تعز/ لقاء/ سلطان مغلس –
«التربويون هم الداء وفي نفس الوقت هم الدواء» والغش لا يتم إلا بتواطؤ من قبلهم
اجتاحت المراكز الامتحانية بمحافظة تعز نوبة من عمليات الغش الجماعي بصورة كبيرة لم تعهدها المحافظة ولم يكن لأحد من أبناء تعز يتوقع أن يصل حال التعليم إلى هذا المستوى وتتراجع ثقافة المجتمع الى مستوى يجعل من الغش حقاٍ مكتسباٍ للطالب وعلى المراقب ورجل الأمن أن يساعده في الحصول على هذا الحق ما لم فإن استخدام العنف والاقتحام المسلح للمراكز هو من سيستعيد هذا الحق وحول هذا الموضوع تحدث الأخ/ عبدالكريم محمود – مدير مكتب التربية بالمحافظة في الحوار التالي الذي أجرته معه «الثورة»:
> تعز كغيرها من محافظات الجمهورية تجرى فيها حاليا امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية.. فكيف تقيمون سير الامتحانات¿
- يبدو أن ما يحصل في تعز هو حالة تردُ لم تشهدها تعز على الإطلاق وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالتجمهر والقضايا الأمنية التي تحولت في معظم المراكز الامتحانية من عامل مساعد لإنجاح الامتحان إلى عامل تغشيش في بعض المراكز وقد اطلعتم معنا على التقارير الواردة من المراكز الامتحانية بالمحافظة ولاحظتم أن نسبة كبيرة منها تؤكد الاختلالات الأمنية عندما يحصل اقتحام للمركز الامتحاني والدخول للقاعة بمجاميع من المسلحين لغرض تنفيذ التغشيش عندما يحصل هذا كله ما الذي بوسع رئيس المركز أن يفعله الأمر الذي حتم علينا في اللجنة الفرعية اتخاذ قرارات بنقل عدد كبير من المراكز الامتحانية من الريف إلى المدينة أو من الريف إلى الريف أو من المدينة إلى الريف .
معايير الكفاءة
> كم يبلغ عدد المراكز الامتحانية وعدد المتقدمين لامتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية في محافظة تعز¿
- في الشهادة الأساسية يبلغ عدد المراكز »478« مركزاٍ امتحانياٍ وعدد طلابها »25324« طالباٍ وطالبة وعلى مستوى المرحلة الثانوية العامة يبلغ عدد المراكز الامتحانية »172« مركزاٍ امتحانياٍ بلغ إجمالي عدد الطلاب والطالبات فيها »34732« طالباٍ وطالبة وهذا الرقم أكبر رقم في محافظات الجمهورية وهو ما يتطلب من قيادة وزارة التربية والتعليم وقيادة السلطة المحلية تقديم المزيد من الرعاية والاهتمام للقطاع التربوي والتعليمي بتعز.
> ما هي الآلية التي اعتمدت عليها اللجنة الفرعية في اختيار رؤساء المراكز¿
- عندما تم اختيار رؤساء المراكز تم اختيارهم بعناية فائقة من قبل اللجنة الفرعية بحسب الكفاءة والنزاهة وكان لكل عضو في اللجنة حق «الفيتو» على قبول أو عدم قبول أحد المرشحين لرئاسة المركز وأدعو كل المشككين أن يستعرضوا قائمة مدراء المراكز الامتحانية ولن يجدوا فيها إلا خيارا مهنيا صرفا وفيها من كل الأطياف والأحزاب ولم يكن لنا أي اهتمام بمسألة الأحزاب عند اختيار رؤساء المراكز وما هذه التقارير التي تصلنا من رؤساء المراكز والتي تتضمن حجم المخالفات التي ترتكب من قبل المخلين وضعفاء النفوس إلا دليل قاطع على أنهم شرفاء وذوو أمانة وتفانُ في عملهم واختيارهم كان وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة .
وللعلم في تعز فقط دون غيرها من المحافظات أقمنا عملية تدوير شاملة لكل رؤساء المراكز الامتحانية وتم نقلهم إلى مراكز أخرى واعتبارا من الأحد الماضي 1/7/2012م نفذت عملية التدوير منهم من انتقل من منطقة قريبة إلى منطقة بعيدة ومنهم من مركز معاناته قليلة إلى مركز آخر معاناته أكبر وكل التربويين نفذوا عملية التدوير دون أي اعتراض من أحد وهذا دليل أنهم على استعداد لأي أوامر وتوجهات تستدعي تحسين الأداء والتغيير للأفضل وهي فرصة لأسجل لكل مدراء المراكز الامتحانية أسمى آيات الشكر على جهودهم الوطنية المخلصة ..
> كم المراكز التي تم نقلها ¿
- بلغ عدد المراكز التي نفذت عملية النقل فيها إلى يوم امتحان مادة الفيزياء 36 مركزاٍ امتحانياٍ وفي يوم امتحان مادة الفيزياء وحدها أقرت اللجنة الفرعية نقل 12 مركزاٍ إلى مراكز أخرى بسبب حالات الغش والاقتحامات المختلفة لتلك المراكز .
وبعض من تلك المراكز تم نقلها إلى جامعة تعز بعد التنسيق مع قيادة الجامعة ولولا الظروف الخاصة بالجامعة لنقلنا أكثر عدد ممكن من المراكز إليها نظراٍ لحالة الضبط وما تتميز به من قاعات مغلقة وتبعد عن الضوضاء ونقدر للإخوة في جامعة تعز هذا التعاون.
خيار وحيد
> ألا تتوفر لديكم وسائل أخرى ناجعة تساعد في عملية الضبط غير عملية النقل التي تشكل عبئاٍ على الطلاب في تحمل تكاليف التنقل ¿
- للأسف الشديد هذه الوسيلة الوحيدة التي بيدنا فعندما نقرأ في تقارير رؤساء المراكز الامتحانية أنهم فقدوا السيطرة والتحكم على سير العملية الامتحانية لم نجد أمامنا إلا خياراٍ واحداٍ وهو الانتقال من هذه المنطقة التي كانت سبباٍ في التجمع والاقتحامات إلى منطقة بعيدة لا تسمح بتواجد مثل هؤلاء .
ونحن للأسف نتخذ مثل هذه القرارات ونحن في حالة من الأسى والحزن ونعلم الظروف العامة للناس لكننا بين خيارين إما أن نترك المراكز إلامتحانية تسير على هوى الناس والغش يسيطر عليها بالعلن جهارا وبقوة السلاح الأمر الذي سيحرم أبناءنا الطلاب المتفوقين من الحصول على الدرجات التي يستحقونها كونهم لن يتمكنوا من الإجابة على الاسئلة بمثل تلك الأجواء المقلقة والسيئة أو نقوم بالخيار الثاني الذي يتمثل في ما نقدم عليه من عملية نقل للمراكز إلى مناطق مستقرة وآمنة.
> كيف تتعاملون مع حالات التلبس والتقصير الحاصل من بعض رجال الأمن¿
- نرفع تقريراٍ لوزارة التربية وصورة منه للمحافظ ونخاطب مباشرة إدارة الأمن بالمحافظة ومدراء المديريات ومدراء الأمن لطلب تعزيز الأمن ومحاسبة المتورطين في مثل تلك المخالفات .
> من طرحكم كأنكم توجهون أصابع الاتهام إلى الأمن بالتقصير في ضبط العملية الامتحانية ¿
- التقصير قائم وخاطبنا بمئات المذكرات الجهات المعنية لضبط الأمن في المراكز الامتحانية .
اعتداءات مباشرة
> وهل يتم التجاوب معكم¿
- هنا المشكلة تكمن حيث لم نجد أثراٍ إيجابياٍ أو رد فعل يساعد على تقليص الفجوة القائمة وربما سمعتم أن المركز الامتحاني الذي يكلف فيه 3 فقط للحراسة أصبح فيه 12 وأكثر بالزي العسكري التقارير تؤكد استخدام التهديد بقوة السلاح لممارسة الغش بل إن عدداٍ من القائمين على الامتحانات تعرضوا لاعتداءات مباشرة نحن لا نحمل اللجان الأمنية فقط هذه المسئولية هناك عملية تجمهر واقتحامات من المواطنين نظرا لانتشار ثقافة الغش التي لم تكن تعز قد عهدتها على الإطلاق هو الحال في هذا العام .
> إلى ما يعود السبب في ذلك ¿
- الأسباب كثيرة قد يكون منها موضوعية مرتبطة بضعف الأداء التعليمي طوال العام الدراسي إما بسبب عدم وجود المدرس المتخصص أو نقص في المنهج أو ضعف في قدرات وإمكانيات بعض المعلمين والأسوأ من ذلك عدم تفعيل اللائحة المدرسية في اتخاذ الإجراءات ضد المخلين من التربويين لدينا استراتيجية في المكتب خلاصتها تقول «التربويون هم الداء وبنفس الوقت هم الدواء « لن يستطيع أي شخص مهما كبر حجمه أو صغر أن يمارس الغش إلا بتواطؤ ومساعدة من أحد التربويين وهو الأمر الذي يستدعي من اللجنة الفرعية للامتحانات اتخاذ إجراءات وعقوبات صارمة بحق من يثبت إخلاله وتقصيره في مهامه حيث استبعد خلال الأعوام الماضية أكثر من »36« مدير مدرسة واتخذت جزاءات خصم من الرواتب على البعض وتلك الإجراءات عدلت مسار العلمية التربوية والتعليمية في الأعوام الماضية.
> البعض يرجع لجوء بعض الملاحظين للتكسب غير المشروع لقلة المستحقات المالية التي يستلمونها ¿
- لا نستطيع إنكار مثل هذا وهذه الحالات محدودة وهناك ضعفاء نفوس من التربويين يقعون في مثل هذه المزالق وعندما نجد مثل هذه الحالات نحاسب بقوة ونتخذ قرارات صارمة في مجازاة أمثال هؤلاء وأريد التنويه بأن كثيراٍ من أمثال هؤلاء كفوا عن هذه التصرفات بسبب الإجراءات الصارمة التي كانت تتخذها اللجنة بالمحافظة ولن يبقى إلا القليل من هؤلاء .
معالجة السلبيات وتعزيز الإيجابيات
> لا يخفى على أحد ما تعرض له قطاع التربية بمحافظة تعز من تشوهات جراء الأحداث الأخيرة التي مر بها الوطن هل ثمة خطط لديكم لرد الاعتبار لهذا الجانب الهام ¿
- أؤكد ما طرحت للأسف الشديد نقول بأن تعز أكثر من غيرها تضررت وقطاع التربية خصوصا تضرر أكثر من غيره جراء الأحداث التي مر بها الوطن في مختلف الجوانب وهناك آلية أعدت ليس فقط للامتحانات التي هي نتاج لعام دراسي كامل يعكس نفسه على الامتحانات لدينا خطط استراتيجية وقد فتحنا ملفاٍ لإدارات المدارس ونعمل مع السلطة المحلية من خلال عملية التدوير الوظيفي على تحسين الكفاءة التربوية وهناك من سيتغير وهناك من سيعين في مراكز أخرى نحن لأول مرة في تعز أعددنا استمارة تقييم تبدأ بالمعلم وتمر بمدير المدرسة ثم الموجه ثم الإدارة التعليمية بمشاركة جمع من التربويين المختصين وسيبدأ تنفيذ استمارات التقييم وآلياته وسيقيم فيها كل تربوي ومن خلالها سيتبين جوانب القوة والضعف لكل تربوي وسيتم التركز على معالجة السبلبيات وتعزيز الايجابيات وسيتم من خلال الاستمارات رسم صورة واضحة لتقييم العملية التعليمية بشكل عام وما نتمناه هو أن يعم الأمن والاستقرار أنحاء الوطن والتربويون على استعداد تام للتغير عندما يجدون أنفسهم قد تحرروا من تدخلات المتطفلين والمتنفذين والقيادات الفاسدة ونحن على ثقة بأن هذا لن يتحقق إلا بتوفر الأمن والاستقرار.
> محافظ تعز بشر في أكثر من لقاء بتدوير وظيفي شامل بقطاع التربية والتعليم ما الذي نفذ إلى الآن في هذا الجانب¿
- بدأنا بتوزيع الاستمارات لكل موظف وعلى ضوء هذه الاستمارات التي ستكون المعيار الرئيسي العام ستتم عملية التدوير أشير بأن التدوير بحد ذاته ما هو إلا وسيلة وفي بعض الأحيان يصيح غاية عندما يظل الموظف أكثر من 15 عاما في وظيفته يسبب له الملل والإحباط والعجز عن العمل ونتمنى أن تصدر اللائحة التنفيذية لقانون التدوير الوظيفي التي هي في مجلس الوزراء ولم تصدر إلى الآن ونحن في التربية تم استكمال تدوين بيانات الموظفين وتحديثها وهو ما سيساعدنا على اتخاذ قرارات صائبة .
> ما هي المعايير التي تم بموجبها اختيار أعضاء لجنة تقصي الحقائق في مدرستي أسماء ونعمة رسام¿
-اللجنة التي شكلت كلها من المختصين وتكونت من مْديرِي الشئون القانونية والرقابة بمكتب التربية بالمحافظة وممثل عن المديرية وممثل عن نقابة المهن التعليمية وممثل عن نقابة المعلمين من أجل البحث والتحقيق في ما نشب واستمرت اللجنة في إجراءاتها وخرجت بنتائجها وهناك من يدعي أنها تأثرت بضغوط وما شابه ذلك وهذا لم يتم واستبعاد مدير أو إعفاؤه يتطلب إدانات قانونية نحن لا ننزه مديرتي المدرستين أو نزعم أنهما خاليتان من السلبيات لكننا لم نجد ما يستدعي الاستبعاد بهذا الشكل وما حصل سواء في المدرستين وغيرها من المدارس من عمليات تجمهر للطلبة أحيانا يكون بتحريض من بعض هيئات التدريس وأحيانا من خارج الحقل التربوي من شتم وإهانات وضغوط وعبارات غير لائقة لا يليق بطالب أن يقولها لمعلم بل لا يليق بطالب أن يقولها لزميل تلك هي الظروف التي واكبت الحالتين والآن كما أسلفنا ذكره داخلين في عملية التدوير ومديرتا المدرستين داخلتان في التدوير ما يلفت النظر أننا في تعز وجدنا أنفسنا أمام أكثر من 42 حالة لما يسمى بثورة المؤسسات انتفاض طلاب على مدرائهم ومدرسيهم لكنها للأسف لم تكن مسألة إجماع من جميع الطلاب ولكنها من قبل قلة فأي استجابة لمثل هذا الكلام لا بد من إجراء تحقيقات وإدانات تسبق ذلك ومثل هذه الأمور بعضها فرضت بالقوة وتم استبعاد بعض مدراء المدارس وتم تكليف من يديرها وفي كل الأحوال أينما وجدنا مسئولاٍ مداناٍ سيتم استبعاده ولسنا مصرين على بقاء أي فاسد في أي مرفقوأحب أن أنوه بالمناسبة أن هذا المكتب (مكتب التربية بالمحافظة) تعرض لأكثر من 76 عملية اقتحام ومسيرات ومظاهرات وفي كل الحالات كنا نمتص مثل هذه الأمور وحرصنا على الاستمرار في أداء الواجب ولا نستطيع أن ننكر أن مثل تلك الأعمال قد أعاقتنا بعض الشيء في عملية الإصلاح والتطوير للجانب التربوي والتعليمي .
استشعار المسئولية
> كلمة أخيرة تود قولها في نهاية هذا اللقاء¿
- نؤكد بأن الامتحانات ليست إلا نتاجاٍ لعملية تعليمية تربوية على مدار العام وأدعو كل التربويين وقيادات التربية إلى استشعار المسئولية وتقديم أفضل أساليب الأداء لأبنائهم الطلاب وتزويدهم بالمعارف اللازمة كي يتمكنوا أن يصبحوا عناصر فاعلة في مجتمعاتهم مركزين على القيم التي كادت تفقد للأسف الشديد أأسف حقيقة عندما أسمع بعض الألفاظ البذيئة والسيئة التي يتلفظ بها بعض أبنائنا أو بعض معلمينا أيضا وهذه لم نكن نسمعها على الإطلاق من قبل بشكل سافر وبهذه البجاحة .
وأدعو أولياء الأمور إلى التعاون معنا فمصلحة أبنائهم ليس في الغش ولكن في التعليم والتزود بالمعارف والمهارات والخبرات وهذا يستدعي اهتماماٍ أكبر على مدار العام في مختلف النواحي .
وأخيرا أؤكد بأن ليس هناك مستحيل فالرجال الشرفاء متواجدون في هذا الوطن العظيم وما أكثرهم وهم من بيدهم صناعة الغد المنشود وبناء المستقبل الأفضل .