رئيس جالية .. رئيس جولة !!

محمد علي الشهاري –
خلال الاعوام 2006-2012م قمت بتحرير صفحة المغتربين في جريدة “26 سبتمبر” وخلال هذه الفترة قابلت أو – انصدمت – بالكثير من رؤساء الجاليات والمغتربين اليمنيين في اكثر من بلد من بلدان الاغتراب وعندما اقول انصدمت ليس بمعناها الحرفي ولكني انصدمت من العقلية والتكوين النفسي والتركيبة الغريبة العجيبة لبعض رؤساء الجاليات الذي يفترض أن أسميهم رؤساء جولات لا رؤساء جاليات .
المغترب – اياٍ كان يمنياٍ أو غير يمني – يفترض به أن يكون سفيراٍ لبلده يعكس عنه كل ماهو جميل ويعرف بأخلاق ابناء جلدته في الحالة اليمنية قد يكون العكس تماماٍ هو السائد وبنسبة قد تصل الى 98%.
نادراٍ مانجد مغتربين يمنيين برزوا في مجال من المجالات العلمية أو الاكاديمية أو الاقتصادية وحتى الاجتماعية وأصبحوا مضرب الامثال وحديث القاصي والداني لكن البقية – وللأسف الشديد – جعلوا من أغترابهم عاملاٍ للإساءة لهم ولوطنهم.
سأتكلم عن المملكة العربية السعودية مثالاٍ كبلد اغتراب لليمنيين يوجد به اكبر عدد من هذه الشريحة الاقتصادية الهامة فهناك من أعرفهم جيداٍ من رؤساء الجاليات استغلوا هذه الصفة – التي أعتبرها أكبر منهم – لتحقيق الكثير من مآربهم الشخصية على حساب معاناة إخوانهم من بقية المغتربين في المملكة .
من هؤلاء من يتاجر بمشاكل المغتربين لحصد اكبر كمية من المال وليظهر اعلامياٍ انه صاحب صولات وجولات ومبادرات لخدمة المغتربين وهو في الحقيقة غير هذا تماماٍ وللأسف أننا نحن الاعلاميين من صنعنا منهم هذا ونفخنا فيهم حب الانا وأنا كصحفي اعترف وأقر أني كنت أعمل لقاءات واستطلاعات مع عدد من رؤساء الجاليات في المملكة لايعرفون كيف يفرقون بين الالف الممدودة والالف المقصورة وكانوا يشددون في كل مرة اقابلهم فيها على ذكر منجزاتهم في متابعة احوال المغتربين .
الذي يبعث على الضحك ان رؤساء الجاليات لو تأملنا قليلاٍ في حال اغترابهم فسنكتشف الكثير من المتناقضات ففي بطائقهم الشخصية التي دخلوا بها المملكة مذكور فيها ان مهنتهم هي ” عامل” وعندما يخرجون الى اليمن يحرصون على التحرك كوزراء وينفخون ريشهم على الفاضي وفي المملكة مصيرهم بيد كفلائهم ولكنهم أسود على غيرهم .
وفي المملكة لو بحثت عن اعمالهم فستجد معظمهم اصحاب محلات عطور أو ملابس أو ديكور أو مطعم أو بسطة خضرة أو …. إلخ وكلها اعمال شريفة ولكنها ليست بذلك القدر الذي يجعل صاحبها تتضخم فيه روح الغرور والكبر ففي الظاهر هو رئيس جالية – وما أكبرها من صفة – ولكنه في الأصل لا يساوي شيئاٍ امام هذه المهنة الجليلة والكبيرة في معناها ومبناها فهو ذليل في تحركاته ولايستطيع ان يقول ثلث الثلاثة كم ¿!! خاصة ان قوانين المملكة صارمة ولاتسمح بأي تجمعات فالكيانات التي يتفاخرون انهم رؤساء لها ” رئيس جالية” لا أساس قانوني لوجودها فهم يعملون هناك بصمت مطبق وفي الخفاء وتحركاتهم دوماٍ تحت جنح الخوف فلو كانت شرعيتهم لتلك الجاليات قانوينة فلماذا لايحملون اختاماٍ – مثلاٍ- لإنجاز معاملات الجالية وانا ضربت الختم كمثال وهناك امثلة كثيرة ولو صادف وضبط هذا – رئيس الجالية – وفي جيبه ختم رئاسة جالية فسيتم ترحيله مباشرة لأنه خالف القانون السعودي وقام بتشكيل كيان غير قانوني .
التحركات التي يقومون بها تتم تحت غطاء السفارة في الرياض أو القنصلية في جدة وبالتنسيق مع السلطات السعودية لمهمة وحيدة فقط هي المساعدة والتخفيف من ضغوط المعاملات المتدفقة على السفارة والقنصلية ولتباعد اماكن وجود المغتربين عن الرياض وجدة لذا تم التنسيق مع هؤلاء الاشخاص على المساعدة وتقديم الدعم اللوجستي فقط لكنهم استغلوا هذه المهمة الانسانية لصالح ابتزاز المغتربين وأصبحت سيآتهم اكثر من حسناتهم واقوالهم اكثر بكثير من افعالهم.
هناك مثل اتمنى ان يتم تطبيقه على كل الجاليات اليمنية في الخارج بالتعاون والتنسيق بين وزارتي المغتربين – الغارقة في العسل والعطور – والخارجية هذا المثل موجود في الجالية اليمنية المتواجدة في جوانزو جنوب الصين .. لو سألت عن رئيس جاليتها لن يقال لك ” الشيخ”احمد اليافعي كما يحب اصحابنا في المملكة ان يتم مناداتهم بهذا اللقب الذي لايستحقونه بل سيقال لك اسمه احمد اليافعي ” ابو محمد” .. لو سألت عن مقر الجالية فسيقال لك لامقر للجالية بل يخدم المغتربين في مكتبه .. لو ذهبت الى السفارة اليمنية في بكين وأخبرتهم عن مشكلة لك في جوانزو فأحمد اليافعي هو مقترح السفارة لك لحل تلك المشكلة .
ما أردت قوله مما سبق هو أن احمد اليافعي ذلك المواطن اليمني استطاع ان يكسب احترام وحب كل اليمنيين في تلك المنطقة البعيدة من العالم بتواضعه وحبه وتقديره ومساعدته لكل ابناء جلدته بدون من أو انتظار لرد المعروف بل هو قلبه الكبير وأخلاقه الرفيعة من جعله يكسب كل ذلك الحب والاحترام ليس فقط من اليمنيين هناك بل من كل العرب الذين انتخبوه رئيساٍ لجاليتهم العربية وبدون منافس.
ختاماٍ .. أرجو من وزارة المغتربين واختها الخارجية ألا تختار رؤساء الجاليات على أساس القرابة أو المعرفة أو كمية العطور التي يستقبلونها كهدايا منهم بل على أساس حجم الشخص اخلاقاٍ وحباٍ بين أوساط المغتربين وهي مهمة ليست بالمستحيلة وما أكثر هؤلاء لو بحثنا عنهم ولايوجد داعُ لنضحك على بعض وتقول لنا وزارتا المغتربين أو الخارجية أنه يتم اختيار هؤلاء عبر الانتخابات فأنا اعرف كما تعرفون كيف يتم الاختيار !!
أخيراٍ.. ليس كل رؤساء الجاليات اليمنية في السعودية سيئين فهناك اشخاص بحق اكثر احتراماٍ وحباٍ وعوناٍ لإخوانهم المغتربين لذا سأظل احترمهم وأجلهم كما يحبهم ويجلهم ابناء جلدتهم من المغتربين لأعمالهم الجليلة والانسانية التي يقومون بها ولهم وحدهم نقول : شكراِ .. شكراٍ ..ولأولئك سيء الذكر والضمير نقول لهم ارحلوا عن جالياتكم فأنتم بحق لاتستحقون ان تكونوا رؤساء عليها بل رؤساء على جولات وسط العاصمة صنعاء!!
رئيس تحرير موقع اخبار البلد

info@albaldnews.com

قد يعجبك ايضا