“وأخيراٍ تمكنت اليمن من اتخاذ قرار اقتصادي شجاع يضع الاقتصاد الوطني على المسار الصحيح ويقضي على بور الفساد التي كانت تقتات على الدعم “هكذا عبر رجال الأعمال اليمنيين عن ترحيبهم بقرار تعويم أسعار المشتقات النفطية في السوق اليمنية وفقا للأسعار في السوق الدولي معتبرين أن هذه الخطوة متقدمة فقد عجزت عنها الحكومات السابقة طول عقود حين كانت قوى الفساد تحول دون اتخاذها لأن الدعم الذي كان يستنزف 30 % من موازنة الدولة ويصل إلى أكثر من 500 مليار ريال سنويا كان يغذي جيوبهم مع أحلافهم من المتنفذين ومن يدعمهم لكن هذه الخطوة انتهت وسيكون اليمن على موعد هذا الشهر مع سوق نفطية محررة لا يوجد بها طوابير ولا ازدحام ولا مغالطين في المحطات أو مهربين في السوق السوداء إن سارت الأمور وفقا لما هو مأمول دون تدخل من القوى المعادية لليمن صاحبت الحصار المفروض عليه منذ أكثر من أربعة أشهر.
رجال القطاع الخاص اليمني اعتبروا هذه الخطوة إيجابية بامتياز فقد كانوا يتمنون حدوثها منذ عقود مؤمنين أن أي اقتصاد سليم على أسس الحرية والمنافسة لايكون به شوائب الدعم والتي تقود للفساد كما كان يحث في اليمن على الدوام .
ويشير رجل الأعمال أنور جار الله المتخصص في الصناعات الغذائية والتجارة إلى أن قرار تعويم أسعار المشتقات النفطية وفتح المجال للقطاع الخاص قرار ممتاز فهذا سيمكن القطاع الخاص من توسيع القاعدة الصناعية اليمنية ويجعلها قادرة على الحصول على المشتقات النفطية التي تريدها دون قيود أو معوقات وينوه إلى أن الفاسدين في السابق كانوا يزاحمون الصناعيين في كميات المشتقات النفطية التي كانت مطلوبة للمصانع فقد كانوا يحصلون على حصصهم ويقومون ببيعها للسوق السوداء في الداخل أو تهريبها للخارج مستفيدين من فارق الأسعار وهي مليارات الريالات يتحملها الشعب اليمني عبر موازنة الدولة وتذهب لجيوب مفسدين محددين .
ويقول جار الله إن هذه الخطوة ممتازة وكان يفترض أن تكون مناسبة وطنية لولا الظروف التي تمر بها بلادنا جراء العدوان والحصار الاقتصادي الذي طال قطاعات الإنتاج في كل اليمن منوها بأن هذه الخطوة تحظى بدعم وتأييد من خبراء الاقتصاد والمنظمات المالية الدولية باعتبارها ستكون اكبر انتصار في مسيرة اليمن لبناء اقتصاد حر خال من الفساد والاختلالات والبؤر الفاسدة التي لا يستفيد منها سوى الفاسدين.
نقص
أدى النقص الحاد وغير المسبوق للمشتقات النفطية في السوق اليمنية إلى ظهور طوابير طويلة تمتد بالكيلومترات أمام محطات الوقود منذ مدة زمنية تتجاوز الأربعة الأشهر وبالتحديد حين بدأ العدوان السعودي على اليمن وحصاره للمنافذ البرية والبحرية ومنع دخول المشتقات النفطية للسوق فكانت الازدحامات والطوابير أمام المحطات تتزايد حتى بدى السوق مثيرا للدهشة وتوقفت الأنشطة الاقتصادية كالمصانع والمزارع نتيجة انعدام تلك المشتقات ويقول رجل الأعمال عمار العريقي إن السوق اليمنية عانت بشدة جراء انعدام المشتقات النفطية حيث شهدت المحطات نزاعات مسلحة وإطلاق نار كأنها مشاهد صراع دموي من أجل الحصول على دبة أو دبتين من البنزين واليمنيون غير معتادين عليها حيث فضل اليمنيون اللجوء إلى توقيف سياراتهم أو شراء احتياجاتهم من السوق السوداء غير مكترثين بالأسعار الخيالية التي يفرضها تجار السوق السوداء حيث وصلت سعر دبة البنزين إلى 15000 ريال والديزل إلى 12000 ريال فكان لابد من التنبيه على الجهات المسئولة في الدولة بضرورة اتخاذ خيار استراتيجي كبير يقضي بتحرير سوق المشتقات النفطية وتمكين السوق من التصرف بحرية في الاستيراد والتوزيع وستكون الفائدة مشتركة لليمن فمن جهة ستتوفر المشتقات النفطية وفقا للأسعار العالمية ومن جهة أخرى ستنخفض نفقات الحكومة وسيتقلص عجز موازنها بنسبة 30% على الأقل .
عمل اقتصادي
رجال الأعمال اليمنيون نصحوا الجهات المسؤولة في اليمن بضرورة اتخاذ موقف اقتصادي شجاع يفضي إلى كسر احتكار استيراد وتوزيع المشتقات النفطية التي تقوم به شركة النفط اليمنية حصريا ويشيرون إلى أنهم نصحوا الجهات المسئولة باتخاذ هذه الخطوة وترك الباب للقطاع الخاص لعملية الاستيراد والتوزيع وفقا لضوابط تمنع الاحتكار وتشجع المنافسة وتؤدي لزيادة فرص العمل بمجالات جديدة وتسهل قيام أنشطة اقتصادية مرافقة تقود لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والاهم من ذلك كله تسهم في كسر الحصار والمعاناة التي تفرضها قوات التحالف المعتدية على اليمن وتجعل القطاع الخاص مسئول مباشرة عن تزويد السوق بالوقود ضمن سوق حر منافس .
مشاهد
الموافقة المبدئية تجاه تعويم أسعار المشتقات النفطية في السوق اليمنية أخذت بعدين لدى القطاع الخاص اليمني فمن جهة رئيسية هم مع التعويم مبدئيا دون وجل لكنهم مع ذلك يطالبون بضوابط وآليات على رأسها الشفافية من قبل شركة النفط اليمنية ويقولون إن هذه الشركة يشوبها شوائب الفساد من رأسها إلى أخمص قدميها فهي صندوق اسود لم تتعود على الشفافية في المعلومات والحسابات والقوائم المالية بل تعمل كذراع للسلطة وهنا الكارثة فقد رعت الفساد طيلة الفترة الماضية لنافذين بمليارات الريالات فكيف ستكون الأمور بعد التعويم وما هو عملها مستقبلا وكيف ستتصرف في التصاريح والكميات الواجب دخولها للسوق وماذا ستفعل حين يطلب منها الإفصاح والشفافية عن الكميات التي كانت تستوردها وتوزعها في السوق فيما الأزمة موجودة ولم تحلها يوما ¿
أما من جهة أخرى فقد فضل القطاع الخاص الذهاب للتعويم بعد المعاناة التي ذاقها طوال الشهور الأربعة الماضية التي وصلوا إليها فمن المشاهد المخجلة والاختلالات العقيمة التي يعيشها حاليا السوق اليمين ما يشاهد من تلاعب بالمشتقات النفطية جعلت أصحاب المحطات ونافذين مسلحين يبيعون البنزين والديزل للسوق السوداء بأسعار خيالية وهم حتما من يقفون عائقا أمام التوزيع العادل لهذه المشتقات لكافة المواطنين ويقول فضل العنسي تاجر إنه يشتري يوميا دبة بنزين لسيارته النقل الخفيف بمبلغ 10000 ريال لكي يتمكن من جلب البضائع لشركته وتمكين الناس من التسوق ويرى أن المحطات باتت عامل فساد هي ومن يقفون وراءها من النافذين الذين يتوقع أن يكسبوا مليارات الريالات في غضون أيام الأزمة .
ويرى فضل وغيره من التجار أن سيطرة الدولة على بيع وتوزيع المشتقات النفطية هو العقبة الكبرى أمام إتاحة الفرصة للتجار في الاستيراد فالدولة لم تكن لديها الإرادة لتحرير هذا القطاع من يدها خاصة وأن هناك مستفيدين من وراء هذا النموذج بحصولهم على كميات كبيرة من البنزين والديزل بالأسعار الحكومية ويقومون بتهريبها للخارج وهذا ما تقوله التقارير الحكومية سنة بعد أخرى.
الترحيب
مما لاشك فيه أن المنظمات الدولية شريكة اليمن في التنمية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي سترحب بالقرار اليمني تعويم أسعار المشتقات النفطية لكن نظرا للظروف التي تمر بها اليمن والعدوان عليها فضلت الصمت وهذا موقف مستغرب منها فهذه المنظمات التي شغلت اليمن بالدراسات والبحوث سابقا بأهمية تحرير أسعار المشتقات النفطية نراها اليوم تلتزم الصمت على الخطوة الاقتصادية المهمة مما يؤكد دورها السياسي المشبوه في بلادنا أكثر من عمله الاقتصادي ففي مثل هذه الأيام العام الماضي حين قررت حكومة الوفاق رفع أسعار المشتقات النفطية رأينا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يتسابقون في الترحيب بالخطوة والتعظيم لها وكتب مسئولوها الكلمات والافتتاحيات بأهميتها الاقتصادية أما اليوم فهم في شغل آخر يتفرجون على الآثار الاقتصادية التي نجمت عن العدوان السعودي على اليمن ولا ينطقون بكلمة ..عجبا لضياع الكلمة الصادقة التي تغيب أيام الحق وتظهر أيام الباطل بقوة.
قد يعجبك ايضا