الآبار العشوائية في ضواحي صنعاء ..وجه جديد لأزمة المياه

بعد التدهور الكمي والنوعي للموارد المائية في اليمن خاصة في العقود الأخيرة الذي يقابله نمو سكاني مرتفع  صاحبه  نمو اقتصادي واجتماعي ..يجعلنا أقرب إلى شفا الكارثة ..
وللحد من استنزاف المزارعين للمياه الجوفية شجعت الجهات المشرفة على مشاريع المياه  على إنشاء  السدود والحواجز المائية.. ولكن للأسف نرى أن هناك الكثير من الاعتداءات على السدود أهمها احتكار مياه هذه السدود وحفر الكثير من الآبار العشوائية بالقرب منها واستنزاف مياهها في سقي القات بشكل صارخ..وقد ساعد على ذلك غياب الرقابة التي صمتت نهائيا..وتخلت عن مسؤوليتها   ..

لقد قام الكثير من المزارعين بشفط مياه السد إلى المزارع بقوة السلاح بحسب راجح علي من بني حشيش وقال : قام العشرات من المزارعين بحفر حوالي مائة بئر بالقرب من السد كما قاموا بشفط المياه من السد بقوة السلاح وبدلا من منعهم قام المزارعون بتقليدهم والبعض الآخر اكتفى بالفرجة..
وبالمقابل  لم يكن هناك أي دور صارم من قبل الجهات المختصة لردعهم ولم تمر سوى أيام إلا وأهالي المنطقة في قرية خربة سعوان يعانون من نقص حاد في المياه ..انعكس بشكل سلبي على الكثير من مزارعهم المجاورة لسد ليباس الذي تم استنزافه لمزارع القات.
في السياق ذاته قال أمين محمد من أهالي خربة سعوان :إن الكثير من الذين قاموا بشفط المياه من السد كان هدفهم هو استنزاف المياه وجعل أهالي المنطقة ومزارعهم يعانون .
مشيرا إلى أن بعض المزارعين قاموا بحفر عشرات الآبار بجانب السد كما قاموا بشفط مياه السد بالقوة .
 منوها بأن الجهات المختصة من الوجهاء والمشايخ لم يستطيعوا ردعهم داعيا الجهات المختصة بداية من المسئولين في المنطقة ومرورا بالحكومة إلى ردع أولئك المخالفين الذين تسببوا بأزمة مياه في المنطقة .
الآبار الجوفية تأثرت
لقد أثر ضخ المياه بشكل مستمر على مزارع القات على الآبار الجوفية التي يبلغ عمقها من (450_500) متر  والتي تبعد عن السد من اثنين إلى ثلاثة كيلومترات بحسب صاحب المضخة الجوفية المزارع محمد مهدي من منطقه سعوان  الذي أضاف : إن ما قام به  بعض المزارعين من حفر عشرات الآبار واستنزاف مياه السد شكل كارثة فهناك الكثير من الآبار الجوفية تأثرت وأصبحت تضخ بشكل بطيء جدا وعلى أعماق اكبر.
(80 %)من المياه  لمزارع القات
وأكد المزارع مهدي أن أصحاب الآبار الجوفية سابقا كانوا ينزلون (6) أمتار سنويا وكنا نخسر الكثير من الأموال ولكن هذه الظاهرة اختفت مع بناء السدود كمختان ومصيبح في قرية خربة سعوان ..وهذا ما يثير المخاوف .
ودعا مهدي الجهات المختص إلى إيجاد حلول لمنع استنزاف المياه من السد كي لا تتأثر القرية بأكملها وعند سؤال مهدي عن الزراعة الرئيسية التي يتم سقيها من السد أجاب بأنه يوجد مزارع للقات بنسبة (80 %)  و(20 %) أخرى كالعنب والفرسك  بعد ذلك قمنا بالتوجه إلى السد ووجدنا المنطقة مليئة بمزارع القات .
وهناك  سألنا حازم القاضي  احد المزارعين الذين قاموا بالحفر بجانب السد عن سبب  الحفر وأجاب بأنه رأى الجميع يحفر فقام بالحفر هو أيضا مضيفا بأنه أراد إن يحجز مكانا مثلما فعل المزارعون الذين قاموا بالحفر وانه أراد أن يجعله بئرا في المستقبل كي يسقي مزرعته  .!
حفر عشوائي بالقوة
وفي الاتجاه ذاته قابلنا عضو المجلس المحلي بقرية سعوان الشيخ حسين خميس وسألناه عن دور المجلس المحلي  تجاه القضية وأجاب : قمنا باستخدام الأسلوب القبلي السلمي كوننا أخوة في القرية وأن العنف لا يولد إلا عنفاٍ ولكن حاجة المزارعين الماسة للمياه جعلت الكثيرين منهم  يرفضون التحاور ولا يفكرون إلا في سقي مزارعهم خاصة وأن قريتنا حرمت لأعوام من الأمطار إضافة إلى غياب المشتقات النفطية (الديزل) لكثير من الوقت وإن وجد الديزل تكون أسعاره مرتفعة ولكن الآن قمنا بمنعهم من الحفر أو الشفط  من داخل السد ونأمل الاستجابة.
أداء متدن لإدارة منشآت المياه
إدارة مياه المنشآت دورها متدن  جدا و كفاءة استخدام المياه والنقل والري لا تتجاوز (45 %) بحسب الدكتور أيوب عبد الوهاب مدير مكتب الوحدة التنفيذية وإعداد المخطط التوجيهي للسدود والمنشآت المائية .
وهو ما يعتبره أيوب مؤشراٍ خطيراٍ خاصة وأن وضع حوض صنعاء حرج خاصة  والمزارعين يغلب عليهم الأسلوب التقليدي أثناء الري كما يبرز في إدارة منشآت المياه الجهد الشعبي والفردي غير المنظم وغياب الدور الرسمي والدور المطلوب  من إدارة المنشآت .
مطالبا بدور اكبر في هذا المجال واستخدام التقنيات الحديثة على مستوى الزراعة لتشمل كافة منشآت المياه المستخدمة للري مهما يكن مصدرها سواء كان سطحياٍ أو جوفياٍ كما يجب تشكيل مجاميع أو جمعية لإدارة المياه والمنشآت وتأهيلها بمساعدة المستفيدين لكي ينظموا بأنفسهم من خلال تحليل بيانات المسح الميداني ومعالجة الخلافات في بعض السدود بين المستفيدين على توزيع المياه  واحتكار المياه كما هو حاصل في  سد المعينة والنوبة أو تعثر بعض مشاريع السدود بسبب الخلافات .
 القات المشكلة
وتشير دراسة منفذة على محافظة صنعاء إلى أن هناك حوالي (11)سداٍ يوجد بجانبها مزارع قات بنسبه (7 %)  وأما بالنسبة للسدود التي لا يوجد بجوارها مزارع قات فقد بلغت (145)منشأة وبنسبة(93 %) .
تغذيه الآبار الجوفية
وأثبتت الدراسة أن هناك تأثيرا كبيرا على السد  في تغذية  مناسب المياه الجوفية والتي بلغت (70 %) من إجمالي السدود في محافظة صنعاء وهناك (29 %) لا يعلم كم نسبة التغذية بسبب عدم وجود آبار بالقرب من هذه السدود.. كما الدراسة أظهرت الدراسة أن السدود أثرت بنسبة (44 %)من معدل إنتاجية السدود بالقرب من السد محل الدراسة و لا تتوفر معلومات عن إنتاجية العيون في(43 %) من إجمالي السدود بالمحافظة وان هناك بعض الأراضي  محرومة من مياه السيول أسفل السد وقد بلغت حوالي (45)سداٍ والتي تمثل نسبة (29 %) وأن هناك (112) سداٍ ليست محرومة من مياه السد بنسبة (71 %) …….
فوائد السدود
كما أشارت الدراسة إلى أن هناك (150)سداٍ من أصل (169)سداٍ أنشئت لغرض الري في المحافظة وبنسبة (89 %) واستخدامات أخرى كالاستخدام المنزلي وسقي الحيوانات و (8)سدود أنشئت لتغذية المياه الجوفية بنسبه (4.7 %) أي أن هناك فوائد كبيرة لهذه السدود أهمها الري وتغذية الآبار الجوفية بدلا من استنزافها.
الدكتور أيوب عبد الوهاب مدير مكتب الوحدة التنفيذية وإعداد المخطط التوجيهي للسدود والمنشآت المائية أكد أن  للسدود والحواجز المائية  تأثيراٍ كبيراٍ على الآبار الجوفية كما أن لها تأثيراٍ كبيراٍ على حوض صنعاء لذلك يجب أن  يكون هناك عمل تنظيمي بين المنشأة وجمعية المزارعين التي يديرها أبناء القرية إضافة إلى إشراف رسمي من قبل الدولة وإدارة المياه من أجل حماية السدود.        

قد يعجبك ايضا