الاستثمارات السياحية.. واقع مرير.. ومستقبل مظلم

■ قرابة ألف فرصة عمل وفرتها المشاريع المسجلة خلال العام 2010م و82 فقط العام الماضي

ألفت الأوضاع السيئة التي تمر بها بلادنا بظلالها السوداء القاتمة على كافة مجالات الحياة وأدت إلى الإضرار بكافة القطاعات الاقتصادية منها والخدمية وغيرها, وبما أن قطاع السياحة القطاع الاقتصادي الواعد يعد من أكثر القطاعات حساسية وتأثراٍ فقد كان تأثيره كبيراٍ ومنذ اللحظات الأولى التي بدأت فيها بلادنا تتأرجح نحو الانحدار.
منذ سنوات عديدة والسياحة تعيش حالة ركود وواقعاٍ مريراٍ فقبل أزمة العام 2011م كانت الاختطافات وقبلها كانت التفجيرات التي استهدفت السياح وكان الجميع ينتظر أن تتحسن الأوضاع لتزدهر السياحة ولكن للأسف تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فها هي الأيام والشهور تمضي وما استجد منها أسوأ مما مضى, وإذا ما نظرنا إلى الأضرار التي لحقت بالقطاع السياحي فهي كبيرة جدا وفي الأسطر التالية سوف نتطرق إلى الأضرار التي لحقت بالاستثمار السياحي كواحد من المجالات السياحية التي تأثرت بفعل الأزمات المتلاحقة والتوترات منذ العام 2011م حتى الآن.

تشير الاحصائيات الصادرة عن الهيئة العامة للاستثمار إلى تدن كبير أصاب الاستثمارات السياحية حيث شهدت السنوات التي تلت العام 2010م حتى العام 2014م انخفاضا ملحوظا في حركة الأنشطة الاستثمارية للقطاع الخاص (محلي- خارجي) في قطاع السياحة وتؤكد الاحصائيات وجود تفاوت كبير بين الأعوام (2011 2012- 2013- 2014-) مقارنة بالعام 2010م حيث بلغ عدد المشاريع السياحية المسجلة لدى الهيئة العامة للاستثمار في العام 2010م (33) مشروعا بينما وصل عددها في العام 2014م إلى (5) مشاريع استثمارية سياحية فقط وقد بدأ الانخفاض بالتدرج ولكن كان التدرج كبيراٍ جدا حيث بلغ عدد المشاريع المسجلة خلال العام 2011م (12) مشروعا فقط أي بفارق يصل إلى أكثر من (20) مشروعا مقارنة بالعام 2010م وتقلص العدد في العام 2012م ليصل إلى 7 مشاريع وفي العام 2013 ارتفع العدد لتسجل الهيئة 9 مشاريع سياحية ليعود الانخفاض في العام 2014م وبفارق كبير 5 مشاريع وبالنظر إلى الأيادي العاملة التي وفرتها المشاريع الاستثمارية فقد سجلت الهيئة العمالة المستوعبة للمشاريع المسجلة في العام 2010م بلغ عددها 972 فرصة عمل بينما تقلص العدد وشهد انخفاضا تدريجيا كبيرا في السنوات التالية ففي 2011م بلغت 271 فرصة عمل وفي العام 2012م بلغ العدد 155 بينما ارتفع العدد قليلا في العام 2013م ليصل إلى 249 ليعاود الانخفاض وبفارق كبير خلال العام الماضي 2014م حيث وصلت العمالة إلى 82 فقط.
تأثير شمل شريحة واسعة
ويقول الأخ عبده مهدي صلاح مدير عام الاستثمار وتنمية المناطق السياحية بوزارة السياحة إن الوضع القاتم بالبلد أثر وبشكل سلبي على مختلف مجالات الحياة وإذا كان القطاع السياحي جزءاٍ من هذه المجالات فهو بالتأكيد يخسر ولعل الخسارة تشمل إلى جانب حركة القدوم السياحي للاستثمارات السياحية وبالتالي يصل التأثير إلى شريحة واسعة من أبناء المجتمع الذين يخسرون أعمالهم في المنشآت السياحية بفعل الركود وتردي الأوضاع الأمنية ومفردات هذه الخسائر معروفة بدءاٍ من توقف حركة رؤوس الأموال وتقلص القوة الشرائية وصولا إلى فقدان عدد من العمال لوظائفهم وبالتالي زيادة معدلات البطالة وما ينتج عنها من آثار سلبية اجتماعية واقتصادية, مشيرا إلى أن منشآت سياحية أغلقت وأخرى حولت نشاطها إلى أشياء غير سياحية ومشاريع سياحية كانت على وشك أن تبدأ وانتهت قبل أن تبدأ وما الاحصائيات التي أوردتها الهيئة العامة للاستثمار الأخير دليل على ذلك.
مشكلات ومعوقات الاستثمار السياحي
وكان الأخ عبده مهدي صلاح قد أعد ورقة عمل بعنوان الاستثمارات السياحية (تقييم الوضع الراهن- سبيل التنشيط) واعطانا جزءا منها واعتمد في بدايتها على تلك الاحصائيات التي صدرت عن الهيئة العامة للاستثمار وأوضح في هذا التقييم أن المشاريع التي سجلت تتركز في المدن الرئيسية كونها تتربط بتوفر الخدمات الأساسية وتتمثل في فنادق ومنشآت ايوائية ومطاعم ومنتزهات وحدائق ومشروع واحد للنقل السياحي بمدينة عدن, كما أن نسبة المشاريع السياحية المرخصة لدى الهيئة العامة للاستثمار تمثل 12% من إجمالي المشاريع الاستثمارية المرخصة أما العمالة التي توفرها الاستثمارات السياحية فهي تشكل 10.2% من إجمالي فرص العمل التي توفرها المشاريع الاستثمارية المسجلة في كافة القطاعات.
وأورد صلاح عددا من الصعوبات والمشكلات التي تواجه الاستثمارات السياحية حيث قال: أدت الأحداث التي تشهدها بلادنا منذ مطلع العام 2011م إلى حالة من الجمود شبه الكلي في القطاع السياحي إلا أنه وبحسب تقارير ودراسات لعدة منظمات وأيضا خبراء محليين وأجانب يمكن تلخيص أبرز المشكلات التي يواجهها الاستثمار السياحي في بلادنا بعدد من العناصر أبرزها التحدي الأمني وضعف خدمات البنى الأساسية في المناطق النائية والمواقع السياحية المستهدف تنميتها وبالذات الشواطئ والجزر, بالإضافة إلى ارتفاع فوائد الاقتراض الاستثماري في مجال السياحة والنزاعات والإشكالات على الأراضي الاستثمارية وارتفاع كلفة شرائها وعدم تحديد أراض للاستثمارات السياحية الجديدة في المناطق ذات المقومات السياحية.
معاناة المستثمرين في السياحة
فإذا كانت الهيئة العامة للاستثمار قد سجلت هذه المشاريع السياحية لديها فهل يا ترى تم إقامتها على أرض الواقع أو أن تسجيلها لا يعني بالضرورة أنها أقيمت بالفعل¿¿!!
ويقول الأخ عصام السنيني وكيل وزارة السياحة إن السياحة وقطاعاتها المختلفة مترابطة مع بعضها البعض والاستثمار السياحي مرتبط بالحركة السياحية وكلاهما يرتبط بالأوضاع في البلد من ناحية الأمن والاستقرار واهتمام الدولة بتنمية قطاع السياحة ولكن للأسف الشديد لا زالت وزارة السياحة تفتقر إلى البنية الأساسية التي نالها التخريب والتدمير في العام 2011م نتيجة المواجهات في الحصبة وأدت إلى تدمير بنية الوزارة وقاعدتها المعلوماتية التي بنيت على مدى سنوات عديدة منذ العام 2006م وحتى العام 2011م فإذا كانت الوزارة تفتقر إلى البنية الأساسية فكيف تستطيع أن تقوم بواجباتها في خدمة السياحة وجذب الاستثمارات إلى هذا القطاع.
وأضاف: لا زالت السياحة عاجزة أمام تردي الأوضاع الأمنية التي تسببت في انعدام حركة القدوم السياحي حيث وقفت بعض الدول موقفاٍ سياسياٍ متعنتاٍ من اليمن وأصدرت تحذيرات شديدة اللهجة كذلك لا زالت الخطط والبرامج السياحية التي وضعت حبيسة الأدراج حتى أصحاب المشاريع السياحية القائمة يتعرضون لضربات موجعة نتيجة هذا الوضع حتى الدولة لم تتخذ إجراءات من شأنها التخفيف من معاناتهم على الأقل أواعفاؤهم من الرسوم والضرائب وهو الأمر الذي أدى بالكثير من تلك المشاريع إلى الإغلاق وتسريح الأيادي العاملة التي وجدت نفسها في الشارع كل تلك العوامل أدت إلى عزوف الكثير من المستثمرين محليين وأجانب على الاستثمار في قطاع السياحة.
وحمل السنيني الأطراف والأحزاب السياسية المسؤولية الكاملة فيما آلت إليه الأوضاع في اليمن والذين عجزوا عن إيجاد حلُ للخروج من هذه الأوضاع مع أن الحلول ممكنة إذا ما توفرت النوايا الصادقة لديهم وبحث الجميع عن مصلحة البلد بدلا من البحث عن مصالح ومكاسب حزبية وشخصية.
وأكد وكيل الوزارة أن دوام الاستثمار السياحي وبقاءه يحتم البحث في بدائل مناسبة ولعل تفعيل الحركة السياحية الداخلية تمثل أهم البدائل للسياحة الخارجية ولكن لابد على الأجهزة الأمنية أن تقوم بتأمين مناطق الجذب السياحي ولابد من إيجاد رؤية مشتركة بين وزارة السياحة والمجالس المحلية والقطاع الخاص لتفعيل برامج السياحة الداخلية.

قد يعجبك ايضا