الخطيب حين يكون مراوغا

ساقتني الأقدار إلى سماع خطبة الجمعة في أحد المساجد التي كنت قررت عدم دخولها بسبب موقف من الخطيب الذي يخطب الجمعة فيها والذي شهد شهادة زور وحلف يمينا كاذبة في حق ابن أحد الجيران, وعموما فقد حاولت أن أصغي إلى ما يقوله ذلك الخطيب عله يتحدث عن ما تتعرض له اليمن من عدوان سعودي غاشم وحصار جائر أو يتحدث عما تعمله الجماعات الإرهابية في المسلمين باسم الدين لكن كل ذلك لم يحدث .
فقد كان الخطيب يتحدث عن أمور بعيدة كل البعد عن الواقع ولا بأس في أن تكون الخطبة من شقين شق ديني ونصائح للمسلمين عن الإسلام وأخلاقه وبيان كل ما يتعلق بأمور الدين كلها وشق دنيوي يتحدث عن أمور الدنيا وكيفية التعامل ونصح الناس وهكذا كما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يعمل ويحث المسلمين على القيام به.
لقد تحدث الخطيب عن أخلاق الإسلام في التعامل مع الأسير وكيف أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أخبر صحابته في غزوة من الغزوات أن لا يقتربوا من البحتري بن هشام ولا يمسوه بسوء على أساس أنه كان من الذين سعوا في نقض صحيفة الحصار التي وضعتها قريش لحصار بني هاشم في الشعب , وتحدث عن ثواب الرحمة وأجرها العظيم واستشهد بحديث المرأة التي حبست الهرة حتى ماتت وكيف أنها دخلت النار بعملها هذا وقد نسي الخطيب مع كل هذا أن يدين العدوان السعودي الذي يقتل أبناء الشعب اليمني العربي المسلم ويدمر ممتلكاتهم ويستهدف كل ماله علاقة بالحياة , ونسي الخطيب أن يقول إن هذا القتل والتدمير لشعب مسلم حرام حرام حرام , كما أنه نسي أن يقول أن الحصار المفروض على هذا الشعب الصابر ومنع الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة ليس من أخلاق المسلمين في شيء , وربما نسي الخطيب أن يربط بين ما تحدث عنه من أخلاق الرسول الأعظم وصحابته الكرام وبين الأفعال الإجرامية الشنيعة التي يقوم بها نظام آل سعود في حق اليمنيين البعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي وتعاليمه العظيمة التي تحرم قتل النفس البشرية إلا بالحق وتحرم الاعتداء على الآخرين فما بالك لو كانوا شعبا مسلما لم يصدر منه أي أذى تجاه أي شعب وخاصة تجاه الشعب والنظام الذي يعتدى عليه الآن بكل أنواع الأسلحة بما فيها التي حرمتها الدول كلها بما فيها الدول غير الإسلامية.
كما أنه تحدث عن تعامل الإسلام مع الأسير وواجب إكرامه وحرمة التنكيل به ونسي أن يتحدث عن ما تقوم به بعض التنظيمات الإرهابية التي تنتسب للإسلام وتنفذ كل الجرائم من قتل وذبح وتخريب وتنكيل للبشر وتدمير لكل ما هو جميل وكل ذلك باسم الدين الإسلامي الذي هو بريء منهم ومن أفعالهم ولم يتحدث عنهم صراحة ويدعو الناس لمواجهتهم وعدم تقديم أي مساعدة لهم لكنه سكت عن كل ذلك واتجه بخطبتي الجمعة إلى اتجاه آخر وراوغ كثيرا كثيرا .
ألا يعلم هذا الخطيب أنه بصمته على العدوان السعودي على اليمن واليمنيين يكون شريكا في العدوان وفي الدماء التي تسفك بالطائرات والصواريخ السعودية وشريكا في دماء الناس الذين يموتون جراء الحصار الخانق الذي فرضته دول العدوان على بلادنا وشريكا في كل الدماء التي تسفكها التنظيمات الإرهابية لأنه لم يتحدث عن هذه الجرائم ولم يدينها ويحرمها .
للعلماء والخطباء والمرشدين دور كبير وهام في تبصير الناس بأمور دينهم ودنياهم وتعريف الناس بالحلال والحرام وهذا هو عملهم المناط بهم باعتبار العلماء ورثة الأنبياء لكن حين ينحرف هؤلاء عن أداء مهمتهم ودورهم يتحول الناس إلى شريعة الغاب, يقتل القوي الضعيف ويأكل ماله ويهتك عرضه وحين يكون الخطيب مراوغا فلا نتوقع الأمن والسلام وحين يتحول علماء الدين وخطباء المساجد إلى مجرد أبواق للأحزاب التي ينتمون إليها فعلى الدنيا السلام فهؤلاء هم ورثة الأنبياء وشوكة الميزان الذين يوجهون الناس إلى الحق والخير لكن ما نراه عند البعض منهم غير ما هو متوقع وبالتالي فكل ما يحدث في بلاد الإسلام من قتل وتناحر وتدمير وتخريب هو بسبب انحراف قادة الرأي في المجتمعات الإسلامية وفي مقدمتهم العلماء والخطباء والمرشدون إنا لله وإنا إليه راجعون ورمضان كريم.    

قد يعجبك ايضا