العين والحسد آفات تنهش في جسد المجتمع وذكر الله وقاية منهما

الإنسان كائن اجتماعي لابد له من العيش مع غيره في مجتمع يرجو منه كل خير وفي هذا المجتمع يتمايز الناس فمنهم الغني والفقير والجميل والأقل جمالاٍ والسعيد والتعيس وقد يتأثر الإنسان إذا رأى غيره في نعمة وهو في حال صعبة فتصدر من نفسه انفعالات قد تضر صاحبه عن قصد أو عن غير قصد وهو ما يعرف بالعين والحسد فما هو الحسد وهل تضر العين حقاٍ وكيف يمكن الاحتراز منها للإجابة على هذه التساؤلات التقينا الدكتور خالد الكبودي أستاذ القرآن وعلومه بجامعة صنعاء.

ما هو الحسد¿
الحاسد اسم الفاعل لحسد والحسد معناه تمني زوال النعمة عن الغير أو السعي لمنع حصولها للغير أحيانا تكون النعم حصلت فهم الحاسد أن تزول النعمة عن الشخص الذي منحه الله هذه النعمة لحقد أو لكراهة معينة المهم أن يتمنى زوال النعمة عن هذا المحسود أو السعي لمنع حصول النعمة للغير أحيانا يريد شخص أن يتاجر أو يتزوج أو يعمل أي عمل لكن الحاسد يحاول منع حصول النعمة عن هذا الشخص. وهناك نوع آخر من الحسد وهو عبارة عن نوع من الانفعالات تعرف بالعين ويقال فلان يعين أو ينفس أو يمرع أو يعمي واللفظ الشرعي بين لفظي الحسد والعين.
العين والإعجاب
هل هناك فرق بين العين والحسد¿
العلماء قالوا إن العين مقصود على المرئي (المنظور) بمعنى رأيت شيئا أدهشني أو أعجبني  ومن شدة إعجابي انفعلت نفسي انفعالات معينة حتى أصابت هذا المنظور بنظرتي القاتلة لأني لم أبرك عند النظر ولم أذكر الله ولم أقل لا حول ولا قوة إلا بالله وغيرها من الألفاظ وهذه هي العين والمقصورة على نوع من الحسد وهو ما كان التأثر فيه باعتماد النظر أما الحسد فهو يشمل ما كان بالعين أو السماع أو التوقع أحياناٍ الإنسان قد يصيب الآخر عن طريق السمع كالاستماع إلى صوت جميل أو التوقع كأن يتوقع حصول شيء لشخص والآخر يحسده وبالتالي يضره.
هناك من يقول أن هذا أمر لا يمكن قبوله عقلاٍ..
يمكن الرد على ذلك أولاٍ بالتجارب: هناك حالات عديدة حصلت أو وقعت ولا تكاد توجد قرية أو منطقة إلا وكان فيها تجارب وصلتنا منها الأخبار الملموسة والمشاهدة عن حالات حسد وقعت على أشخاص فأضرتهم في أنفسهم أو أموالهم.
أحيانا قد يكون الحسد عن تحرك مادي لمنع النعمة أو لإزالتها فالحاسد قد يتحرك تحرك مادي مثل شخص يأتي الأول على دفعته وزميل حسده في هذا فقام يتحرك إلى الإدارة أو المدرسين أو الجهات المعنية لإثارة مشاكل وتحريش وخلق قضايا من أجل إشغاله عن الدراسة وهذا تحرك مادي يؤدي إلى الإضرار بهذا الشخص وهذا نوع من أنواع الحسد وهو محل إجماع ولا ينكره أحد لكن هناك نوع آخر نوع خفي الذي ينتج عن انفعالات معينة كأنه يشبه الإشعاعات التي تصدر عن نظرة أو سماع أو إعجاب تؤذي الآخر في نفسه أو ماله أو ولده.
ثانياٍ هناك أشياء غير مشاهدة تضر فنحن نؤمن بالذبذبات والإشعاعات كإشعاعات إكس على سبيل المثال فكذلك النفس الإنسانية عندما تحسد أو تعجب دون أن تبرك ودون أن تذكر اسم الله تعالى تصيب المحسود بأمراض حقيقية قد تؤدي إلى مقتله أو فقد بصره أو شلله أو فقره وغيرها من الأمراض المحسوسة.
نصوص وأحاديث
هل هناك نصوص شرعية تدل على الحسد والعين¿
هناك نصوص كثيرة أولها قوله تعالى: “ومن شر حاسد إذا حسد” الحاسد يتعوذ من حسده في نفس اللحظة لأنه وقت صدور الشر لذا نحن نتعوذ منه في نفس اللحظة كذلك يدل على هذا حديث صحيح أخرجه الإمام مالك في موطئه وأخرجه غيره وهذا الحديث قبله عامة العلماء وعملوا به الرواية عند مالك في الموطأ عِنú مْحِمِد بúن أِبي أْمِامِةِ بúن سِهúل بúن حْنِيúفُ أِنِهْ سِمعِ أِبِاهْ يِقْولْ اغúتِسِلِ أِبي سِهúلْ بúنْ حْنِيúفُ بالúخِرِار فِنِزِعِ جْبِةٍ كِانِتú عِلِيúه وِعِامرْ بúنْ رِبيعِةِ يِنúظْرْ قِالِ وِكِانِ سِهúلَ رِجْلا أِبúيِضِ حِسِنِ الúجلúد قِالِ فِقِالِ لِهْ عِامرْ بúنْ رِبيعِةِ مِا رِأِيúتْ كِالúيِوúم وِلا جلúدِ عِذúرِاءِ قِالِ فِوْعكِ سِهúلَ مِكِانِهْ وِاشúتِدِ وِعúكْهْ فِأْتيِ رِسْولْ اللِه صلى الله عليه وسلم فِأْخúبرِ أِنِ سِهúلا وْعكِ وِأِنِهْ غِيúرْ رِائحُ مِعِكِ يِا رِسْولِ اللِه فِأِتِاهْ رِسْولْ اللِه صلى الله عليه وسلم فِأِخúبِرِهْ سِهúلَ بالِذي كِانِ منú أِمúر عِامرُ فِقِالِ رِسْولْ اللِه صلى الله عليه وسلم عِلِامِ يِقúتْلْ أِحِدْكْمú أِخِاهْ ألا بِرِكúتِ إنِ الúعِيúنِ حِقَ تِوِضِأú لِهْ فِتِوِضِأِ لِهْ عِامرَ فِرِاحِ سِهúلَ مِعِ رِسْول اللِه صلى الله عليه وسلم لِيúسِ به بِأúسَ . الخرار: موضع بالمدينة وقيل واد من واديها.
قل ما شاء الله
هل يمكن أن يحسد الشخص نفسه أو أهله¿
قد يصيب الإنسان نفسه أو أهله أو ولده أو ماله بالعين يقول الله تعالى “ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله” وفي الحديث: “لو أن أحدكم إذا أعجبه شيء من أهله وماله قال ما شاء الله لا قوة إلا بالله فإنه لا يضره” يقول الشنقيطي في رؤى البيان أن العين قد تصيب النبات والجماد كما تصيب الأحياء فعلى الإنسان أن يعود نفسه ذكر الله في كل حال.
عقوبة الحاسد والعاين
إذا عرف الشخص أنه يصيب غيره بالعين فما الواجب عليه¿
على مثل هذا الشخص أن يعود لسانه ذكر الله تعالى في كل حال وهو آثم إذا تعمد إضرار غيره
يقول النبي عليه الصلاة والسلام قوله: “العين حق” وفي رواية أخرى “العين تْدخل الجمل القدر والرجل القبر” وقوله تعالى: “أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله” وأيضاٍ قوله تعالى: “حسداٍ من عند أنفسهم” والمالكية تقول بقتل العائن إذا علم أنه قتل المعيون بالعين ولكن الفقهاء أجمعوا على أنه إذا تبين أن شخصا يصيب الناس بالعين فعلى الوالي إبقائه في بيته والنفقة عليه حيث قاسوا ذلك على المجذوم الذي يعدي الناس إذ أنه يحبس في بيته وكذلك من يأكل الثوم يمنع من دخول المسجد والاختلاط بالناس لئلا يؤذيهم برائحته فمن باب أولى من يتسبب بأذى الناس بالعين.   
الرقية الشرعية
كيف يمكن الاحتراز من العين¿
إذا خاف الإنسان من أن يصيبه شخص بالعين فعليه أن يرقي نفسه أو ماله أو ولده فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي الحسن والحسين رضي الله عنهما بقوله: “أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة” وكان النبي يدعو فيقول: “بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد” على المسلم أن يرقي نفسه وأهله بالقرآن كقراءة سورة الفلق ففي الحديث “لا رقية إلا من عين أو حمى” والحمى سم الحشرات وغيرها.
فالواجب على المؤمن إذا أعجبه شيء أن يذكر الله ليمنع أذى الشيطان الذي له علاقة بالسحر ونحن نرى كبار السن ولنا في ذلك عبرة إذا دخلوا بيتاٍ أو رأوا شيئاٍ أعجبهم يقولون: ما شاء الله تبارك الله لا قوة إلا بالله قرع كل شيطان.
وفي الشرع يمكن علاج العين إذا عرف العائن بأن يطلب منه أن يغسل لأخيه ثم يتوضأ المعيون بذلك الماء فيبرأ إن شاء الله كما عند الترمذي وغيره من كتب السنن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” لِوú كِانِ شِيúءَ سِابِقِ الúقِدِرِ لِسِبِقِتúهْ الúعِيúنْ وإذا استغسلتم فاغسلوا”.

قد يعجبك ايضا