محطة أخيرة

توصلنا إلتواءات العمر الشاردة نحو محطة أخيرة يندر فيها الاستجمام , وتتقلص بداخلها أرواحنا الطيبة وتتفتت ملامح القسوة لتستنطق الخير منها , فمنذ الدقائق الأولى لنا على سطح هذا الكوكب وحتى آخرها , ونحن نعيش حالة عجيبة من التبلد والغموض والتشكل الصوري الباهت , الحامل في طياته عالما تراجيديا ممتلئا بالغريب الأغرب , فلم تعد الغواية سوى طريق مدهون بالكذب والزيف والنفاق يشتغل عليها أناس لديهم حرفية وتقنية متميزة في أسلوب الحوار والتعايش والآخر , يحملون على أكفهم آثار الشقاء ويتجرعون ساعات الندم كل نهار فتستنفرهم علامات ليوم مجهول وأحسبه يوم الزينة .
تستوقفنا لحظات الوداع المنهكة , وهي تجري بنا نحو الهروب , لا ندري مما نهرب ¿ إلا أن رتابة الأشياء تخلق في أرواحنا نوعا من الفراغ لتنقلنا إلى لحظات قد مرت من عمرنا وانتهت , غير أن شوقنا نحوها لم ينتهö نستغفلها حينا ونعود نلاحقها مرة أخرى ونتحسس تفاصيلها لحظة بلحظة فترسي بنا إلى شاطئ مكتظ بذاكرة آزفة .
طعم السعادة لا يمكننا تذوقه إلا بقبول الرضا والإحسان إلى الآخرين , فلنا أن ننتزع السعادة  من مخالب الحزن نزعا ونمنح قلوبنا لونا محايدا لأغاريد الصباح , كل ذلك لا يحن إلا عندما ننجح في رسم ملامح جديدة تعكس عمق الثراء النفسي المتخلق من كمال الروح وبقاء صفائها .
في الوقت الذي يوهمنا الآخر بأنه لازال وفيا في طبعه قدر ما يستطيع, إلا أننا بمفردنا قد نتوصل لحقيقة نستنتج منها قدر الوفاء وحقيقته وكم سيصمد ¿
مساء في يدي أتحسس ألوانه وتضاريسه وهي تغير لون السماء وتحول أجزاء القصيدة إلى متن آخر يشتغل على إيقاد الذاكرة , سأترك كل همومي جانبا , ومن رفات العمر سألملم بقايا حلمي المشنوق في إحدى الزنزانات , سأصافحه وسأنقل تأملاتي العائمة على سطحه , وحتما سأكتب روايته التي لم تخلق بعد !
أخيرا…. أقول للوطن : لن تغيب ملامح الحق في عمق الروح , أنت أولا وما سواك مجهول .. كن بطلا ..ناهضا .. صامدا .. قائدا ..
وفداء  لك  كل أرواحنا  , اصطحبناك معنا , نلوذ في حماك , نأنس بمرقدك , نتبارك بصلاتك , نقوى بشموخ صرحك , ننام على جزء من عباءتك , لم تزل أقوى الرجال حتى تغب أرواحنا وتبقى أنت علما يرفرف في سماء الطهر والوطنية.

قد يعجبك ايضا