الحوادث المرورية خلال إجازة العيد.. مآس من يضع لها حدا..¿!

تعتبر الحوادث المرورية أكثر الأدوات الحاصدة لأرواح اليمنيين على مدار العام.. لا ترحم الطفل البريء.. ولا الشيبة العاجز.. ولا الأب العائد إلى أبنائه.. الحامل بين حقيبته ملابس العيد الخاصة بأسرته.
وتتنامى الحوادث المرورية بشكل كبير مع قرب العيدº وتتصاعد الأرقام من العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وحتى صباح يوم العيدº وتعود هذه الحالة مع انقضاء إجازة العيد حين تحزم الحقائب للعودة إلى مقر الإقامة والعمل.. الأعداد كبيرة والحوادث شنيعة وبشعة والضحايا من كل الفئات العمرية º وأحيانا تلقى أسر بكاملها الحتف.. في هذا العيد هل الأمر اختلف¿ أم أن الأمر ازداد سوءاٍ¿ وهل الجهات المعنية وضعت إجراءات أو حلول ومعالجات طالما هذه الكوارث تتكرر كل عام وكل عيد¿.. التحقيق التالي حاولنا فيه الإجابة على هذه التساؤلات.. نتابعها في هذه السطور:
تعتبر الخطوط الطويلة التي تربط العاصمة بالمحافظات أكثر الخطوط التي يقع فيها الحوادث المرورية خلال أيام العيد ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة ومرتبطة بأكثر من جهة.. منها: نقص الوعي المروري لدى المجتمع وعدم صيانة الطرق بشكل دوري وانعدام إشارات وإرشادات المرور وغياب السياج الحديدي في بعض الخطوط ذات القمم العالية وكذا عين القط «الأحجار العاكسة التي يتم وضعها ما بين الخطين وعلى حوافهما بحيث أنها تنبه السائق في حال خروجه عن خطه».. وتلك الأسباب الآنفة ذكرها كانت ملخصاٍ لكل الأسباب التي ذكرها المختصون والمرابقون الواردة آراؤهم في الأسفل.
بالنسبة للخسائر البشرية والمادية التي تخلفها هذه الحوادث خلال أيام العيد وما بعد العيد.. فهي شبه خيالية.. إذ قال مدير عام التخطيط والتنظيم بوزارة الداخلية العميد الدكتور/ عبدالمنعم الشيباني في لقاء سابق أجرته معه “الثورة” إن الحوادث المرورية تعتبر من أكثر الأدوات الحاصدة والقاتلة لليمنيين.. لافتاٍ إلى أن الحل الوحيد لوضع حد لها يتمثل في توعية المجتمع توعية مرورية.
وزارة الداخلية في تقريرها السنوي كشفت عن ارتفاع وقوع الحوادث المرورية خلال العام قبل الماضي 2013م بنسبة (13%) عن العام الذي قبله.. إذ بلغ إجمالي الحوادث المرورية التي شهدها العام ذاته بعموم محافظات الجمهورية نحو (9333) حادثاٍ مرورياٍ بينما عام 2012م نتج عن الحوادث المرورية  وفاة (2720) شخصاٍ منهم (394) أنثى وإصابة (21812) شخصاٍ بينهم (1624) أنثى.
وقال التقرير :إن الخسائر المالية الناتجة عن تلك الحوادث قد قدرت بما يقارب (3714863810) ريالات يمنية.
وتأكيداٍ منا على ارتفاع نسبة الحوادث خلال أيام العيد وبشكل سنوي حاولنا الحصول على إحصائيات رسمية من الإدارة العامة للمرور لنقارن بين الحوادث المرورية خلال أيام عيد الفطر المبارك لعامي “2011 – 2012″م والتي أوضحت أن أيام عيد الفطر المبارك لعام 2011م شهد “122” حادثاٍ نتج عنها وفاة “63”شخصاٍ وإصابة “288” شخصاٍ بينما ارتفعت نسبة الحوادث خلال أيام عيد الفطر المبارك لعام 2012م بنسبة “86.9%” إذ بلغت “228” حادثة نتج عنها وفاة “82” شخصاٍ بنسبة ارتفاع “30.2%” وبنسبة “17.7%” من عدد الإصابات التي بلغت “399” إصابة.
هذا وقد بلغت الحوادث المرورية خلال ايام عيد الفطر لعام 2013م (155) حادثة نتج عنها وفاة (50) وإصابة (255) آخرون .. ولو قارنا هذه الإحصائية التي أوردتها الإدارة العامة للمرور من حيث عدد الأيام لوجدنا نسبة الحوادث في ارتفاع مستمر .. إذ أن إجازة عيد الفطر لعام 2013م تعتبر الأقل على الأعوام السابقة والتي كانت “6” أيام فقط بينما إجازة العيد لعام 2012م كانت “9” أيام.
وكشفت التقارير المرورية عن المحافظات التي ترتفع فيها نسبة الحوادث هي “صنعاء تعز الحديدة حجة إب” على التوالي.
وليس هناك أفضل وأبلغ من العقيد/ عبدالله النويرة ـ المنتسب لشرطة السير منذ أكثر من عشرين عاماٍ ـ في توضيح أسباب ارتفاع الحوادث والذي قال: أسباب زيادة الحوادث في عطلة العيد وتكثر الحوادث المرورية في الإجازات وخاصة إجازة عيد الفطر وعيد الأضحى للأسباب التالية: أولاٍ بسبب انتقال أعداد كبيرة من قاطني المدن إلى الأرياف لقضاء العطلة وزيارة الأهل والأصدقاء وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة الحوادث كنتيجة طبيعية لزيادة عدد الرحلات للسيارات والإرهاق وعدم أخذ قسط كاف من النوم بالنسبة لسائقي السيارات الأجرة والهيلكس والباصات الذين يعملون في الطرق الطويلة ويعتبر موسماٍ هاماٍ بالنسبة لهم , فيواصلون العمل ليلاٍ ونهاراٍ وقد يحصل أن ينام السائق وهو يقود سيارته وهناك سبب آخر قد لا يتنبه له الكثير وهو أن بعض السائقين تأخذه النشوة والفرح إلى درجة أن يقود سيارته بطريقة تشكل خطراٍ عليه وعلى الركاب وقد تحصل حوادث مرورية نتيجة للمرح والمزاح في السيارة.
وأضاف « بالإضافة إلى سوء صيانة السيارات وهذا يؤدي إلى فقدان السائق للسيطرة على السيارة في الطرق الطويلة وكذلك سوء الإطارات وشراء الإطارات المستعملة التي تنفجر عند الاستخدام لوقت طويل في الطرق الطويلة نتيجة لانتهاء عمرها الافتراضي وسوء نوعيتها وسوء تخزينها بالإضافة إلى عدم كفاءة الطرق وسوء تخطيطها وتنفيذها مما يساعد على حصول حوادث مرورية لأبسط خطأ يرتكبه السائق والقيادة بسرعة عالية والتي يقود بها بعض السائقين سياراتهم خاصة السيارات الأجرة لكي يستطيعوا الحصول على أكثر من مشوار والتجاوزات الخاطئة التي يقوم بها بعض السائقين خاصة التجاوز في المنحنيات والأماكن المحجوبة الرؤى وكذا وجود مطبات في الطرق الطويلة مما يسبب حصول حوادث مرورية جسيمة واستخدام سيارات نقل البضائع في عملية نقل الركاب وكذلك الباصات الخاصة بالنقل الداخلي وعدم الانتباه لزيادة الأحمال على السيارات مما يؤدي إلى عدم قدرة السائق على السيطرة عليها».
في السياق ذاته قال رئيس منظمة «قف» للسلامة المرورية محمد الشامي: إن الإدارة العامة لشرطة السير وفروعها في المحافظات تعلم جيداٍ أن الحوادث المرورية ترتفع والإحصائيات مفجعة والخسائر الناتجة عنها خلال إجازة العيد ولذلك نأمل من الإدارة العامة لشرطة السير أن تتخذ إجراءات حقيقية على أرض الواقع للحد من وفيات الحوادث وأن تقوم بإعداد خطة لتنظيم حركة السير خلال الإجازة وبما يكفل التخفيف من الحوادث المرورية.
ودعا رئيس منظمة قف للسلامة المرورية مستخدمي الطريق إلى أخذ الحيطة والحذر أثناء القيادة لتجنب الحوادث المرورية والابتعاد عن الممارسات والتجاوزات الخارجة عن المألوف كالسرعة الزائدة والقيادة بطيش وتهور والتجاوز من كتف الطريق وغيرها من المخالفات التي لا تتفق مع مفاهيم القيادة الحديثة والذوق والأخلاق.
واتهم رئيس منظمة قف محمد الشامي الجهات المختصة وذات العلاقة بالإهمال وعدم المبالاة تجاه هذه الحوادث التي أصبحت مجرد أخبار تتناولها يومياٍ وسائل الإعلام المختلفة وتتقبلها الجهات الرسمية بقلوب باردة كالثلج.. مؤكداٍ أن إحصائيات الحوادث التي تتناقلها وسائل الإعلام ليست دقيقة وصحيحة إذ أن الإدارة العامة لشرطة السير وفروعها بالمحافظات لا تقوم بتسجيل كل الحوادث.
وعن الحلول للحوادث المرورية قال الشامي: إن الحد من الحوادث وتحقيق السلامة المروية على الطرق لن يأتي إلا باستشعار الجميع لواجبهم وعلى رأسهم الجهات الحكومية المعنية بالسلامة على الطرق.. مطالباٍ بإعداد استراتيجية وطنية للسلامة المرورية في ظل المأساة المستمرة على الطرق في بلادنا.
أما الحلول لوقف نزيف الدم الناتج عن الحوادث بنظر الخبير المروري والكاتب الصحفي في شأن السلامة المرورية العقيد/ عبدالله النويرة فهي تكمن في التوعية المكثفة بخطورة قيادة السيارة والسائق يشعر بالنعاس أو بالإرهاق وتنفيذ الإصلاحات الضرورية في الطرق في الأماكن التي تتكرر فيها الحوادث المرورية وإزالة المطبات التي تسبب حوادث مميتة وكذلك فحص السيارات والتأكد من سلامتها فنيا وهذه مسئولية شرطة السير ومنع بيع الإطارات المستعملة ومنع استيرادها ومنع استيراد قطع غيار السيارات المستعملة والمقلدة.
ومن أجل الحد من هذه الحوادث يجب أن تراقب بحسب العقيد/ النويرة الخطوط الطويلة ويمنع السائقون من زيادة السرعة عن ما هو مقرر ومنع حصول تجاوزات خاطئة في الطرق الطويلة ومنع حدوث التصرفات الطائشة التي يقوم بها بعض السائقين مثل التسابق والمزاح بالسيارات ومنع استخدام سيارات نقل البضائع في نقل الركاب بالإضافة إلى منع الباصات من العمل في الخطوط الطويلة لأن السائق يحملها فوق طاقتها ويقودها بسرعة عالية.
من جانبه أكد مدير شرطة سير الأمانة العقيد/ محمد البحاشي على أن الحوادث المرورية تزداد زيادة غير مبررة ولا معقولة خلال العطل الرسمية وخاصة خلال العطلة المرافقة لعيد الفطر المبارك وهذه الحوادث تحول الفرحة بالأعياد إلى أحزان على مستوى الوطن ذلك أن الحادث المروري عندما يحصل للشخص فإنه لا يـتأثر به بمفرده بل يتأثر به أسرته وأصدقاؤه وأبناء قريته فإذا حصل حادث مروري لفرد من أفراد القرية فإن جميع سكان القرية سوف يتأثرون سلباٍ بذلك الحادث وتذهب لحظات الفرح ويعم الحزن أرجاء القرية.
ويتفق العقيد البحاشي مع سابقيه في أن السائق يقوم وهو مرهق بقيادة سيارته وهذا الحال للسائق يتسبب بخسائر كبيرة إذ قال: قيادة السيارة بسرعة عالية والسائق مرهق أو أن السيارة نفسها سيئة الصيانة هذه الأمور تسبب   زيادة أعداد الحوادث المرورية بشكل كبير خلال عطلة عيد الفطر والمشكلة تكون اكبر عندما يقترف هذه الأفعال سائق سيارة أجرة ويسبب مآسي للركاب الذين معه فالكثير من سائقي الأجرة يعتبرون فترة العطلة موسماٍ يحصدون فيه مبالغ مالية كبيرة وهم في هذه الفترة لا يأخذون قسطاٍ كافياٍ من الراحة لكي يقودوا سياراتهم وهم في كامل وعيهم بل إن الكثير من سائقي سيارات الأجرة لا ينامون إلا ساعات قليلة خلال نهاية رمضان وتجد أحدهم يسافر أكثر من مرة بين المدن وهو لم ينم ويصل في لحظة من اللحظات إلى عدم القدرة على السيطرة على نفسه فينام وهو مسافر بسيارته ولنا أن نتصور النتيجة.
وأهاب العقيد البحاشي بالسائقين أن يتوخوا الحذر والحيطة وان يقودوا سياراتهم بكل هدوء وان يأخذوا القسط الكافي من الراحة الجسمية والذهنية قبل أن يقودوا سياراتهم حفاظاٍ على سلامتهم وسلامة الآخرين.
ولم تعد السرعة والازدحام وتنوع السيارات السبب الوحيد لحوادث رمضان وأيام العيد وإنما  في تناول بعض سائقي السيارات للمنشطات التي تساعدهم على السهر ليومين أو ثلاثة وبالذات في الأيام الأخيرة من شهر رمضان وقبل العيد بيوم أو يومين وهي ذروة تدفق المسافرين..
وتظل هذه الحوادث تحصد أرواح اليمنيين بشكل مستمر في ظل غياب وتخاذل الجهات المعنية لاسيما في الوقت الراهن الذي تعاني فيه كل منشآت الدولة وتواجه صعوبات ومعوقات عديدة في القيام بأعمالها وواجبها.

قد يعجبك ايضا