووسيلتها المثلى في المؤسسات التعليمية

متابعات/ خليل المعلمي –
عقدت أمس في بيت الثقافة ندوة بعنوان «آفاق ثقافية جديدة في اليمن» نظمتها المنظمة اليمنية للثقافة وأدارها علي صالح الجمرة حيث تضمنت الندوة عدة محاور منها دور الوسائط الحديثة في إحداث الحراك السياسي والثقافي والصحافة الإلكترونية ودورها في المشهد الثقافي والسياسي المعاصر ودور مجموعات التفاعل الثقافي على شبكة الانترنت وعلاقة المثقف بالكتاب وهل تأثرت (سلباٍ) بفعل الوسائط الحديثة وكذلك دور المؤسسات الثقافية الرسمية ومدى مواكبتها للحراك الثقافي والحقوق المادية والفكرية للمؤلف.

وسيلة المعرفة
وفي افتتاح الندوة التي شهدت حضوراٍ كبيراٍ أكد الدكتور عبدالعزيز المقالح رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني أن الكتاب يعتبر الوسيلة الأولى من وسائل المعرفة وقال: إذا كان الكتاب في الماضي ومنذ قرون هدفاٍ للنقد والتجريح والاتهام فإنه في الوقت الحاضر لم يعد عرضة للإحراق ولا للانتقاص والتقليل من شأن مايطرحه من أفكار وآراء وإنما صار عرضة للمصادرة والرقابة الجائرة والسرقة وصار مؤلفه عرضة للسجن والقتل أو النفي.. مبدياٍ استغرابه من أن ما يحدث هو في القرن الواحد والعشرين وذلك بعد قرن من الحديث عن حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وقال المقالح: مسكين الكتاب ومسكين المؤلف في بلاد العرب الأماجد ومسكين القارئ أيضاٍ هذا الذي لا يراد له أن يقرأ ما ينير وجدانه ويبعث فيه الروح الإنسانية الخامدة والخاملة نعم مسكين الكتاب الذي بدأت أوراقه تصفر لا من الطباعة والبقاء الطويل خلف الأرفف ولا من تزايد الأمية واستمرار انتشارها بمعدلات مذهلة وإنما مما يتعرض له من فرز ورقابة صارمة ومن تمزيق لأوراقه أو طمس لبعض صفحاته باللون الأسود والخربشات العرجاء لإخفاء بعض كلماته أو سطوره التي يشك في أنها تعتدي على جهل القارئ وتهز طمأنينته ومسكين المؤلف لأنه يكتب ويداه ترتعشان خوفاٍ من الرقيب أولاٍ ومن سكاكين الذين لا يقرأون ما يكتبه ثانياٍ.
وأضاف: وبمناسبة الحديث عن الوسائط الجديدة للقراءة فإنني أزعم أن الكتاب كما نعرفه هذا الكتاب الورقي المحشور بين غلافين هو أداة المعرفة الصحيحة ووسيلتها المثلى في المدرسة والجامعة وفي المنزل وهو نفسه الذي نقرأه على شاشة الانترنت والكمبيوتر والأقراص المدمجة فالكتاب هو الكتاب سواء كان بين دفتين أو داخل هذه الوسيلة أو تلك.
وتابع يقول: صحيح أن الإمساك بالكتاب وقربه من الصدر والقلب يجعل الصلة به محببة وحميمية ولكن التعود على الوسائل الحديثة سوف يساعد بمرور الزمن على خلق هذا الشعور المحبب والحميم..
ولم يبد المقالح تخوفه على الكتاب من الوسائل الحديثة ولكنه يتخوف عليه من الرقابة ومن الناشر والموزع اللذين يستوليان على 90% من ريع الكتاب ولا يتبقى للمؤلف سوى القليل من الملاليم التي لا تطعم طفلاٍ ولا تسد رمق جائع كما أبدى تخوفه من سرقة الكتاب وإعادة طباعته مرات ومرات دون حقوق أو اعتراف بجهد مؤلفه وما أخذه من نور العين وحريق الأعصاب.

الفضاء المفتوح
من جانبه قال الدكتور عمر عبدالعزيز في كلمته عن عصر الفضاء المفتوح والعناصر الجديدة في المشهد الثقافي المفتوح: عندما نتحدث عن المتغير الثقافي فلا بد أن نضع في عين الاعتبار أن هذا المتغير عاصف ومتسارع ومداهم ويجمع هذه العناصر جملة واحدة وهي متغير موضوعي من خلال علاقته بالتقنيات والوسائط المتعددة التي تسمح بفضاءات لتحولات النصوص التحريرية والبصرية وبطريقة متسارعة.
وعن المتغير الجذري الذي يتعلق بالوطن العربي وبالواقع اليمني يقول: هناك موجة من التقنيات التي تخترق الحدود والحواجز والتي وضعت الكثير من الأسئلة عن ماهية المحرك الأساسي الذي جعل المنطقة العربية تتحرك وتتغير.. مشيراٍ إلى أن من عجائب هذا التحول أنه انتشر في معظم أقطار الوطن العربي.
وأشار الدكتور عمر عبدالعزيز إلى أننا في زمن الوسائط المتعددة تحصل لدينا درجة عالية من التطيرات في الخطاب ويتكرس نوع من الخطاب المراهن الذي يبحث عن المقابلات الميكانيكية بين الأطراف المختلفة وبين الأنا والآخر دون النظر للمستقبل.. منوهاٍ بأن الخطاب الإعلامي الرسمي وغير الرسمي يحتفظ بعدد من الأساسيات الأخلاقية منها عدم الكذب وعدم القذف وعدم التحريض وعدم نشر ثقافة الكراهية وهناك تبنُ حقيقي لبرامج التطوير الجوهرية في المجتمع اليمني.
وشدد على أن أمام الناشر اليمني والمؤسسات اليمنية ووسائل الإعلام مسؤوليات جسيمة وكبيرة لأن يكون هناك ميثاق شرف إعلامي وثقافي ينص على تجريم وتحريم كل ما هو في دائرة المثالب الخسيسة وهذا يعتبر القانون القادم للإعلام بمختلف وسائله ذلك أن لا أحد يستطيع أن يسيطر على فضاء الانترنت.

المثقف وعلاقته بالكتاب
وأشار قادري أحمد حيدر في حديثه عن المثقف وعلاقته بالكتاب إلى أن المثقفين هم الشريحة الاجتماعية الثقافية التي تحمل مشعل التنوير والحداثة والتغيير قد تعرضت لأكبر الضرر والتأثير من ظاهرة العولمة الاقتصادية التي أدت إلى إعادة الهيكلة الاقتصادية للدول النامية.. حيث تعرضت لتدمير عراها الثقافية وتحول قطاع كبير منها إلى الهامش.
وأضاف: إن اقتصاد السوق المعولم قد عمل على تحويل المعرفة والفكر والمعلومة إلى سلطة وقوة ولكن ليس لتعزيز التراكم المعرفي والثقافي وتطوير الثقافات الوطنية وإنما لتعزز سلطة الثقافة كقوة إنتاجية تتضاعف وتحولت إلى سلعة شأنها شأن أي عمل مأجور خاضعة لسوق العرض والطلب وهذا التسليع للثقافة هو الذي جعل ظاهرة الثقافة تفقد دورها وقدراتها على التأثير في الواقع السياسي والواقع الاجتماعي.
وعن مستقبل الكتاب يقول قادري: إن الكتاب سيظل حاضراٍ ولن تؤثر عليه أية وسيلة إعلامية أخرى مدللاٍ على ذلك بأن وسائل الإعلام المتعاقبة قد حافظت على حضورها بالرغم من وجود أخرى جديدة فالإذاعة استمرت في البث على الرغم من اختراع التلفاز والكمبيوتر ووجود فضاء الانترنت ولهذا فلا خوف على الكتاب.

حقوق المؤلف
وعن حقوق المؤلف الفكرية والمادية قدم الأديب عبدالباري طاهر ملاحظاته حول قانون حماية حقوق المؤلف الفكرية والمادية حيث أشار إلى أن القانون قد صدر في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها بلادنا دستورياٍ فهي محكومة بالمبادرة الخليجية وفي ظل حكومة وفاق.. مشيراٍ إلى أن الأجدر بها أن تهتم أولاٍ بالظروف المعيشية والأمنية وبمتطلبات الحياة الضرورية.. وأكد أن القانون لم يأت إلا تلبية لاستكمال شروط انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية وليس لغير ذلك.
فيما أكد وكيل وزارة الثقافة هشام علي بن علي على أن قانون حماية المؤلف الفكرية والمادية جاء لحماية المؤلف من القرصنة وسرقة مؤلفاته وإبداعاته وأن هذا المشروع قد تم إعداده على مدى العشر السنوات الماضية وتعاقب عليه أربعة وزراء سابقين في وزارة الثقافة وتم تقديمه لمجلس النواب في العام 2008م لإقراره..
وقدم وكيل وزارة الثقافة شرحاٍ عن مواد القانون مؤكداٍ أن وزارة الثقافة تعمل لحماية المؤلف ولمصلحته من القرصنة على أعماله والقضاء على أي تزوير قد يحدث.

المؤسسات والحراك الثقافي
وفي ورقتها تحت عنوان «دور المؤسسات الثقافية في الحراك الثقافي حددت هدى ابلان الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين نوعين من الثقافة ثقافة رسمية تحدد معطياتها الأنظمة السياسية وتجسد فلسفتها ومصالحها البراجماتية وثقافة الشعوب وهي المرتبطة بتطلعات ورؤى الناس بعمقها وبساطتها وتوارثها السلس على حد سواء وعلى ضوء ذلك يأتي دور القوالب والأطر المختلفة كمؤسسات ثقافية تتنوع هي الأخرى بين الرسمي وغير الرسمي.
وأشارت ابلان إلى أهمية المؤسسات الثقافية في تحقيق أهداف ومهام سياسية واجتماعية تنشأ على هذا الأساس تتيح للناس تنظيم أنفسهم وأفكارهم في مناخات ديمقراطية والمساهمة في الحراك الثقافي والمعرفي وتلبية إبراز بعض الخصوصيات والسمات الثقافية المختلطة.
مستعرضة العديد من المؤسسات الثقافية في بلادنا الرسمية منها والخاصة منها وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها والاتحاد العام للأدباء والكتاب اليمنيين ومؤسسة العفيف الثقافية ومؤسسة السعيد وغيرها من المؤسسات.. متطرقة إلى عوائق وإشكاليات عمل المؤسسات الثقافية والأدوار المستقبلية لها.
الصحافة الالتكرونية والمشهد الثقافي
من جهتها قالت مليحة الأسعدي في ورقتها تحت عنوان «دور الصحافة الالكترونية في المشهد الثقافي» إن الصحافة الالكترونية قد ارتبطت بالتقنيات وتطورها خلال عقد التسعينيات ولم يكتف الإعلام الورقي بالاعتماد على النشر الورقي بل بات لدى كل صحيفة مساحة في الفضاء الالكتروني حتى يتسنى للقراء معرفة الخبر أولاٍ بأول ولحظة بلحظة ومناقشته والتفاعل معه.
وأكدت أن الصحافة الالكترونية باتت اليوم تشق طريقها بثبات بين الصحف والصحفيين وأصبحت أكثر متابعة من قبل الجميع ويتم الاستفادة منها والتعامل معها مثل وكالات الأنباء العالمية.. مشيرة إلى أنه قد تم تشكيل الاتحاد العالمي والدولي للصحافة الالكترونية والذي يناقش حقوقهم التي لابد أن يكفلها لهم.
وأضافت: أن الصحافة الالكترونية قد شكلت حافزاٍ حقيقياٍ للكثير من الأدباء للارتقاء بأساليبهم ونشر إبداعاتهم وخاصة النشر العالمي وأن انتشار الصحافة الالكترونية خلال السنوات الماضية قد عمل على تطويرها وازداد الإقبال عليها وبالتالي ظهرت الصحف المتخصصة والأكثر تخصصا.

الوسائط الحديثة والربيع العربي
من جهته قال يحيى الحمادي في ورقته حول دور الوسائط الحديثة في إحداث الحراك السياسي والثقافي «الربيع العربي» إن هذه الوسائط قد فتحت آفاقاٍ رحبة أمام الشباب العربي رأى من خلالها العالم ووضع في مخيلته إمكانية استغلالها الاستغلال الرشيد في سبيل الوصول إلى ما يتطلع إليه من مستقبل أكثر إنسانية وكرامة.
وتطرق الحمادي إلى دور شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع والمدونات الشخصية في الربيع العربي.. مستعرضاٍ نماذج من هذه المدونات والتي أنشأها عدد من الشباب العربي واستخدموها لنقد أنظمة الحكم في دول الربيع العربي.
واختتم بالقول: إن المستقبل سيغير الكثير من مفاهيم المجتمعات العربية ويؤثر وإلى حد بعيد في الطريقة التي تحكم بها هذه الشعوب بل وسيضع القيادات والنخب السياسية والفكرية والدينية وجهاٍ لوجه مع قطاع عريض من مستخدمي هذه الوسائل الحديثة.

قد يعجبك ايضا