لم يبلغ عمر الثورة الرقمية سوى عقود قليلة من الزمن. لكنها عرفت مسارا تطوريا متسارعا بحيث إن ثمراتها غدت بمتناول مئات الملايين من البشر خلال فترة زمنية قصيرة. بهذا المعنى أحدثت انقلابا حقيقيا على مستوى قدرة البشر على التعبير عما يجول في أعماقهم ومثلت أداة سهلة وفعالة للقيام بالكثير من النشاطات التي ليس أقلها البيع والشراء.
باختصار غيرت الثورة الرقمية وخاصة شبكة الإنترنت الكثير من حياة البشر ومن سبل تعاملهم. ولا يخفى على أحد اليوم أن مجموعات كبرى بدأت غالبا بمبادرات شخصية أو من عدة أفراد لتغدو سريعا بل وسريعا جدا ذات أبعاد عالمية. هكذا غدت «غوغل» و«امازون» و«ميكروسوفت» و«فيسبوك» مراكز نفوذ بل وإلى حد كبير مراكز «قرار» تضاهي بقوتها أحيانا الدول.
فلماذا وكيف غيرت ولا تزال تغير شبكة الإنترنت النظام الاجتماعي القائم¿ الإجابة على هذا السؤال هي الموضوع الأساسي لكتاب «لور بيلو» الصحفية في جريدة «لوموند» الفرنسية والأخصائية بالعالم الرقمي وآثاره على حياة البشر والمجتمعات.
يحمل الكتاب عنوان «انفصال النخب» بمعنى انفصالها عن «عالم الشبكات» وعصرها. مع عنوان فرعي يقول «كيف شوش الإنترنت على النظام الاجتماعي القائم».
يتألف الكتاب من خمسة فصول. تناقش المؤلفة في الأول منها ما تسميه «الطرق الجديدة في التجارة». وبالتحديد أكثر التجارة بين الأفراد العاديين. وفي الفصل الثاني من الكتاب مكرس لدور عالم الإنترنت في مجال «التربية». وأما «المال» و«عالم المال والتمويل» فهذا هو موضوع الفصل الثالث من الكتاب.
وفي الفصل الرابع من الكتاب تشرح المؤلفة كيف أن النخب التي يمثلها «الباحثون» في مختلف المشارب العلمية لا يزالون بعيدين عن استخدام أدوات الثورة الرقمية التي دشنت مرحلة من التبدلات في ظل الأزمة التي يعيشها العالم.. وضمن الفصل الخامس والأخير من الكتاب تبين المؤلفة مدى التأثير الكبير الذي مارسه الإنترنت على عالم السياسة.