الموقف العـربي المتباين تجـاه المتـغير اليمـني الـراهـن

تبـاينت ردود فعـــل محيــط الجوار الجغرافي والعالم تجاه المتغير في انتقال السلطة داخل اليمن منذ مطلع فبراير الجاري بين معارض ومؤيد لهذا المتغير بينما لا زال البعض يراوح في اتخاذ الموقف المناسب حتى اللحظة.
والحقيقة المـرة المنتصبة أمـام هـذا التحول أنه يراد لليمن اللحاق بركب تلك الدول الغارقة في مستنقع الاحتراب الأهلي وإقحامه عنوة في إطار الصراع الاقليمي لحسابات لم تعد خافية على أحـد.
وإزاء هـذا المنحى الخطير الذي يدركه اليمنيون تحاول القوى السياسية والمكونات المجتمعية على الساحة التقاط الفرصة الأخيرة للخروج من عنق الزجاجة.. وهو أمر طيب ومحسوب لقوى التغيير التي لم تشأ الانفراد بالقرار أو الاستئثار بالسلطة وبمعزل عن باقي هذه القوى والمكونات.
ومن الطبيعي أن يكون المطلب الملح على أجندة استحقاق الحوار القائم تحكيم العقل والمنطق والحكمة التي اتسم بها أهل هذه البلدة الطيبة.. وبالتالي فإن ثمة مسؤوليات تحتم على هذه القوى تقديم التنازلات لبعضها والتعاطي المسؤول مع ما تبقى من بصيص أمل لإخراج الوطن من تلابيب الأزمة الراهنة.
ومن الطبيعي كذلك أن يعول الداخل اليمني على أشقائه في دول الجوار الجغرافي والدول العربية الأخرى بألا تكون مواقفها تجاه هذا المتغير مرهونة بقراءة مبتسرة أو محكومة بقناعات مسبقة حيث يتطلب الأمر راهنا إعادة التفكير في هذه القراءة باعتبار أن كيمياء الشخصية اليمنية بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الاقتراب منها وتقديم ومد يد العون إليها حتى تتمكن من استكمال الانتقال السلمي للسلطة دون كلفة تذكر خاصة وأن هذه الكلفة لن تنحصر انعكاساتها السلبية على اليمن وإنما ستمتد إلى منطقة الجوار الجغرافي والعالم.
وإذا كان ثمة موقف عربي متباين تجاه هذا المتغير فإن القرار اليمني الحكيم في تسوية الملعب السياسي والتوصل إلى قواسم مشتركة للتحول سريعا إلى الشرعية الدستورية وفقا لتأصيل الشراكة هو الخيار الكفيل بتصويب تلك المواقف العربية والتي يصل بعضها حد الاستعداء بالنظر إلى الضخ الإعلامي والسياسي المنحاز لقناعات أحادية الجانب لا ترى في ما يحدث في اليمن إلا من زاويا ضيقة.
وأخيرا أعتقد أن الوقت قد حان الآن لاختبار الحكمة اليمانية والتأكيد مجددا على أن خيارات السلم والشراكة بين الفرقاء جميعا هي المرجعية بالنسبة للجميع.. وبالتالي أهمية إسقاط تلك الرهانات والقراءات المغلوطة تجـاه المتغير الراهن.. وبحيث يكون اليمن سعيدا حقا بعد أن ظلمته الجغرافيا في أن يكون رقما صعبا في معادلات استقرار المنطقة والعالم.
