تحقيق | محمد العزيزي –
التصوير فن من الفنون البديعة والجميلة وقد أصبحت الصورة في الوقت الحاضر من أهم الوسائل في إثبات الشخصية وملامح صور الأشخاص º كما أنها مطلوبة في كل المعاملات العامة والخاصة والتجاري .. إلى ذلك تعتبر الصورة الناقل الوحيد للأحداث فهي توثق كل ما نريد الاحتفاظ به أي أن الصورة أصبحت اليوم جزءاٍ من حياة المجتمع وبشكل أساسي º وأيضا تنقل لنا المناظر الجميلة الخلابة للمشاهد أو لمن يرى هذه الصورة دون الحاجة إلى أي تعليق أو وصف لمحتواها º كما يقول علماء الصحافة أن الصورة تعبر عن ألف كلمة .. إلا أن الصورة التي نتحدث عنها لا تخرج إلينا بكل ما تحمله من تفاصيل كثيرة إلا بعد أن يذهب فلم التصوير إلى معامل التحميض لتصفيتها .. وفي معمل التحميض يستخدم فني التحميض أحماضا كيميائية من النيتروجين والسلفات والهيدروجين وغيرها من الأحماض الأخرى التي لها أضرار ومخاطر بيئية كثيرة .. ترى من المسؤول عنها ¿ وأين تذهب هذه الأحماض ¿ وهل يمكن الاستفادة منها ¿ وهل مازال تعمل هذه المعامل في ظل ثورة التقنيات الرقمية الحديثة ¿ … هذه الأسئلة وغيرها طرحت على المعنيين º أطراف هذا التحقيق نرويها في السطور التالية :
تحقيق | محمد العزيزي
> يقول فتحي السقاف- مصور وفني معمل تصوير- أن معمل التحميض الذي لديه قديم وليس حديثا ويستخدم في عملية التحميض للأفلام العادية مواد من ( ميتول _ سلفيت _ هيدروكربونات بروميت _ وهيبو ) وهذه الأخيرة تستخدم لعملية تثبيت الصورة والفيلم أو الأفلام وبعد ذلك يتم تركها لفترة زمنية محددة ثم بعدها يتم غسلها بالماء وتنشيفها . وقال : من الطبيعي أن هذه المواد تذهب بعد ذلك إلى المجاري والجميع يقوم بالتخلص منها في كل الاستوديوهات بهذه الطريقة .
وعن كيفية الحصول على هذه المواد أجاب قائلا : نحصل عليها من الوكلاء والموزعين للأفلام أو من أصحاب المعامل الكبيرة التي تقوم بعملية التحميض .
عبر المجاري
> الأخ محمد العبسي عامل في استديو تصوير تحدث عن وجود التقنيات الحديثة التي تغني عن التحميض حيث قال : أعتقد أن أغلب أصحاب المعامل اتجهوا نحو الطرق الحديثة والسريعة التي يمكن أن يحصل صاحب الصور على صوره في اقل من عشرة دقائق وهي بالتالي أفضل من الأسلوب القديم خاصة وان صاحب المعمل يمكن أن يقدم خدمة أفضل في تحسين الصورة وإخراجها بشكل أحسن من الطريقة القديمة وأكثر جودة .. لكنه قال مازال البعض يستخدم المعامل القديمة والمواد التي تستخدم في التحميض وتصرف مخلفاتها إلى المجاري العامة .وأضاف : لا أعلم أن مخلفات التحميض بشكل عام خطرة وتسبب تلوثا بيئيا º لأنها بحسب علمي مواد كيميائية نستخدمها مثلها مثل المساحيق والمواد الأخرى المشابهة المستخدمة في المنازل والمطاعم والمحلات ويتم التخلص أو تصريفها في المجاري العامة .
> زرنا أكثر من معمل وعند سؤالهم لا يردون إلا بإجابة واحدة « اتركنا وحالنا « أو « معاملنا حديثة « .. لكن الأخ ناصر الذي عرفنا باسمه فقط وهو عامل في استديو تصوير أجاب أن المواد التي تدخل في عملية التحميض كثيرة ومتنوعة منها ( n1n2n3n5 n4 b1b2) وجميعها مواد كيميائية .. وأكد بالقول : بالنسبة لي فأنا أقوم بجمع هذه المواد داخل دباب بلاستيكية وأبيعها لشخص يأتي إلينا يوميا ويشتريها منا بسعر الدبة الواحدة 150_200 ريال .
> مسؤول في وزارة الثقافة أكد لنا أنه يوجد في بلادنا 393 استديو ومعمل تصوير فوتوغرافي – أعتقد أن هذه إحصائية قديمة _ وأضاف أن الوزارة لا تشترط منذ تأسيس هذه المعامل ومنح التراخيص لمزاولة نشاط التصوير الفوتوغرافي شروطا صحية أو بيئية لأنه ليس من اختصاص الوزارة تحديد نوعية الأحماض وما قد تسببه هذه الأحماض من كوارث بيئية .. واستدرك قائلا : المعامل القديمة لم تعد مجدية لأصحابها في ظل النقلة النوعية في التقنيات الحديثة التي ألغت مثل هذه الطرق البدائية المكلفة . مؤكدا أن أغلب استوديوهات التصوير تستخدم الآن الأجهزة الحديثة لما لها من فائدة مادية وخدمة سريعة للجمهور وسهلة الاستخدام . ويرى أن المعامل القديمة ستنقرض عما قريب حتى وإن كانت ما زالت تستخدم المواد الكيميائية º فإنه حتما عليها ستستخدم الطريقة الحديثة شاءت أو أبت وبالتالي ستنعدم قضية العشوائية في تصريف هكذا مواد خطرة تؤثر على الصحة والبيئة .
> الأخ سعيد قائد الاشعاب أخصائي في صحة البيئة قال أن جميع الاستوديوهات التي تمارس عملية التصوير والتحميض بالمواد الكيميائية تنتج مخلفات كثيرة ومضرة منها السائلة والصلبة .. مشيرا إلى أن الجميع يقوم بالتخلص من المخلفات السائلة عن طريق المجاري الرئيسية º والقليل منهم يقوم بوضعها في المخلفات الأخرى الصلبة ومن ثم تنقل مع القمامة ومنها إلى المقلب الرئيسي للقمامة فيتم حرقها أو دفنها مع بقية أنواع المخلفات التي تجمع إلى المقلب .
> المهندس نوري جمال استشاري في وزارة المياه والبيئة وأخصائي في مجال المياه والبيئة تحدث إلينا حول هذا الموضوع حيث قال : إن المواد الكيميائية التي يستخدمها أصحاب استيديوهات التصوير الفوتوغرافي تكون محملة بمواد سامة جدا º وإذا أردنا أن نتخلص من هذه المواد بطريقة سليمة وكما هو معمول به في العالم أن تقوم الجمعيات والمهتمون بشؤون البيئة بجمع هذه المخلفات سواء المواد الصلبة أو السائلة الناتجة عن عملية التحميض أو الطبع أو التطهير وغيرها مع إلزام أصحاب استيديوهات التصوير جمعها في حاويات وعدم تصريفها في المجاري طبقا للقانون .. خاصة المواد السائلة التي هي أكثر خطورة على البيئة º حيث من المفترض أن يقوم هؤلاء بجمعها داخل أحواض أو براميل خاصة ويخضعونها لتفاعلات كيميائية معينة ليتم استخلاص مادة الفضة .وأضاف : صحيح أن الفضة تخرج بكمية قليلة لكنها ذات مردود مادي مجز ومناسب وكذلك يتم الاستفادة مما ينتج من مواد أخرى . وبالتالي فهم يحافظون بهذه الطريقة على البيئة ويقونها من هذه المواد السامة الخطرة على البيئة والمياه والتربة والإنسان .
ويستطرد المهندس جمال استشاري المياه والبيئة حديثه بالقول : التخلص العشوائي من المخلفات الخطرة كالمواد الكيميائية الناتجة عن نشاط تجاري يشكل كارثة إنسانية وبيئية حقيقية لأن هذه المواد خلال تصريفها عبر المجاري العامة تصل إلى التربة والى المياه السطحية والجوفية ومن ثم إلى الإنسان كون هذه المواد تتحلل وتتفاعل وتتغير خواصها الفيزيائية والكيميائية º وهذه العملية تعرف بمفهوم التلوث والفرق بين هذا التلوث والتلوثات الأخرى أن مواد هذا التلوث سامة تختلط بالمياه والتربة وهي غير قابلة للاسترجاع ويصعب التخلص منها أو نزع هذا التلوث .
ونختم هذا التحقيق بما قاله خبير المياه والبيئة المهندس نوري جمال حيث أكد أن هذا الموضوع ما يزال منذ التسعينات مثاراٍ من قبل الدول المانحة والذين أبدوا استعدادهم لدعم أي نشاط يحد من هذه المخاطر المحدقة بالبيئة والإنسان.