ما أن يحل شهر رمضان المبارك كل عام ‘لا وترى باعة ” السنبوسة ” والطعمية وغير ذلك من المقليات وهم يملأون الشوارع والأسواق وحتى الأحياء الفرعية.
هذا العام كان الأمر مختلفا كثيرا إذ أصبح البحث عن بائعي “السنبوسة” مسالة شاقة فهم لم يعودوا بتلك الوفرة التي كانوا عليها في السابق .
ويقول باعة هذا النوع من الأطعمة الرمضانية بأنهم وجدوا أنفسهم بسبب غياب الغاز وغلاء الزيوت الناجمة عن الحرب الظالمة التي تشنها دول الخليج بقيادة السعودية على البلاد مجبرين على التوقف عن كارثة هذه المهنة التي كانت تدر عليهم مداخيل إضافية لتغطية مصروفات الشهر الكريم ومتطلبات عيد الفطر المبارك.
غياب ” السنبوسة” وغيرها من المقليات الرمضانية المعتادة لم يتوقف على بيعها في الأسواق بل امتد ليشمل البيوت والمنازل.
واضطر كثير من ربات البيوت إلى الاستغناء عن هذه الأطعمة إلي باتت ابرز الغائبين عن مظاهر وخصوصيات الشهر الكريم بسبب العدوان والحصار وتداعياتهما الكارثية على معيشة الناس.
آثار كارثية
الآثار الكارثية للعدوان السعودي الغاشم على اليمن لم تتوقف عند حد معين بل شملت كافة قطاعات وشرائح المجتمع وخاصة الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل كهؤلاء الباعة “الجائلين” ممن يجدون في بعض المناسبات الدينية والاجتماعية مواسم سانحة لتحسين دخولهم المادية .
ويقول اسعد الوصابي وهو بائع متجول” لقد كان شهر رمضان بالنسبة لي محطة هامة انتظرها طيلة العام من اجل القيام ببيع السنبوسة والطعمية وكان ذلك بمثابة الباب الواسع للرزق والحصول على مردود مادي جيد يمكنني من الإيفاء بكثير من التزاماتي المتراكمة طيلة عام كامل إلى جانب توفير مصاريف رمضان ومن بعده عيد الفطر ومتطلبات كسوة العيد للأطفال لكن كل ذلك لم يعد متاحا هذه السنة التي انعدمت فيها كل وسائل الحياة وفي مقدمتها مادة الغاز المنزلي الذي يعد المكون الرئيسي لإقامة مثل هذه المشروعات الصغيرة.
مصاعب وأمنيات
ويضيف الوصابي الذي يعيش مستأجرا في بيت شعبي متواضع بمنطقة نقم شرقي العاصمة إنه مثل كثير من أمثاله الباعة الجائلين لم يستطع الحصول على اسطوانات الغاز المطلوبة لممارسة مهنته السنوية ولذلك فقد أصبح يعيش وضعا ماديا في غاية الصعوبة .
ويوضح ” حتى لو تمكنت من شراء مادة الغاز بسعر يفوق الأربعة آلاف ريال” ومع غلاء الزيت فإن ما سيتم الحصول عليه من أموال لن تساوي بالتأكيد الخسائر وما ينفقه في شراء متطلبات تجهيز هذه الأطعمة وبالتالي ستكون الخسارة هي النتيجة المؤكدة .
ويتمنى هذا الرجل البسيط الذي يعول 6 من الأطفال أكبرهم في سن العشر سنوات أن يتوصل السياسيون المعنيون في البلد إلى حلول سريعة تؤدي إلى وقف الحرب الظالمة وتقديم بعض التنازلات من أجل الناس الذين يعانون الأمرين في ظل استمرا هذه الأوضاع البائسة .. ويستطرد ” لو يفكرون قليلا في الشعب وما يعانيه من مشكلات لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم .
من جهته يؤكد البائع الجائل عبده سعيد بان هذه المهن الصغيرة التي كانت تنتشر خلال الشهر الكريم تأثرت مثل غيرها من المهن والحرف الصغيرة بسبب العدوان والحصار المفروض على البلد وما نجم عنه من انعدام المواد الأساسية والمتطلبات اللازمة للحياة اليومية, ويشدد سعيد الذي يعول 4 أطفال ويسكن في بيت إيجار بمنطقة الصافية على أهمية العمل الجاد من كافة الأطراف لوضع حد لهذا العدوان الظالم.
ويجمع أصحاب هذه المهن الموسمية الصغيرة على أن الوضع الذي يعيشه الناس في الوقت الراهن لا يطاق ولم يعد بإمكان احد أن يتحمله سواء من الأغنياء أو من الفقراء فالضرر قد طال جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم الاجتماعية.
ويتساءلون: لماذا يصر قادة دول العدوان على فرض هذا الحصار الجائر وهل حقا يريدون أن يبيدوا الشعب اليمني عن بكرة أبيه وماذا اقترف هذا الشعب الفقير حتى يتم التعامل معه بكل هذه القسوة والوحشية .
الضارة النافعة
هذه الظروف العصيبة التي تعيشها الأسرة اليمنية في ظل العدوان السعودي وما يفرضه من حصار جائر والآثار الناجمة عنه والتي أدت إلى انعدام توافر بعض الأطعمة الرمضانية المعتادة وخاصة “المقليات” كان بمثابة الضارة النافعة على المستوى الصحي.
وتقول أم حنان وهي ربة بيت تعيش مع زوجها الموظف البسيط في منزل إيجار بحي مذبح إنها وكافة أفراد أسرتها اكتشفوا بان عدم تناول السنبوسة وغيرها من المقليات التي اعتادوا على تناولها سنويا مع وجبة الإفطار يحمل جوانب ايجابية عديدة .. مضيفة بان تناول التمر والقهوة فقط في الإفطار يجعل الجميع يتناول وجبة العشاء بشهية مفتوحة إذ أن المقليات المليئة بالزيوت تسد النفس وتؤدي إلى العزوف عن العشاء كما كان الحال في السنوات الماضية عندما كانت تحتوي وجبة الإفطار أنواعا مختلفة من المقليات هذه الأمر أكده الأطباء والمختصون الذين حذروا من المخاطر الصحية الكبيرة الناجمة عن تناول الزيوت في وجبة الإفطار والذي يساهم في زيادة الدهون في الجسم .
ويقول الدكتور عبدالله زهير وهو طبيب باطنية وأطفال: إن زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى الكثير من الأمراض التي تهدد سلامة الإنسان .
ويشير إلى أن شهر رمضان المبارك وما يتخلله من تناول أطعمة مختلفة غالبا ما يسفر عن تعرض الصائمين لأمراض عديدة .