الوصايا الخمس لضمان مأمونية الغذاء

سوء التغذية (الجوع ونقص المغذيات الدقيقة والسمنة) تكلف ما يتراوح بين 2.8 – 3.5 تريليون دولار أي نحو 4-5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي

تقرير أعده/ رامز عبدالحليم

* ان السلامة الغذائية من الأولويات الصحية العموميةº ذلك أن ملايين الناس يْصابون بالأمراض والكثير منهم يموتون نتيجة تناول أغذية غير مأمونة. وتم توثيق فاشيات خطيرة من فاشيات الأمراض المنقولة بالأغذية في جميع القارات في السنوات العشر الماضية كما تشهد بلدان عديدة ارتفاعاٍ كبيراٍ في معدلات الأمراض ذات الصلة بالأغذية.

وفي ظل اتساع ظاهرة عولمة امداداتنا الغذائية أصبح من الواضح أكثر فأكثر أنه يلزم تعزيز نْظم السلامة الغذائية في جميع البلدان وفيما بينها.. ولهذا السبب تشجع منظمة الصحة العالمية الجهود المبذولة من أجل تحسين السلامة الغذائية من المزرعة إلى الصحن (وفي كل المراحل التي تفصل بينهما) في يوم الصحة العالمي في 7  أبريل 2015م.
وتساعد المنظمة البلدان على الوقاية من فاشيات الأمراض المنقولة بالأغذية والكشف عنها والاستجابة لها بما يتماشى مع الدستور الغذائي وهو مجموعة من المعايير والمبادئ التوجيهية ومدونات قواعد الممارسات الدولية المتعلقة بالأغذية تغطي جميع الأغذية والعمليات الرئيسية. وتتولى منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إنذار البلدان بالطوارئ المتعلقة بالسلامة الغذائية من خلال شبكة دولية للمعلومات  حيثويرتبط الغذاء غير المأمون بوفاة ما يقدر بنحو مليوني شخص سنوياٍ معظمهم من الأطفال. ويْعد الغذاء الذي يحتوي على البكتريا الضارة أو الفيروسات أو الطفيليات أو المواد الكيميائية مسؤولاٍ عن ما يزيد على 200 مرض تبدأ من الإسهال وتصل إلى السرطان.
وتنشأ المخاطر الجديدة التي تتهدد السلامة الغذائية باستمرار. وتطرح التغيرات التي تطرأ على طرق إنتاج الأغذية وتوزيعها واستهلاكهاº والتغيرات التي تطرأ على البيئةº والممرضات الجديدة والناشئةº ومقاومة مضادات الجراثيم تحديات أمام النْظم الوطنية المعنية بالسلامة الغذائية. وتعزز زيادة حركة السفر والتجارة من احتمالات انتشار التلوث على الصعيد الدولي.
وجاء في المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية المنعقد في مدينة روما  19- 21 نوفمبر 2014م – تحت عنوان التغذية أهميتها وما يمكن القيام به الذي نظمته وزارة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية و جاءت أهدافه هو القضاء على الجوع وعلى جميع أشكال سوء التغذية زيادة الاستثمارات من أجل لتحسين النظم الغذائية للناس  وتغذيتهم في كل مراحل الحياة تنفيذ سياسات عامة متسقة في كل القطاعات ذات الصلة من الإنتاج حتى الاستهلاك جعل نظم الأغذية أكثر استدامة تزويد المستهلكين بمعلومات واضحة عن التغذية حتى يمكنهم اتخاذ خيارات غذائية عن دراية حماية الرضاعة وتعزيزها ودعمها
حماية المستهلكين لاسيما الأطفال من التسويق والدعاية غير المناسبين للأغذية.
واوضحت المنظمة ان الاعتلالات الرئيسية المنقولة بالغذاء وأسبابها عادة ما تكون بالغذاء ذات طابع مْعدُ أو سمي وتتسبب فيها جراثيم أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية تدخل جسم الإنسان عن طريق الغذاء الملوث أو الماء الملوث.
ويمكن أن تتسبب مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء في الإصابة بالإسهال الحاد أو بحالات عدوى موهنة بما في ذلك التهاب السحائي. ويمكن أن يتسبب التلوث الكيميائي في الإصابة بالتسمم الحاد أو بأمراض طويلة الأمد كالسرطان. ويمكن أن تتسبب الأمراض المنقولة بالغذاء في العجز الطويل الأمد والوفاة. ومن أمثلة الأغذية غير المأمونة الأغذية الحيوانية المصدر غير المطهية جيداٍ والفواكه والخضروات الملوثة بالبراز والمحاريات النيئة المحتوية على التكسينات البيولوجية البحرية.
ومن الشواغل الرئيسية المرتبطة بالسلامة الغذائية ما يلي:
•    انتشار الأخطار المكروبيولوجية (بما في ذلك جراثيم مثل السلمونيلة أو الإشريكية القولونية)º
•    المواد الكيميائية الملوثة للأغذيةº
•    تقييم التكنولوجيات الغذائية الجديدة (مثل الأغذية المحورة جينياٍ)º
•    وضع نْظم قوية في مجال السلامة الغذائية في معظم البلدان من أجل ضمان سلسلة غذائية مأمونة على الصعيد العالمي.
وتعمل منظمة الصحة العالمية على تقليص المخاطر الصحية إلى أدنى مستوى من المزرعة إلى مائدة المستهلك وذلك من أجل الوقاية من الفاشيات والترويج للوصايا الخمس لضمان السلامة الغذائية وتقدم الوصايا الخمس لضمان مأمونية الغذاء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية على سبيل المثال إرشادات عملية إلى البائعين والمستهلكين بشأن مناولة الأغذية وتحضيرها:
•    الوصية 1: حافظ على نظافتك
•    الوصية 2: افصل بين الطعام النيء والطعام المطهو
•    الوصية 3: اطه الطعام جيداٍ
•    الوصية 4: احتفظ بالطعام في درجة حرارة مأمونة
•    الوصية 5: استخدم المياه والمواد الخام المأمونة
ويتيح يوم الصحة العالمي 2015م فرصة لتنبيه الأشخاص العاملين في مختلف القطاعات الحكومية والمزارعين والمصنعين وبائعي التجزئة والممارسين في مجال الصحة وكذلك المستهلكين إلى أهمية السلامة الغذائية وبالدور الذي يمكن لكل شخص أن يلعبه كي نكون جميعاٍ على ثقة من أننا نستطيع تناول الطعام الذي نضعه في صحوننا على نحو مأمون.
وفيما يخص سوء التغذية قالت المنظمة أن سوء التغذية يسهم في وقوع أكثر من نصف مجموع وفيات الأطفال على الرغم من عدم إدراجه إلا نادراٍ في قائمة الأسباب المباشرة لتلك الوفيات.
وتشير احصائيات لمنظمة الصحة العالمية بأنه عاني 99 مليون طفل دون الخامسة من نقص الوزن (انخفاض الوزن بالنسبة للعمر) ولذلك عواقب وخيمة على الصحة ونمو الأفراد والمجتمع 51 مليون طفل دون الخامسة يعاني  من الهْزال (انخفاض الوزن مقابل الطول) و17 مليوناٍ منهم من الهزال الحاد فيما يزيد خطر الوفاة بين الأطفال نتيجة الأمراض المعدية.
وقالت الاحصائية ان الاطفال المعانون من التقزم (نقص الوزن بالنسبة إلى السن)حوالي 161 مليون طفل دون الخامسة. والتقزم لا رجعة عنه وله عواقب وخيمة على الصحة والنمو و200 مليون أقل يعانون من نقص التغذية اليوم مقارنة بعشرين عاماٍ مضت ولكن 805 ملايين شخص يهجعون على الطوى يومياٍ أي 1 من كل 9 أشخاص سوء التغذية (الجوع ونقص المغذيات الدقيقة والسمنة) تكلف ما يتراوح بين 2.8 – 3.5 تريليون دولار أي نحو 4-5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وما يعادل 400 – 500 دولار للشخص الواحد ولا يمثل نقص فرص الحصول على الأغذية بالنسبة لكثير من الأطفال السبب الوحيد لسوء التغذية. والمعروف أن تدني الممارسات التغذوية والتعرض لأنواع العدوى أو كلاهما من الأمور التي تسهم في سوء التغذية. ذلك أن أنواع العدوى- لاسيما حالات الإسهال المتكررة أو المستديمة والالتهاب الرئوي والحصبة والملاريا- تتسبب في إضعاف الحالة التغذوية. كما أن تدني الممارسات التغذوية مثل توفير رضاعة طبيعية ناقصة أو إعطاء الأغذية غير الملائمة وعدم ضمان تزويد الطفل بالأغذية الكافية من الأمور التي تسهم في سوء التغذية أيضاٍ.
ويسهم العلاج المنزلي الذي تم إعداده مؤخراٍ لمكافحة حالات سوء التغذية الوخيمة في تحسين حياة مئات الآلاف من الأطفال كل عام. فقد أحدثت الأغذية العلاجية الجاهزة للاستعمال تغييراٍ جذرياٍ في علاج تلك الحالات- بإتاحة أغذية مأمونة يمكن استعمالها في البيت وضمان زيادة سريعة في الوزن للأطفال المصابين بتلك الحالات.
وفي المقابل تعرف منظمة الصحة العالمية “فرط الوزن” على أنه الحالة التي يبلغ فيها منسب الجسم 25 أو يتجاوز تلك النسبة وتعرف “السمنة” على أنها الحالة التي يبلغ فيها ذلك المنسب 30 أو يتجاوز تلك النسبة. وتْعد هاتان النسبتان الحديتان مرجعاٍ هاماٍ لتقييم فرط الوزن والسمنة لدى الأفراد غير أنه ثمة بينات تدل على أن مخاطر الأمراض المزمنة تزيد تدريجياٍ عندما يساوي منسب كتلة الجسم 21.
وتشير آخر إسقاطات منظمة الصحة العالمية إلى وجود:
•    نحو 1.5 مليار من البالغين (20 عاماٍ فما فوق) الذين يعانون من فرط الوزنº
•    و اكثر من 200 مليون من الرجال و تقريبا 300 مليون من النساء الذين يعانون من السمنة.
وتشير إسقاطات المنظمة أيضاٍ إلى أن نحو 3ر2 مليار من البالغين سيعانون من فرط الوزن وأن أكثر من 700 مليون سيعانون من السمنة بحلول عام 2015م.
و تقريبا 43 مليون من الأطفال دون سن الخامسة كانوا يعانون من فرط الوزن في عام 2010م.
وقد تبين أيضاٍ أن ثمة علاقة بين سمنة الطفولة وزيادة احتمال الوفاة المبكرة واحتمال الإصابة بحالات العجز في مرحلة الكهولة.
وتواجه كثير من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حالياٍ “عبء مرض مزدوج”:في حين تواصل تلك البلدان معالجة مشاكل الأمراض المعدية وسوء التغذية فإنها تشهد في الوقت ذاته تزايداٍ سريعاٍ في عوامل الاختطار المؤدية إلى الأمراض المزمنة مثل السمنة وفرط الوزن ويْلاحظ ذلك في المناطق الحضرية بوجه خاص..وليس من النادر مشاهدة ترافق حالات سوء التغذية وحالات السمنة في البلد نفسه وفي المجتمع المحلي ذاته وحتى في أسرة واحدة.
ويعود عبء المرض المزدوج هذا إلى سوء التغذية في مرحلة الحمل ومرحلتي الرضاعة والطفولة الأولى ثم إلى تناول أغذية تحتوي على نسبة عالية من الدهون والطاقة ونسبة ضئيلة من المغذيات الزهيدة المقدار وكذلك إلى قلة النشاط البدني.
يمكن إلى حد كبير توقي حالات فرط الوزن والسمنة وكذلك الأمراض المزمنة ذات الصلة.
وتبين الاستراتيجية العالمية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والصحة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية واعتمدتها جمعية الصحة العالمية في عام 2004 الإجراءات اللازم اتخاذها لدعم اعتماد نْظم صحية وممارسة النشاط البدني بانتظام. وتناشد الاستراتيجية جميع أصحاب المصلحة اتخاذ إجراءات في هذا الشأن على الصعيد العالمي والصعيدين الإقليمي والمحلي وترمي إلى الحد بشكل كبير من انتشار الأمراض المزمنة وعوامل الاختطار الشائعة المرتبطة بها وبخاصة النظام الغذائي غير الصحي والخمول البدني.
إن إمدادات الغذاء المأمون تدعم الاقتصادات الوطنية وقطاعي التجارة والسياحة الوطنيين وتسهم في توفير الأمن الغذائي والأمن التغذوي وتدعم أيضاٍ التنمية المستدامة.
وأدى التوسع العمراني والتغيرات الطارئة على عادات المستهلك بما في ذلك السفر إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يشترون ويأكلون الأغذية المجهزة في الأماكن العامة. واستحثت العولمة نمو طلب المستهلك على تشكيلة أوسع من الأغذية الأمر الذي أدى إلى زيادة السلسلة الغذائية تعقيداٍ وطولاٍ.
ومع نمو عدد سكان العالم يؤدي تكثيف وتصنيع الإنتاج الزراعي والحيواني من أجل تلبية الطلب المتزايد على الغذاء إلى إيجاد فرص وتحديات فيما يتعلق بالسلامة الغذائية. ومن المتوقع أن يؤثر تغير المناخ على السلامة الغذائية حيث تعدل التغيرات في درجات المخاطر المتعلقة بالسلامة الغذائية والمرتبطة بإنتاج الغذاء وتخزينه وتوزيعه.
وتضع التحديات مسؤولية أكبر على منتجي الأغذية ومناوليها من أجل ضمان السلامة الغذائية. ويمكن أن تتطور الحوادث المحلية بسرعة لتصبح طوارئ دولية بفعل سرعة ونطاق توزيع المنتجات. وقد حدثت فاشيات لأمراض خطيرة منقولة بالغذاء في كل قارة خلال العقد الماضي وغالباٍ ما ضخمتها التجارة المعولمة.
ومن أمثلة ذلك تلوث بدائل لبن الأم بمادة الميلامين في عام 2008م (والذي أصاب 300000 طفل وطفل صغير مات ستة منهم في الصين وحدها) وفي عام 2011م حدثت فاشية الإشريكية القولونية المعوية النزفية في ألمانيا والتي كانت بينها صلة وبين براعم نبات الحلبة حيث أْبلغ عن حالات في 8 بلدان في أوروبا وأمريكا الشمالية وأدت إلى 53 وفاة. وقد تسببت فاشية الإشريكية القولونية التي حدثت في ألمانيا عام 2011 في خسائر بلغت 1.3 مليار دولار أمريكي للمزارعين ودوائر الصناعة وفي دفع مبلغ وقدره 236 مليون دولار أمريكي كمعونة طارئة إلى 22 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وتاتي استجابة المنظمة ان السلامة الغذائية أولوية صحية عمومية.

قد يعجبك ايضا