■ على المثقفين إنتاج خطاب ثقافي واع يعمق حب الوطن ويسعى لإشاعة التسامح والقبول بالآخر
يؤكد العديد من الأدباء والمثقفين على خطورة الإرهاب الذي أصبح غول هذا العصر يأكل الأخضر واليابس ويعود بالمجتمعات المتحضرة إلى أتون العصور السحيقة ويكشف عن الوجه القبيح في مصادرة الأفكار والإبداع والرأي الأخر مشيرين إلى أن انعدام الأمن وعدم الاستقرار وسوء الأحوال هي في الأصل مشكلة ثقافية تعود بجذورها إلى المفاهيم الثقافية فعندما أهملنا الثقافة خرج إلينا العديد من الشباب المتطرفين الذين يحملون أفكاراٍ تنبذ المجتمع وتنبذ فكرة التعايش والسلم الاجتماعي.
وشددوا من خلال الاستطلاع التالي على ضرورة إنتاج خطاب ثقافي واع يسعى لمواجهتهما وتعرية هذه الظاهرة الخطيرة وكشف منطلقاته ومرجعياته وأبعاده الخطيرة أمام المجتمع فلا أحد ينكر ما للثقافة من دور في مواجهة التطرف والإرهاب من خلال التثقيف ونشر الوعي بين أوساط المجتمع وكشف حقائق ومخاطر هذا الفكر الضال..
دور الثقافة والمثقف
بداية يقول الأديب منير طلال للثقافة دور كبير ومهم في مواجهة التطرف والارهاب فما نجده في بلادنا من مشاكل في الأمن وعدم الاستقرار وسوء الأحوال هي في الأصل مشكلة ثقافية تعود بجذورها إلى المفاهيم الثقافية فعندما أهملنا الثقافة خرج إلينا العديد من الشباب المتطرفين الذين يحملون أفكاراٍ تنبذ المجتمع وتنبذ فكرة التعايش والسلم الاجتماعي ويتبنون أفكاراٍ تدعو إلى محاربة المجتمع والدولة وظهرت المفاهيم التكفيرية والمفاهيم السلالية وظهرت لنا مفاهيم كثيرة تعادي القيم الإنسانية النبيلة وتعادي أفكار وأهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتعادي الوحدة الوطنية والقيم الإنسانية.
ويضيف: إن التطرف في بلادنا ناتج عن خلل في البنية الثقافية والفكرية ناتج عن قطعية ما بين الثقافة وهؤلاء الشباب عبر مرحلة كبيرة من الزمن فعلى سبيل المثال فبلادنا تعاني من كثير من الاختلالات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وهذه المشكلات الفكرية والثقافية لا يتم محاربتها إلا بالفكر والثقافة.
ويشير إلى أن الحرب الفكرية التي يجب على الدولة أن تحضر لها وتتبناها لابد أن تقوم على الدراما والإعلام وعلى الأغنية الوطنية وأن تتضمنها المناهج الدراسية وما يتم حالياٍ اجتثاث الوحدة الوطنية من المنهج الدراسي ومن الإعلام فهناك الإعلام الطائفي والإعلام المتطرف في الفضائيات ومواقع الانترنت.
ويقول طلال: نحن نتساءل ما هو البديل لنا لإيجاد هوية وطنية قائمة على التسامح وحب الآخر فهذا دور الدولة عليها أن تعمل على هذا الجانب ومع بالغ الأسف فإن النظام السياسي في بلادنا على مدى نصف قرن مضى لم يعمل على الهوية الوطنية بطريقة حقيقية فكان يأخذ في الاعتبار الخطوط العريضة والعناوين الكبيرة ولكن ما يندرج تحتها من تفاصيل كانت مهملة ولهذا فليس لدينا هوية وطنية واضحة يمكن أن نعول عليها ولهذا ظل الخلاف موجوداٍ ما بين كافة المفاهيم لتأتي قوى أخرى بمفاهيم متطرفة ناقضت الوطنية اليمنية ناقضت القومية العربية وجاءت لنا بهذه الأفكار التي دمرت العديد من الأقطار العربية ونتمنى أن نتلافى هذه الأخطاء وأن نخوض حرباٍ ثقافية ضد هؤلاء المتطرفين.
توحيد الجهود
من جهته يقول الناقد عبدالرقيب الوصابي: ينبغي توحيد جهود المؤسسات الثقافية وجهود المثقفين كأفراد للعمل على إنتاج خطاب ثقافي واع يسعى لمواجهة التطرف والإرهاب وتعرية هذه الظاهرة الخطيرة وكشف منطلقاته ومرجعياته وأبعاده الخطيرة أمام المجتمع وبالتالي تأتي أهمية خلق وعي متكامل في كافة النواحي من كتابات للمثقفين ومن إنتاج أعمال مسرحية وسينمائية تعري الإرهاب وتبين مدى خطورته في هدم العلاقات بيننا وبين المجتمعات الأخرى وخطورته في ترويع الآمنين ونشر الرعب بين أوساط المجتمع.
ويضيف: وبسبب هذه الظاهرة فقد أصبح الفرد منا إذا خرج من بيته يقوم بتوديع أولاده فربما لا يعود فقد تنفجر به حافلة أو تصيبه رصاصة طائشة وقد أصبح الوضع مخيفاٍ جداٍ ولهذا فعلى المثقف أن يتحرك وأن يعمل شيئاٍ فإذا ما سكت عن كل هذا فمعنى ذلك أن البلد ستحترق وستشتعل ما تبقى من أمل في نفوس المثقفين وفي نفوس الناس.
ويؤكد على أهمية أن يلتفت المثقفون لمثل هذا الحدث وأن تتكامل جهودهم لخلق وعي لدى المجتمع بأهمية إحداث قفزة نوعية لتخطي هذا الظرف السلبي المظلم الذي نتج بسبب الإرهابيين وأفعالهم اللاإنسانية التي كل يوم تفسد ما تبقى من أواصر المحبة والألفة بين الناس.
تغيير الأفكار
أما القاصة انتصار السري فتقول: نحن نؤمن بأن للثقافة الدور الفعال والكبير في تغيير الأفكار وتثقيف الشباب وتوعيتهم فمن خلال الأنشطة والندوات الثقافية وتنشيط الأعمال المسرحية والإبداعية يمكن إظهار الأضرار التي تترتب على التطرف والإرهاب وكشف أفكار من يتبنى هذا الفكر الضال والأخطار المترتبة نتيجة تبني هذه الأفكار فعندما تحدث أي أعمال إرهابية من تفجير أو تخريب فإن المتضرر الرئيسي هم عموم المواطنين الذين يحرمون من الأمن والاستقرار ومن العيش الكريم ويْحرمون أيضاٍ من الخدمات نتيجة مثل هذه الأفعال ولهذا فلابد للمثقف أن يعي دوره في توعية المجتمع وتنقية أفكاره من كل فكر متطرف ضال ونشر قيم التسامح والتعايش والقبول بالآخر.
حملة واسعة
ويقول الأديب هشام ورو مدير مكتبة زبيد العامة: تستطيع الثقافة أن تلعب دوراٍ محورياٍ بل وأساسياٍ في مواجهة التطرف والإرهاب ذلك أن الثقافة هي المحرك الأساسي لأفكار الأمم والأجيال لكن ذلك الدور يظل مفقوداٍ في ظل غياب الثقافة الرسمية عن دورها الأساسي وفي ظل انشغال المثقف الحقيقي بمشاكل الحياة وعدم تهيئة المثقفين للقيام بدورهم ذلك أن الثقافة أهتمت بالعمل السياسي وتسييس المؤسسات الثقافية متناسيةٍ لدورها الأساسي في مواجهة قوى الشر والتخريب والإرهاب لأن للكلمة دورها الأساسي والمقدس والأقوى إصابة من البارود ولذا أدعو وزارة الثقافة لتبني حملة واسعة النطاق في مواجهة آفتي التطرف والارهاب وستجد كل النخب الثقافية في مقدمة الصفوف لاسيما عندما يكون الهدف هو الوطن والوطن وحده.
الفن والدراما
فيما يؤكد الأخ مبخوت النويرة- مخرج مسرحي- بأن للثقافة دور في مواجهة التطرف والإرهاب من خلال الأعمال الدرامية والمسرحية حيث يعتبر هذه من أنجع الوسائل لمكافحة التطرف والإرهاب ويقول: إن المسرح مثلاٍ له دور كبير في توعية الشباب والنشء وجميع أفراد المجتمع وهو يعتبر من المنابر الهامة التي تقوم بإيصال الرسائل الإعلامية والتوعوية والتثقيفية وقد يكون أبلغ من منبر المسجد في الكثير من الحالات وذلك لتأثر الأفراد واقتناعهم به وبما يقدمه من رسائل يتم طرحها بأسلوب جيد وراق ومدروس فيكون لها تأثير أبلغ لدى المتلقي.
أزمة ثقافية
ويؤكد الفنان التشكيلي رامي الجمل أن الثقافة تعد أحد العناصر الرئيسية والوسائل الناجحة لمواجهة التطرف والغلو والإرهاب وأن المجتمع الذي تسيطر عليه ثقافة الغلو والتطرف لهو دليل على مروره بأزمة ثقافية ولكي نسعى لانتشال مجتمعنا من مثل هذه الظواهر الدخيلة يجب علينا أن نرفع الوعي الثقافي من خلال إشاعة ثقافة التسامح والحوار وتقبل الرأي والرأي الآخر وتفعيلها من خلال المهرجانات الثقافية والتوعوية والعمل على إبراز دور المسرح والمعارض الفنية ذات الرؤية التربوية والسلوكية وأن يكون شعارنا الإسلام دين تسامح وليس دين عنف.
أما الفنان التشكيلي ردفان المحمدي فيرى من وجهة نظره بأن الثقافة هي طاردة للإرهاب لأنها تحمل في مضمونها فلسفة عميقة واتساع أفق مما تجعل المثقف أكثر إدراكاٍ بما يحمل فكر الإرهاب من سلبيات ستنعكس على بلده وعلى نفسه مستقبلاٍ وأي بلد يهتم بالثقافة ستجد أنه لا يعاني بتاتاٍ من وجود الإرهاب إلا في حالات نادرة يكون مصدر الإرهاب خارجياٍ وليس من الداخل.