سهولة وعمق في السرد

علي أحمد عبده قاسم



شكل الشباب المبدع لوحة بديعة في الفترة الأخيرة وخاض الكتابة باقتدار في الأجناس الأدبية كلها سواء كانت رواية أو قصية قصيرة أو نص قصير جدا وفي المجال الشعري بمختلف مذاهبه وخصائصه علاوة عن المشاركات في المسابقات العربية وتمكن المبدع الشاب اليمني أن يتبوأ المراكز المتقدمة في تلك المسابقات والجوائز والذي يلفت النظر أن المبدع اليمني التزم بكل جوانب التميز الإبداعي رغم الظروف الشحيحة والصعبة ولعل جائزة رئيس الجمهورية للإبداع استطاعت أن تبرز الكثير من الشباب في كل المجالات من هؤلاء الشاب القاص / خالد الحيمي والذي فاز بالجائزة في فرع النص القصص القصيرة جدا في مجموعته الموسومة (مذبوحا كما يحلو لهم) المجموعة ضمت أربع مجموعات وهي: (مذبوحا كما يحلو لهم, منعطفات خطرة مشاعر قيد التعديل, بث تجريب لحكاية أخرى) في ست وثمانين صفحة من القطع الصغير .
امتاز النص بالسهولة والعمق والقدرة على استخدام اللغة بشكل إبداعي متواكب مع النص القصير من اختزال وتكثيف وادهاش ومفارقة إضافة إلى الغموض والرمزية إلا أن هناك تفاوتا في جزء يسير جدا من النصوص لا يرقى للنص القصير جدا للمباشرة الفجة والتي أغفلت شيئا من معايير وضوابط النص القصير وقد ذكرت بعضها لكنها في أغلبها العام نصوص عميقة وناضجة وتستحق القراءة والتأويل .
وإذا كان العنوان (مذبوحا كما يحلو لهم) ففيه شيء من دلالة التذمر وعدم الرضا خاصة وأن عبارة (كما يحلو لهم) عكست الرضا من طرف ليس هو راض عنه وليس براض عنهم والعنوان يعكس حالة تنم عن عدم التصالح مع الذات وحالة من الصراع الذي يعكس عدم التصالح مع المجتمع وصورة من صور الاستبداد للفكر والرؤية لاسيما والعنوان يعكس نوعا من الكبت والقهر لا سيما ومفارقة القصة تقول (صار سعيدا لا يحمل رأسا) أي فكرا ورؤية تجاه الحياة والناس .
ففي نص (يلعبها صبية صغار) يقول: (يختارون واحدا منهم ويجلسونه على صخرة بسيف صقيل يبترون عضوا من أعضائه يفعلون ذلك مع كل فرد من المجموعة فإذا انتهى الدور عند آخرهم جمعوا الأعضاء المبتورة وصنعوا منها تمثالا وانصرفوا ينحني التمثال يذهب يمارس اللعبة ذاتها في مكان آخر).
في هذه الحكاية يلحظ المتلقي كيف رسم النص طريقة اللعب لهذه اللعبة (يختارون يجلسون بسيف يبترون يفعلون مع كل فرد انتهى الدور جمعوا الأعضاء صنعوا ينصرفوا ينحن يذهب يمارس) وكأنها لعبة تدور بين مجموعة من الصبية وتلك قواعدها ومعاييرها وكأنها لعبة ممارسة لكن تأتي المفارقة في (ينحني التمثال يذهب يمارس اللعبة في مكان آخر) من ذلك تحولت اللعبة من لعبة اجتماعية لأطفال إلى لعبة سياسية ولعبة أخرى فيها بتروا فيها انتقال لتجد حالة من الإعاقة للمجتمع وحالة من الاستلاب وخلق أصنام وتماثيل مجازية على حساب العامة وبذلك فإن السياسة يلعبها مجموعة لا يختلفون عن الأطفال ويخلقون تماثيل مستبدة تبتر وتقهر وقد حاولت القراءة أن تخلق للنص نوعا من المفارقة والإدهاش على الرغم من واقعية النص وإذا كان النص القصير جدا فيه سخرية ويرسم صورة عصرية لآلام الإنسان ومعاناته وإذا تأمل القارئ (( نميمة )) فإنه يلحظ التسريع من ناحية استخدام الجمل وشيئا من المفارقة
(( جاري رجل مدقع مولع بالسياسة ونشرات الأخبار ويعارض ما يأتي فيها من أخبار الطقس يتذمر دائما من كل شيء زوجته أبنائه العمل المواصلات الأصدقاء وحين تحدق فيه زوجته بنظراتها النارية الساخطة يذوب كقطعة ثلج )) مما سبق سيلحظ المتلقي المفارقة ما بين يعارض ويذوب )) لترسم شيئا من عدم القدرة على التحكم في البيت ناهيك عن المعارضة السياسية فكانت المفارقة تأتي مجازية أعطت النص شيئا من الإدهاش .
ولأن النص القصير قد يختزل قضية وإنسانيا ويلتقط حالة أو حدثا ففي نص (( غموض )) يقول (( سار إلى جدث في خرائب أفكاره منح الأحجيات تراتيله متخما بالأنا مثقلا بالغموض ….. أسموه شاعرا )) .
هذه ومضة السخرية والاستهزاء بوصف النص في بنيته التعبيرية يرسم تلك الدلالة (( سار في جدث في خرائب الأفكار منح الاحجيات متخما )) فالجدث القبر والخرائب المكان البالي ويتوغل بالاستهزاء فيقول مثقلا بالأنا متخما بالغموض )) يلحظ المتلقي أن المقارنة ليست موجودة وتحول العنوان إلى فضح ومباشرة لومضة النص والمفترض أن لا يحدد فيقول شاعرا على الرغم من التسريع في الومضة في النص القصير .
وإذا كانت النهاية في القصة القصيرة جدا تأتي مخادعة لتخلق المفارقة والإدهاش فإن النص السردي استطاع أن يرسم ذلك بتمكن في كثير من النصوص السردية ففي نص (( ضياع )) يقول : (( في الطريق إلى أول موعد غرامي أضاع عينيه وعندما عاد للبحث عنهما وجد عماه يتأبط ذراع حبيته )) فالمتلقي سيلحظ مباشرة المكان والزمان في (( الطريق إلى موعد غ

قد يعجبك ايضا