بينما صعدت السعودية من عدوانها المتواصل على اليمن عبر قصف جوي للعاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وصعدة والجوف وتعز وشبوة خلف سبعة شهداء و13 جريحاٍ من المدنيين واصلت مساعيها الحثيثة لإفشال الحل السياسي في اليمن عبر عرقلة مشاورات جنيف وإعاقة وصول وفد المكونات السياسية من صنعاء إلى جنيف وتأخيره في جيبوتي حتى مساء أمس الاثنين لتمكين وفد هادي وحكومته المستقيلة من الانفراد بالأمين العام للأمم المتحدة.
وانطلقت مشاورات جنيف بلقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ وعدد من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية الراعية مع وفد هادي وحكومته المستقيلة بعد إعاقة مفتعلة لطائرة الأمم المتحدة التي تقل وفد المكونات السياسية من صنعاء في مطار جيبوتي دامت نحو 24 ساعة جراء إيعاز السعودية لمصر والسودان بحجب تصريح عبور الطائرة قبل أن يسمح لها بعد تدخل مسقط بالإقلاع مساء أمس الاثنين.
عرقلة سعودية متعمدة
وجاءت العرقلة السعودية بحسب مراقبين كأول رد فعل سعودي على إحباط سعيها أمام الضغط الدولي باتجاه إقامة مؤتمر جنيف إلى تصويره بين “حكومة شرعية وانقلابيين” وليس بين المكونات السياسية اليمنيةبإعلان الأمم المتحدة أن مشاورات جنيف ليست بين أفراد ولا أطراف صراع بل بين المكونات السياسية اليمنية سمتها بـ “المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم واللقاء المشترك وشركائه والحراك الجنوبي السلمي” لاستئناف الحوار وإيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية.
وأكد رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي أن عرقلة وصول الوفود السياسية إلى مشاورات جنيف دليل على تدخل دول العدوان السافر في دور الأمم المتحدة ورفض هذه الدول الحل السياسي في اليمن وعلى رأسها أميركا مشدداٍ في تصريح لوكالة سبأ على أن إعاقة الحوار اليمني يؤكد استمرار العقلية العدوانية التدميرية لدول العدوان أملاٍ “أن لا يكون دور الأمم المتحدة في الملف اليمني دوراٍ تمثيلياٍ للتغطية على جرائم العدوان السعودي وحلفائه”.
وجدد محمد الحوثي تأكيد اللجنة الثورية العليا بأن “من يعيق الحوار في اليمن هم دول العدوان وهو أيضا ما أوضحه مبعوث الأمم المتحدة السابق جمال بنعمر في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي”. منوهاٍ بأن “إعاقة الحوار اليمني يؤكد استمرار العقلية العدوانية التدميرية لدول العدوان وعدم جديتها في ترك الشعب اليمني الديمقراطي للوصول إلى الحلول السياسية”.
واستدل رئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي على ذلك بـ “مظلومية الشعب اليمني واستهتار دول العدوان بدمائه واستقراره واستقلاله من هذه الدول المستبدة المتغطرسة الذي يكشف زيف ادعائهم بالحفاظ على الشرعية الدولية التي يتغنون بها وهشاشة الإجراءات وعدم الجدية في إيصال المكونات السياسية في الوقت المحدد”.
وأضاف: “ما ترافق من قبل من إعاقات يظهر بوادر إفشالهم للحل السياسي اليمني ويظهر الدور الضئيل المسموح به للأمم المتحدة للتعاطي مع الملف اليمني وعدم وجود صلاحيات حقيقية لها ونأمل أن لا يكون دور الأمم المتحدة في هذا الملف دورا تمثيليا للتغطية على جرائم العدوان السعودي وحلفائه الذي تعمد استهداف المدنيين واستخدام الأسلحة المحرمة دولياٍ وغيرها وحصار المواطن الذين يعتمد في احتياجاته الضرورية على الاستيراد من الخارج وصولا إلى الإبادة الجماعية للشعب اليمني”.
وتابع: “لقد بات العالم اجمع يعرف المؤامرة الكبيرة التي تحاك ضد الشعب اليمني دعما لعناصرهم الاستخباراتية الإرهابية المتطرفة وتطمينا للكيان الصهيوني الغاصب من القلق الذي صرح به مراراٍ ووجه بحريته أمام شواطئ البلد ومياهه أن ترفع حالة الطوارئ”. وحمل “دول العدوان المسؤولية الكاملة إزاء ما يتعرض له الشعب اليمني من جرائم وحصار جائر وسعي لإفشال الحل السياسي اليمني”. داعياٍ المجتمع الدولي إلى “التحرك الجاد وعدم السماح لهؤلاء الحمقى بارتكاب المزيد من الجرائم”.
مسارات المشاورات
وفيما الأمم المتحدة لم تقدم أي توضيحات بشأن أسباب تأخير إقلاع الطائرة عدا ما سمِاه أمينها العام بان كي مون “التدابير اللوجستية” دعا الأخير بعد افتتاحه المشاورات إلى “هدنة إنسانية في اليمن مع حلول شهر رمضان ووقف محلي لإطلاق النار وانسحاب الجماعات المسلحة من المدن واستئناف عملية انتقال سياسي منظمة وسلمية تضمن تمثيلاٍ أكبر للأحزاب السياسية الأخرى والشباب والمجتمع المدني” بحسب ما نقله مركز أنباء الأمم المتحدة.
وفي حين أصر رئيس وفد هادي وحكومته المستقيلة رياض ياسين على أن حضورهم “فقط لمناقشة آليات تطبيق قرار مجلس الأمن 2216” وأنه “المرجعية الأساسية وتطبيقه هو المسار الوحيد للوصول إلى حل لاستكمال المسار السياسي المحدد في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وفي وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل”º تجاهل اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي ورد في قرارين وبيانين لمجلس الأمن بوصفه ثالث مرجعيات المسار السياسي في اليمن.
في المقابل انتقد الناطق باسم أنصار الله محمد عبد السلام فشل الأمم المتحدة في إيصال وفد المكونات السياسية إلى جنيف واعتبر أنه يدعو “للبحث عن مسار آخر”. وطالب الأمم المتحدة بـ “إصدار بيان لتوضيح أسباب تأخير وفد صنعاء في جيبوتي” ملوحاٍ بـ “احتمال عودة طائرة إلى صنعاء في حال تواصلت العرقلة في جيبوتي”. وأكد في اتصال هاتفي من مسقط مع قناة الميادين أن “ذهاب المكونات السياسية إلى جنيف هو لاستكمال ما كان يجري من حوار قبل الحرب”.
أهداف وطنية رئيسة
عبد السلام أكد أن أنصار الله “مستعدون لتقديم تنازلات فقط من أجل اليمن”. وعلق على الدعوة إلى انسحاب قوات الجيش واللجان الشعبية من المدن بأنها غير منطقية وقال:” لا يوجد من يحفظ الأمن من دون الجيش واللجان الشعبية في المدن والمطالبة بالانسحاب غير منطقية”. مجدداٍ ما سبق له تأكيده ترحيب أنصار الله باستئناف الحوار السياسي اليمني في جنيف من حيث توقف قبل العدوان السعودي لوقف العدوان السعودي ورفع حصاره في المقام الأول.
وهو ما اتفق معه الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا بتأكيده أن مشاركة المؤتمر الشعبي في مشاورات جنيف هدفها الأول وقف العدوان السعودي ورفع حصاره الجائر عن اليمن واستئناف الحوار اليمني السياسي من حيث توقف قبل العدوان وإيجاد حل توافقي لسد الفراغ الدستوري الناجم عن استقالة هادي وحكومة بحاح لاستكمال العملية الانتقالية باتجاه الاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية ومحلية تستعيد المسار الديمقراطي.
في هذه الأثناء ندد علماء ومثقفون وممثلو منظمات مجتمع مدني في اليمن بالعدوان السعودي الهمجي على اليمن وتدمير المواقع التاريخية والتراثية وطالبوا في بيان صادر عن وقفة احتجاجية لهم أمس أمام بيوت صنعاء القديمة التي طاولها العدوان السعودي أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ احمد ومدير عام اليونيسكو اينا بوكوفا بـ “التدخل لوقف العدوان ورفع الحصار الجائر على اليمن”.
مبادرة يمنية سعودية
فيما شهدت العاصمة الفرنسية باريس إعلان المركز الوطني لحقوق الإنسان وتنمية الديمقراطية في اليمن ومؤسسة الرابطة العلمية العالمية للأنساب الهاشمية ومقرها جدة عن مبادرة يمنية سعودية أهلية لوقف الحرب على اليمن ورفع الحصار عنه واستكمال الحوار اليمني من حيث توقف برعاية الأمم المتحدة في أحد مقراته أو دولة محايدة عبر آليات واضحة يتم الاتفاق عليها مع الأطراف كافة. بحسب تأكيد رئيس مؤسسة الرابطة العلمية محمد الحسني.
الحسني أكد في تصريح نقلته وكالة سبأ أن “العودة إلى ما تم الاتفاق عليه في الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة يمثل الحل الأمثل لإيقاف معاناة الشعب اليمني بالإضافة إلى الاتفاق على التزام اليمن بالحياد في التجاذبات الإقليمية وضمان حرية وامن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب”.بينما أكد رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان في اليمن جمال بدر العواضي “أهمية تفعيل دور المجتمع المدني في البلدين للخروج برؤية تضمن امن واستقرار المنطقة”.
وشدد العواضي على ضرورة وصول قوافل الإغاثة إلى اليمن بصورة كافية وإيقاف الحرب خاصة وان شهر رمضان المبارك على الأبواب” في حين أن “التقارير الأممية تؤكد أن اليمن يواجه كارثة إنسانية محققة في حال لم تتوقف الحرب في ظل حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي الذي تواجهه البلاد”. كاشفاٍ أن “المؤسستين ستنظمان لقاءات تشاورية خلال الأيام القادمة مع مختلف الأطراف لضمان سرعة تفعيل المبادرة”.
قد يعجبك ايضا