مجانية النظر

محمد المساح –
على الرصيف الموازي كانت تسير.. وعلى الرصيف الآخر.. كان يسير..
لاحظ الفرق في استخدام النقطتين لفعل السير اللغة تميز بينه وبينها لفعلها نقطتين في الأعلى ولفعله نقطتين في الأسفل¡ مجرد ملاحظة فقط وتعود للموضوع.
عيناه بالطبع شغلتا بالنظر إليها.. والعين سريعة في بحث ما تريد وبسرعة لا تقاس إلا بزمن ضئيل من الثانية¡ لم يكن هو السائر الوحيد على الرصيف¡ وليست هي الوحيدة أيضا◌ٍ¡ لم يتابع النظر

جانبيا◌ٍ¡ بين آونه وأخرى¡ كان يعطف رأسه.
هي في الجانب الآخر¡ بوجهها الملثم لا تكسر رأسها.. النظر مستقيم إلى الأمام¡ حين نقول: وجهها مجاز لغوي لأننا لا نرى الوجه حقيقة بكل تفاصيله.. وحتى العينان لم نقترب منهما حتى

نستطيع التحقق إذا كانتا العينان عسليتان أو سوادويتان.. لنعد للموضوع سيرها لم يكن بالمتعجل.. أو بالبطئ نصف من هذا وذاك.
مالفت نظره على ما يبدو وهو يتابع سيرها.. ذلك التناسق البديع الذي أبرزه البالطو الأسود لو كان رساما◌ٍ لأنطبعت في ذهنه كل تلك التفاصيل الخارجية.
نحن نصف هنا ولا نقرر واقع متحقق.. لكنه تخمينات مجرد تخمين فقط لأننا لو سئلنا ما أدرانا.. إذا كان تمنى حينها وهو يتابع سيرها الجميل المتهادي على الرصيف.. أن يكون رساما◌ٍ.. طبعا◌ٍ

سيكون الجواب بالنفي مجرد افتراض.
لنتابع بقية الموضوع.. إذا سمح حيز العمود بأن للموضوع بقية.. وحتى تختصر التفاصيل النهائية للموضوع.. فجأة وهو يتابعها قطعت الشارع إلى الرصيف¡ حيث يسير¡ أربكت صفاء ذهنه

وهو مندمج في متابعتها بنظره¡ كما أنها أربكت النظر نفسه لديه.. انتقل إلى الرصيف الآخر.. خطوتان.. قابلهما انفتاح الشارع الطولي¡ ذهبت نحو اليمين وألتف ناحية اليسار.

قد يعجبك ايضا