لماذا المنتديات الإقليمية للمياه¿



خمس محافظات تستعرض تحديات الوضع المائي والإجراءات المطلوبة
ليس هناك قضية يجمع الناس حولها كقضية المياه , فهي تعني الحياة بكل أبعادها , من الشرب , والغذاء, والتنمية , والاقتصاد , والبناء والعمران وكل شيء متعلق بالبقاء .
في المنتديات الإقليمية للمياه التي عقدت في المكلا وعدن وتعز والحديدة ( وقريبا سيعقد منتدى صنعاء) كان الهم المائي يلقي بظلاله من خلال النقاشات العامة ومجموعات العمل , خاصة وان تلك المنتديات ضمت مختلف الشرائح الاجتماعية والقطاع الخاص والشباب وجمعيات نسائية وجمعيات مستخدمي المياه , والمزارعين من مختلف المحافظات التي ضمت كل منتدى إقليمي , كل فرد كان جاداٍ ومتحمساٍ في طرح المشكلة , مجتهدا في إيجاد بعض الحلول.

كتب/ محمد العريقي
المنتديات الإقليمية للمياه التي نظمتها وزارة المياه والبيئة ومشروع استجابة الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID حظيت بحضور مكثف وتفاعل جاد , وجاءت في الوقت المناسب .
فمخرجات هذه المنتديات ستكون جوهر الأطروحات والنقاشات التي ستجرى في المؤتمر الوطني للمياه الذي سيعقد خلال شهر يوليو القادم , ويعول على هذا المؤتمر صياغة أجندة إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل , حتى تنال قضية المياه حقها من الاهتمام ووضعها في مرتبة مناسبة من المكانة , بدلا من تصنيفها من قبل الحكومة بالمرتبة التاسعة أي قبل الأخيرة.
أحسن المنظمون لهذه المنتديات في وضع جدول الأعمال التي ارتكزت على سير أداء المشاركين في المنتديات , فقد كان يطرح في كل منتدى فكرة عامة عن الوضع المائي في اليمن , وعرض موجز لمبادئ إعلان صنعاء حول المشاركة في إدارة الموارد المائية الذي خرج به المؤتمر الوطني للموارد المائية الذي عقد بصنعاء في يناير من العام الماضي ( تبين أن الكثير جدا من المهتمين وغير المختصين لم يسمعوا ويقرأوا عن ذلك الإعلان )وقد قدم تلك العروض نخبة من المهندسين في قطاعي المياه والزراعة كما كان يطرح في كل منتدى عروض للمشاكل المائية في كل اقليم مائي , من قبل مهندسين مختصين يتبعون الهيئة العامة للموارد المائية.
وخصص الوقت الأطول من أعمال المنتديات للمجموعات الست التي ناقشت وقيمت مبادئ إعلان صنعاء, والذي على ضوء ذلك النقاش , تم تعديل أو إضافة أو حذف في بعض فقراته.
جاء العرض الخاص بالوضع المائي في اليمن من خلال ورقة عمل بعنوان ( قضايا المياه – الوضع المائي .. التحديات .. الإجراءات المطلوبة )
تضمنت الورقة على لمحة موجزة للوضع المائي من حيث المصدر وهي الأمطار , وفي هذا الجانب أشارت الورقة إلى المناخ الجاف , وهطول أمطار غير منتظمة , وقدرت المياه السطحية المتجددة سنويا بمليار متر مكعب سنويا , والمساحة المطرية تناقصت من 1.1مليون هكتار عام 1970 إلى قرابة نصف مليون هكتار عام 2010م.
غير أن الوضع الخطير هو في المياه الجوفية .
حيث أشارت الورقة أن إجمالي المياه الجوفية المتجددة سنويا ب مليار ونصف مليار متر مكعب , وبدأ اللجوء لهذه المياه منذ السبعينات من القرن الماضي بسبب دخول آلات الحفر والمضخات العملاقة , وحفر حوالي 90 ألف بئر , وحاليا تنتشر في اليمن ما يقارب 700حفار أكثرها تعمل بدون ترخيص ( ويتردد أن في الهند ذلك البلد الكبير بعدد سكانه أكثر من مليار يوجد فيه فقط 150 حفاراٍ).
زادت في اليمن المساحة المروية بالمياه الجوفية من 37 ألف هكتار عام 1970 إلى 450 ألف هكتار عام 2010م.
وبينت الورقة أن استخدامات المياه في قطاع الزراعة يصل إلى 90% مع ملاحظة أن كفاءات استخدام المياه في الري وفي شبكات المياه العامة متدنية جدا والاستخدامات المنزلية 8% , والصناعة 2%.
وأن الاستخدام الحالي للمياه يزيد عن 3.4مليار متر مكعب في السنة , وان العجز بين المياه المستخدمة والمتجددة أكثر من مليار متر مكعب سنويا يواجه من مخزون المياه الجوفية , ويأخذ القات النصيب الأعلى من هذه المياه .
أما معدل نصيب الفرد من المياه حوالي 100متر مكعب سنويا وهو أدنى المعدلات في العالم .

التحديات
على ضوء تلك المعطيات فإن الورقة تطرقت إلى أبرز التحديات التي تواجه القطاع المائي منها
محدودية المصادر الحالية وخاصة المياه الجوفية , عدم الاستفادة المثلى من مياه الأمطار والمياه السطحية , تعدد جهات تنفيذ الحواجز المائية , وبعضها تنفذ بدون دراسات تفصيلية , هناك بطء في البحث عن مصادر بديلة تناسب كل منطقة , التدهور النوعي للمياه وخاصة الجوفية , بسبب التلوث وتداخل مياه البحر, ومن التحديات أيضاٍ ضعف تطبيق قانون المياه , قلة الوعي وقصور برامج التوعية , التأخر في إجراءات ضبط المخالفين , وتدني الغرامات المالية للمخالفين , عدم الالتزام بالتشريعات المائية في ما يخص الأحواض الحرجة , وهناك أيضاٍ استنزاف مستمر للمياه الجوفية , والتوسع بزراعة القات على حساب المياه الجوفية , صعوبة تخصيص المياه على مستوى الحوض المائي لارتباطها بموضوع ملكية المياه وحقوق المياه .
كما برزت التغيرت المناخية كتحد جديد ظهرت شواهده من خلال فترات الجفاف الطويلة , والفيضانات المدمرة , وتناقص مناسيب المياه الجوفية , وتلوث المياه.

الجهود المطلوبة
أشارت الورقة لجملة من الإجراءات الحكومية التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية منها :
إنشاء البنى المؤسسية لقطاع المياه , وإصدار قانون المياه, وإصدار الاستراتيجية الوطنية للمياه والبرنامج الاستثماري , إلا أن الورقة اعتبرت ذلك غير كاف, وحثت على ضرورة تضافر الجهود الحكومية والشعبية .

فدور الحكومة يتمثل في
إعطاء قضية المياه الأولوية المناسبة , وكذلك مواجهة كافة التحديات من خلال تطبيق القانون , وتوفير التمويلات المالية الكافية , وحضور دور الجانب الإعلامي حول قضية المياه وجعلها ذات أولوية , ورفع العقوبات القانونية ضد المخالفين من أصحاب الحفارات , تعزيز اللامركزية في قضايا المياه , وتفعيل دور المشاركة الشعبية.

وفي جانب الجهود الشعبية
إعادة إحياء الأعراف والتقاليد في ما يخص توزيع المياه السطحية ودور المجتمع في إدارة موارده المائية , وتفعيل دور الجمعيات ومستخدمي المياه في قضايا الحفر العشوائي وإدارة المياه على المستوى المحلي , كذلك العمل على التوسع في صيانة المدرجات الزراعية , والتوسع في نشر تقنيات الري الحديث , وتكثيف خدمات إرشاد الري وحملات التوعية المائية في أوساط المزارعين ومستخدمي المياه , وكذا التوسع في إنشاء أنظمة حصاد المياه التقليدية , ومشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب في تبني مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية .

قد يعجبك ايضا