كشف الدكتور عبد الواحد مكرد – رئيس الأمانة الفنية للأمن الغذائي بوزارة التخطيط و التعاون الدولي أن إستراتيجية الأمن الغذائي الوطنية في اليمن لم تعد وثيقة نظرية فحسب بل تم ترجمتها حاليا من وثيقة نظرية إلى خطة عمل وطنية تتضمن وسائل دقيقة للرصد والتقييم وبطرق اليكترونية.
وحسب الدكتور مكرد والذي يعد من الاكاديميين المتخصصين في الامن الغذائي باليمن فإن الخطة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي من خلال نهج قطاعي شامل وحاسم عبر الحد من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية المزمن.
ويقول الدكتور مكرد إن استراتيجية الأمن الغذائي في اليمن ستضمن تخفيض النقص في السعرات الحرارية بنسبة 30 % بحلول عام 2020م وتخفيض النقص في السعرات الحرارية إلى 10 % بحلول عام 2025م. ومن أجل الحد من سوء التغذية المزمن فيتعين تخفيض معدل تقزم الأطفال بنسبة 7 % بحلول عام 2020م ثم بنسبة 12 % على الأقل بحلول عام 2025م.
مؤكدا أن الرؤية وراء هذه الاستراتيجية تكمن في حصول الشعب اليمني كافةٍ على غذاء كافُ ومغذي في كل الأوقات من أجل حياة نشطة و صحية – أي أن يحظى الشعب بالأمن الغذائي .
ويعتقد الدكتور مكرد أنه من المقرر تقديم القائمة الشاملة بالمشروعات ذات الأولوية جنبا إلى جنب مع تحليل لتقديرات التكلفة إلى المجلس الوطني للأمن الغذائي الذي يترأسه رئيس الوزراء من أجل اعتمادها قريبا وسوف تواصل الوزارات التنفيذية تنفيذ المشروعات القائمة في مجال الأمن الغذائي وسوف تقدم قائمة المشروعات الجديدة للجهات المانحة المختلفة من أجل الحصول على تمويل محتمل.
وتعتبر اليمن واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم ففي عام 2009 عانى 31.5% من اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي و بحلول عام 2011 ارتفع الرقم إلى ما دون 45% بقليل. ووفقا لآخر أرقام مستمدة من تقرير ثلاثي حديث حول الأمن الغذائي فقد انخفض معدل انعدام الأمن الغذائي خلال السنوات الثلاث الماضية إلى حوالي 40 % منها 46% يعانون من انعدام أمن غذائي حاد.
وينوه الدكتور مكر بأن انعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية يبلغ أكثر من ضعف المناطق الحضرية إضافة إلى أن الأسر المعيشية التي تعولها المرأة تعاني من انعدام الأمن الغذائي بشكل أكبر من تلك التي يعولها الذكور. وفيما يتعلق بتقزم الأطفال فإن اليمن هي ثاني أسوأ دولة في العالم في معدلاتها حيث تجاوزت النسبة 41% في 2014 وإن كانت أقل مما كانت عليه في عام 2011 ( 46%). وسجل سوء التغذية معدلات أعلى في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية في 2014 كما أن معدلات التقزم بين الفتية كانت أعلى من بين الفتيات.
ورغبةٍ في معالجة مشكلة انعدام الأمن الغذائي في اليمن وضعت استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية في عام 2010 من خلال الجهود المشتركة للحكومة اليمنية. وكانت الحكومة اليمنية ممثلة في وزارة التخطيط والتعاون الدولي وزارة الزراعة والري وزارة الثروة السميكة وزارة التجارة و الصناعة وزارة الصحة والسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية و العمل إضافة إلى عدة هيئات أخرى وصناديق التنمية. شارك أيضا الشركاء الدوليون وكذلك عدة جهات مانحة ومنظمات تنمية دولية. قام المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية بقيادة التمرين من الناحية الفنية وقدم بحثا يرتكز على البراهين الداعمة وذلك لتوجيه العملية برمتها. وبعد ذلك بوقت قصير توقفت الاستراتيجية الوطنية بعد ثورة 2011 والتحولات السياسية اللاحقة.
وقد أعيد تنشيط الاستراتيجية الوطنية في عام 2013 عن طريق ورشة عمل وطنية تحت رعاية رئيس الوزراء. في ورشة العمل هذه اتفقت الأطراف المختلفة على أن النتائج الرئيسية للإستراتيجية ما زالت سارية رغم مضي الوقت منذ اعتمادها في عام 2010. وقام ممثلو الوزارات التنفيذية والجهات المحلية الأخرى إضافة إلى الجهات المانحة التي شاركت مسبقا في صياغة الاستراتيجية الوطنية بالتوسع في النتائج الرئيسية للإستراتيجية وخلصوا إلى قائمة شاملة وافية بالتدخلات ذات الأولوية تغطي قطاعات الاقتصاد الأساسية.
ونوقشت تلك التدخلات ذات الأولوية كذلك في ورشة عمل أخرى عقدت في منتصف عام 2014 في صنعاء. قام ممثلو الوزارات التنفيذية ذات الصلة والقطاعات الفرعية الكبرى بمناقشة التدخلات ذات الأولوية التي ترجمت حينئذ إلى مشروعات أمن غذائي و تغذوي ذات أولوية. ثم نوقشت المشروعات ذات الأولوية ( المستمرة والجديدة) بدورها وصادقت عليها الوزارات التنفيذية ثم حددت الميزانية المقترحة.
ويؤكد الدكتور مكرد أن الطريق شديد الإنحدار بيد أنه من خلال الرؤية الصحيحة والأدوات المناسبة والشراكات القوية و الالتزام فإن الحد من انعدام الأمن الغذائي في اليمن يمكن أن يتبع مسارا معتمدا بشكل تام تحدده استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية.
قد يعجبك ايضا